للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عرف الشرع: (عقد لحل تمتع): أي استمتاع وانتفاع وتلذذ (بأنثى) وطئاً ومباشرة وتقبيلاً وضماً وغير ذلك، وقوله: "لحل" إلخ: علة باعثة على العقد، وخرج به سائر العقود ما عدا المحدود والشراء للأمة وإن لمستولدها؛ إذ ليس الأصل فيه حل التمتع بل الانتفاع العام وملك الذات فلا يدخل في الحدود ووصف الأنثى بقوله: (غير محرم) بنسب أو رضاع أو صهر فلا يصح على محرم.

(و) غير (مجوسية) إذ لا يصح عقد على مجوسية ولو حرة (و) غير (أمة كتابية) مملوكة لهم أم لا، إذ لا يصح عقد على الأمة المذكورة، بخلاف الحرة الكتابية، والحد شامل لها فإن قيل: كان الأولى أن يقول: بأنثى خالية من مانع شرعي فتخرج المحرم والمجوسية والأمة الكتابية، ويخرج أيضاً الملاعنة والمبتوتة والمعتدة من غيره والمحرمة بحج أو عمرة؟ فالجواب: أنه قصد بما ذكره إخراج من قام بها مانع أصلي، وأما الملاعنة وما عطف عليها فمانعهن عرضي طارئ بعد الحل، بخلاف "المحرم" وما بعدها. وسيذكر العرضي في الشروط.

(بصيغة): متعلق بعقد فهو من تمام الحد، وسيأتي بيانها. (لقادر) على ما يتحصل به النكاح من صداق ونفقة (محتاج) له إما لكسر شهوته أو لإصلاح منزله وإن لم يرج نسلاً (أو راج نسلاً) وإن لم يكن محتاجاً [١] متعلق بقوله: "ندب النكاح" وليس من الحد، وإنما اعترض بذكر الحد بين العامل والمعمول.

ثم فرع على ذكر التعريف قوله: (فركنه) مفرد مضاف يعم جميع الأركان: أي إذا علمت أنه عقد إلخ فتكون أركانه ثلاثة؛ لأن العقد لا يحصل إلا من اثنين على حل شيء بما يدل عليه:

ــ

فإن لم يخش ندب له رجا النسل أم لا، ولو قطعه عن عبادة غير واجبة. وغير الراغب إن خاف به قطعه عن عبادة غير واجبة كره، رجا النسل أم لا، وإن لم يخش ورجا النسل ندب، فإن لم يرج أبيح. واعلم أن كلاً من قسم المندوب والجائز والمكروه مقيد بما إذا لم يكن موجب التحريم، والمرأة مساوية للرجل في هذه الأقسام إلا في التسري.

قوله: [في عرف الشرع عقد] إلخ: هذا هو الراجح من قولين حكاهما ابن عبد السلام حيث قال: اختلف هل هو حقيقة في كل واحد من العقد والوطء أو في إحداهما وما هو محل الحقيقة؟ قال والأقرب أنه حقيقة لغة في الوطء مجاز في العقد، وفي الشرع على العكس إلخ. وفائدة الخلاف إن زنى بامرأة هل تحرم على ابنه وأبيه على أنه حقيقة في الوطء أم لا تحرم على أنه مجاز في الوطء. إن قلت مقتضى كونه حقيقة في العقد حل المبتوتة بمجرده كما هو ظاهر الآية الكريمة.

والجواب أن الآية خصصت بالحديث وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «حتى تذوقي عسيلته» إلخ والإجماع موافق للحديث فتأمل.

قوله: [إذ ليس الأصل فيه حل التمتع]: أي بخصوصه بل الأصل فيه ملك الذات كما قاله الشارح والتمتع من توابع ملك الذات، بخلاف عقد النكاح فلا يملك من المرأة إلا الانتفاع لا الذات ولا المنفعة، فلذلك كان له منها الانتفاع بنفسه فقط.

قوله: [بنسب] إلخ: محرم النسب هو المذكور في قوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم} [النساء: ٢٣] الآية ومحرم الرضاع مثله، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب»، ومحرم الصهر أمهات الزوجة وبناتها وزوجات الأصول، وزوجات الفروع، وسيأتي بيان ذلك مفصلاً إن شاء الله تعالى.

قوله: [إذ لا يصح عقد على مجوسية] إلخ: ولذلك لو أسلم وتحته مجوسية فإنه يفسخ نكاحها، ولا يقر عليها بحال ما دامت مجوسية كما يأتي.

قوله: [إذ لا يصح عقد على الأمة المذكورة]: أي ولو خشي العنت ولم يجد للحرائر طولاً ولا يقر عليها إن أسلم، وهي تحته، بخلاف الأمة المسلمة فله نكاحها بالشرطين ويقر عليها إن أسلم وإن لم يوجد الشرطان.

قوله: [فتخرج المحرم والمجوسية] إلخ: أي ويكون الحد جامعاً مانعاً.

قوله: [فالجواب أنه قصد بما ذكره] إلخ: محصل الجواب أن الحد ما كان بالذاتيات لا بالعرضيات، إذ لا يلتفت لها في الحدود فلذلك التفت للمانع الأصلي فقط، لأن الحدود لبيان الحقائق صحيحة أو فاسدة لعارض، فلذلك لا يعتبر فيها إخراج العرضيات فحيث كان التعريف جامعاً مانعاً من حيث الذاتيات كفى، ولا يلتفت لكونه غير مانع من حيث العرضيات كما هو معلوم.

قوله: [فهو من تمام الحد]: أي لأنها أحد الأركان فهي من جملة ذاتيات الماهية.

قوله: [وسيأتي بيانها]: أي في قوله "والصيغة هي اللفظ الدال عليه كأنكحت وزوجت" إلخ.

قوله: [لقادر]: أي وأما غير القادر فلا يندب له بل هو حرام إن لم يخف على نفسه العنت كما تقدم.

قوله: [محتاج] إلخ: تقدم تفصيل ذلك في الحاصل.

قوله: [ثم فرع على ذكر التعريف]: إنما فرع الأركان على التعريف لتضمنه لها فهو من باب ذكر الشيء مجملاً ثم مفصلاً فيكون أوقع في النفس.

قوله: [مفرد مضاف] إلخ: جواب عن سؤال وارد وهو أن الركن مبتدأ وهو شيء واحد، وأخبر عنه بمتعدد فأجاب بما ذكر.

قوله: [لأن العقد لا يتحصل] إلخ: بيان لحصر الأركان في الثلاثة. ولماهية العقد من حيث هي سواء كان عقد نكاح أو بيع مثلاً، فالاثنان في النكاح الزوج وولي الزوجة، وفي البيع البائع والمشتري، وقوله [على حل شيء] كناية عن المعقود عليه زوجة


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (وهو).

<<  <  ج: ص:  >  >>