للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب الصلاة]

(الوقت المختار للظهر من الزوال لآخر القامة بغير ظل الزوال، وهو أول وقت العصر، للاصفرار، واشتركا فيه بقدرها): هذا الباب يذكر فيه أحكام الصلاة - وأوقاتها وشرائطها وما يتعلق بذلك.

والوقت إما اختياري وإما ضروري، وهو الذي لا يجوز لغير المعذورين تأخير الصلاة إليه. فالاختياري للظهر من زوال الشمس عن وسط السماء إلى أن يصير ظل كل شيء [١] قدر قامته، وقامة كل إنسان سبعة أقدام بقدم نفسه أو أربعة أذرع بذراع نفسه، وتعتبر [٢] قامة كل شيء بغير ظل الزوال، وهو ما قبل الزوال. وذلك لأن الشمس إذا أشرقت ظهر لكل شخص ظل ممتد لجهة المغرب، فكلما ارتفعت نقص الظل، فإذا وصلت وسط السماء وهو وقت الاستواء تم نقصانه. وطوله يختلف باختلاف الأزمنة، فقد يكون قدر قامة وثلث قامة كما في أول فصل الشتاء، وقد يكون سدس القامة كما في بئونة وأبيب. وقد لا يكون من أصله كما في مكة في بعض الأحيان، فإذا زالت الشمس عن وسط السماء إلى جهة المغرب أخذ الظل في الزيادة، وذلك أول وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، فذلك آخر وقت الظهر الاختياري.

وأول وقت العصر إلى اصفرار الشمس،

ــ

[باب الصلاة]

لما أكمل الكلام عن كتاب الطهارة - الذي أوقع الباب موقعه، إذ هي آكد شروط الصلاة - أتبع ذلك بالكلام على بقية شروطها وأركانها وسننها ومندوباتها ومبطلاتها. وترجم عن هذه الأحكام [بباب] مكان ترجمة غيره بكتاب. والصلاة لغة: الدعاء وبمعنى البركة والاستغفار، وشرعاً: قال ابن عرفة: قربة فعلية ذات إحرام وسلام أو سجود فقط، فيدخل سجود التلاوة وصلاة الجنازة. اهـ. وافتتح المصنف باب الصلاة بوقتها، لأنه إما شرط في صحتها ووجوبها كما قال بعضهم، أو سبب يلزم من وجوده وجود خطاب المكلف بالصلاة، ويلزم من عدمه عدم خطاب المكلف بها - كما قاله القرافي وهو الظاهر - وهو المأخوذ من كلام المؤلف أعني خليلاً، وتبعه مصنفنا لتأخير الشرط عنه لأنه ذكره ثم ذكر الأذان، ثم ذكر الشروط بعد ذلك. اهـ. من الخرشي. قال شيخنا في مجموعه: وهي من أعظم العبادات فرضاً ونفلاً، وقد ساق الحطاب جملة من تطوعها وعد منه: صلاة التسابيح. وركعتين بعد الوضوء وركعتين عند الحاجة، وعند السفر. والقدوم، وبين الأذان، والإقامة إلا المغرب. ومن الحاجة: صلاة التوبة التي ذكرها بعض العارفين، وكل خير حسن. قيل مشتقة من الصلة وهو إما من باب الاشتقاق الكبير الذي لا يراعى فيه الترتيب، أو أنها علفة وأصلها دخلها القلب المكاني بتأخير الفاء عن لام الكلمة. فصار صلوة ثم الإعلالي بقلب الواو ألفاً. وقيل: من صليت العود بالتشديد: قومته بالنار. واعترضه النووي بأن لامه ياء ولامها واو. فأجيب بأنها تقلب ياء من المضعف مع الضمير كزكيت من الزكاة. قال الدميري: وكأنه اشتبه عليه بقولهم: صليت اللحم صلياً كرميته رمياً إذا شويته. وقد يقال المادة واحدة. اهـ.

قوله: [الوقت] إلخ: هو مبتدأ والمختار صفته، وللظهر متعلق بمحذوف مبتدأ ثان أي ابتداؤه للظهر.

وقوله: [من الزوال]: خبر المبتدأ الثاني، والثاني وخبره خبر الأول.

وقوله: [لآخر القامة]: حال من الضمير في الخبر. وإنما بدأ ببيان وقت الظهر لأنها أول صلاة صليت في الإسلام، ولذلك سميت بالظهر. واعلم أن معرفة الوقت عند القرافي فرض كفاية يجوز التقليد فيه، وعند صاحب المدخل فرض عين، ووفق بينهما بحمل كلام صاحب المدخل على أن المراد أنه لا يجوز للشخص الدخول في الصلاة حتى يتحقق دخول الوقت، وهذا لا ينافي جواز التقليد فيه انظر (بن).اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: أحكام الصلاة أي من وجوب وندب وغير ذلك.

قوله: [وأوقاتها]: أي التي تؤدى فيها؛ اختيارية أو ضرورية.

قوله: [وشرائطها]: جمع شرط، وهي ثلاثة أقسام شروط وجوب فقط، وشروط صحة فقط، وشروط وجوب وصحة معاً.

قوله: [وما يتعلق بذلك]: أي من بيان الأركان والسنن والفضائل والمكروهات والمبطلات وسجود السهو وغير ذلك.

قوله: [والوقت]: أي الزمان المقدر للعبادة شرعاً.

قوله: [لغير المعذورين]: وأما المعذورون فيجوز وسيأتي بيانهم.

قوله: [من زوال الشمس]: أي ميلها.

قوله: [عن وسط السماء]: أي بأن تميل لجهة المغرب.

قوله: [قدر قامته]: هو معنى قول غيره: حتى يصير ظل كل شيء مثله.

قوله: [وطوله يختلف إلخ]: أي قدر الباقي بعد تمام القدر المذكور.

وقوله: [يختلف] إلخ: أي بحسب الأشهر القبطية، وهي توت فبابه فهاتور فكيهك فطوبة فأمشير فبرمهات فبرمودة فبشنس فبؤنة فأبيب فمسرى، وقدم جعل بعضهم لذلك ضابطاً بقوله: "طزه جبا أبد وحي، فالطاء قدر أقدام ظل الزوال بطوبة، والزاي لأقدام أمشير وهكذا لآخرها.

قوله: [كما في مكة في بعض الأحيان]: أي وزيد مرتين في السنة وبالمدينة الشريفة مرة، وهو أطول يوم فيها، قال في حاشية الأصل: بيان ذلك أن عرض المدينة أربع وعشرون درجة، وعرض مكة إحدى وعشرون درجة وكلاهما شمالي، والمراد بالعرض: بعد سمت رأس أهل البلد عن دائرة المعدل والميل الأعظم أربع وعشرون درجة


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (بذراع).
[٢] في ط المعارف: (وتعد).

<<  <  ج: ص:  >  >>