للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ومنع صحة طواف، واعتكاف وصلاة، وصوم، ووجوبهما وقضاء الصوم بأمر جديد): قوله: ووجوبهما عطف على صحة أي منع الحيض صحة ما ذكر. ومنع وجوب الصلاة والصوم؛ فلا يجبان على الحائض. كما لا يصحان منها أما الصلاة فظاهر، وأما الصوم فمشكل؛ إذ عدم وجوبه يقتضي عدم قضائه مع أنها تقضيه، والجواب أن قضاءه بأمر من الشارع جديد؛ أي غير ما يقتضيه عدم الوجوب.

(وحرم به طلاق، وتمتع بما بين سرة وركبة، حتى تطهر بالماء، ودخول مسجد، ومس مصحف لا قراءة): أي يحرم على الزوج أن يطلق زوجته أيام حيضها وإن وقع منه لزمه وأجبر على رجعتها إن كان رجعياً. وهذا في المدخول بها إذا لم تكن حاملاً، - وإلا لم يحرم. وحرم أيضاً على الزوج أو السيد أن يستمتع بزوجته أو أمته بوطء فقط بما بين سرتها وركبتها، وحرم عليها تمكينه من ذلك. ويجوز بما عدا ذلك؛ فيجوز تقبيلها واستمناؤه بيدها وثدييها وساقيها ومباشرة ما بين السرة والركبة، بأي نوع من أنواع الاستمتاع - ما عدا الوطء- كما دلت عليه نصوص الأئمة، خلافاً لمن منعه، وتستمر حرمة الاستمتاع بما بين السرة والركبة حتى تطهر بالماء لا بالتيمم، فإذا لم تجد الماء فلا يقربها بالتيمم إلا لشدة ضرر. ويحرم على الحائض أيضاً دخول مسجد ومس مصحف ولا يحرم عليها قراءة القرآن إلا بعد انقطاعه وقبل غسلها، سواء كانت جنباً حال حيضها أم لا، فلا تقرأ بعد انقطاعه مطلقاً حتى تغتسل. هذا هو المعتمد.

(والنفاس: ما خرج للولادة معها أو بعدها، ولو بين توأمين): أي أن النفاس هو الدم الخارج من قبل المرأة عند ولادتها مع الولادة أو بعدها. وأما ما خرج قبلها، فالراجح أنه حيض. فلا يحسب من الستين يوماً. وبالغ بقوله: ولو بين إلخ: - للرد على من يقول: ما خرج بين التوأمين حيض ولا تحسب الستون يوماً إلا من خروج الثاني. والتوأمان: الولدان في بطن إذا كان بينهما أقل من ستة أشهر.

(وأكثره ستون يوماً) أي أن أكثر النفاس ستون يوماً، فما زاد عليها فاستحاضة، فإن تقطع لفقت الستين، وتغتسل كلما انقطع وتصوم وتصلي، فإن انقطع نصف شهر فقد تم الطهر وما نزل عليها بعد ذلك حيض. وعلامة الطهر منه جفوف أو قصة وهي أبلغ، ويمنع ما منعه الحيض، وهذا معنى قوله (والطهر منه وتقطعه ومنعه كالحيض).

ــ

المغرب والعشاء، فيستصحب الأصل لضرورة النوم، ولذلك لو شكت هل طهرت - قبل الفجر أو بعده - سقطت صلاة العشاء. (بن).

قوله: [بأمر جديد]: وإنما وجب قضاؤه بأمر جديد من الشارع دون الصلاة لخفة مشقته بعدم تكرره.

قوله: [وحرم به طلاق]: أي ولو أوقعه على من تقطع طهرها لأنه يوم حيض حكماً كما ذكره الأصل. واعتراض (بن) بأنه للحرمة فيه نظر.

قوله: [وأجبر على رجعتها]: أي ولو أوقعه في حال تقطع طهرها بناء على حرمة الطلاق فيها.

قوله: [وإلا لم يحرم]: أي وإلا بأن كانت غير مدخول بها، أو كانت حاملاً فلا حرمة، على أن حرمة الطلاق في الحيض معللة بتطويل العدة.

قوله: [كما دلت عليه] إلخ: ففي (بن): الذي لابن عاشر ما نصه ظاهر عباراتهم جواز الاستمتاع بما تحت الإزار بغير الوطء من لمس ومباشرة ونظر حتى للفرج. وقال أبو علي المسناوي: نصوص الأئمة تدل على أن الذي يمنع تحت الإزار هو الوطء فقط لا التمتع بغيره خلافاً للأجهوري ومن تبعه.

قوله: [لا بالتيمم]: أي ولو كانت من أهل التيمم، خلافاً لمن قال: إذا كانت من أهله جاز وطؤها ولو لم يخف الضرر.

قوله: [دخول مسجد]: أي فلا تعتكف ولا تطوف.

قوله: [ومس مصحف]: أي ما لم تكن معلمة أو متعلمة.

قوله: [هذا هو المعتمد]: وهو الذي رجحه الحطاب، وهو الذي قاله عبد الحق كما أن المعتمد أنه يجوز لها القراءة حال استرسال الدم عليها كانت جنباً أم لا كما صدر به ابن رشد في المقدمات، وصوبه واقتصر عليه في التوضيح.

قوله: [فلا يحسب من الستين]: وأما على القول بأنه نفاس، فإن أيامه تضم لما بعد الولادة وتحسب من الستين، وتظهر فائدة الخلاف أيضاً في المستحاضة إذا رأت هذا الدم الخارج قبل الولادة لأجلها، فهل هو نفاس يمنع الصلاة والصوم أو دم استحاضة تصلي معه وتصوم.

قوله: [وبالغ] إلخ: أي فعلى القول بأنه نفاس إن كان بينهما أقل من شهرين فاختلف: هل تبني على ما مضى لها ويصير الجميع نفاساً واحداً؟ وإليه ذهب أبو محمد البرادعي وهو المعتمد، أو تستأنف للثاني نفاساً آخر؟ وإليه ذهب أبو إسحاق التونسي. وأما إن كان بينهما شهران فلا خلاف أنها تستأنف. ومحل القولين ما لم يتخللهما أقل الطهر كما قيد به النفراوي، وإلا فتستأنف للثاني نفاساً جزماً. قال في المجموع: وهو وجيه وإن لم يذكروه.

قوله: [أقل من ستة أشهر]: أي قلة لها بال، كستة أيام فأكثر. وأما لو كان بينهما ستة أشهر فأكثر كانا بطنين. لكن توقف فيه شيخنا بأن الثاني قد يتأخر لأقصى أمد الحمل، ولا يكون من يلحق به الثاني فيلحق بالأول، ولا تتم العدة إلا بهما، وتكون منكوحة في العدة إذا لم يمض لوطء الثاني أقل الحمل كما يأتي. وهذا يقتضي أنهما حمل واحد فيكونان توأمين. اهـ من حاشية شيخنا على مجموعه.

قوله: [ستون]: أي ولا عادة ولا استظهار، فقد علم من الباب أربعة لا تستظهر واحدة منهن، وهي: المبتدأة، والحامل، والمستحاضة، والنفساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>