[باب في بيان أحكام الرضاع]
(يحرم) بضم حرف المضارعة وتشديد الراء مكسورة (الرضاع) فاعل يحرم وهو بفتح الراء وكسرها مع إثبات التاء وتركها، (بوصول لبن امرأة): أي أنثى لا ذكر، قال عياض: ذكر أهل اللغة أن لا يقال في بنات آدم لبن. وإنما يقال: لبان واللبن للحيوان من غير بني آدم، ولكن جاء في الحديث خلاف قولهم اهـ (وإن) كانت (ميتة أو) كانت (صغيرة لم تطق) الوطء إن قدر أن بها لبناً.
ــ
فيه أنه لا يتأتى لحوقه بالثاني إلا إذا أتت به لستة أشهر من وطئه بعد حيضة، الشرح ليس كذلك، فالإشكال باق لأنه إن كان أمد حملها أقل مما ذكر كان لاحقاً بالأول لا بالثاني، فالأولى الاقتصار على الجواب الثاني.
تتمة: ذكر المصنف التداخل باعتبار موجبين وترك ما إذا كان الموجب واحداً ولكن التبس بغيره فالحكم فيه، إما أن يكون الالتباس من جهة محل الحكم وهو المرأة، أو من جهة سببه.
فمثال الأول: كمرأتين تزوجهما رجل إحداهما بنكاح فاسد والأخرى بصحيح كأختين من رضاع، ولم تعلم السابقة منهما أو كلتاهما بنكاح صحيح، لكن إحداهما مطلقة بائناً وجهلت، ثم مات الزوج في المثالين فيجب على كل أقصى الأجلين وهي أربعة أشهر وعشر عدة الوفاة، لاحتمال كونها المتوفى عنها، وثلاثة أقراء لاحتمال كونها التي فسد نكاحها في المثال الأول، أو التي طلقت بائناً في المثال الثاني.
ومثال الثاني: كمستولدة ومتزوجة بغير سيدها، مات السيد والزوج معاً غائبين، وعلم تقدم موت أحدهما على الآخر ولم يعلم السابق منهما فلا يخلو حالهما من أربعة أوجه: فإن كان بين موتيهما أكثر من عدة الأمة، أو جهل مقدار ما بينهما هل هو أقل أو أكثر أو مساو، فيجب عليها عدة حرة في الوجهين احتياطاً لاحتمال سبق موت السيد، فيكون الزوج مات عنها حرة وما تستبرأ به الأمة وهي حيضة، إن كانت من أهل الحيض لاحتمال موت الزوج أولاً وقد حلت للسيد فمات عنها بعد حل وطئه لها، فلا تحل لأحد إلا بعد مجموع الأمرين، وأما إن كان بين موتيهما أقل من عدة الأمة كما لو كان بين موتيهما شهران فأقل، وجب عليها عدة الحرة فقط لاحتمال موت السيد أولاً، فيكون الزوج مات عنها حرة وليس عليها حيضة استبراء؛ لأنها لم تحل لسيدها على تقدير موت الزوج أولاً، وهل حكم ما إذا كان بين موتيهما قدر عدة الأمة كالأقل فيكتفى بعدة الحرة أو كالأكثر فتمكث عدة حرة وحيضة؟ قولان. اهـ من الأصل.
[باب في بيان أحكام الرضاع]
لما كان الرضاع محرماً لما حرمه النسب ومندرجاً فيما تقدم من قوله، وحرم أصوله وفصوله، شرع في بيان شروطه وما يتعلق به، فبين في هذا الباب مسائل الرضاع وما يحرم منه وما لا يحرم.
قوله: [وهو بفتح الراء] إلخ: وهو من باب سمع، وعند أهل نجد من باب ضرب، والمرأة مرضع إذا كان لها ولد ترضعه فإن وصفتها بإرضاعه قيل مرضعة.
قوله: [لا ذكر]: أي فلا يحرم ولو كثر، والظاهر أن لبن الخنثى المشكل ينشر الحرمة كما في (عب) عن التتائي قياساً على الشك في الحدث احتياطاً. واختلف في لبن الجنية، فقال (عب): لا ينشر الحرمة وتوقف فيه ولده، واستظهر بعض الأشياخ أن يجري على الخلاف في نكاحهم.
قوله: [ولكن جاء في الحديث] إلخ: أي وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «لبن الفحل يحرم».
قوله: [وإن كانت ميتة] أي هذا إذا كانت تلك المرأة حية، بل وإن كانت ميتة رضعها الطفل أو حلب له منها، وعلم أن الذي بثديها لبن أو شك هل هو لبن أو غيره، وأما لو شك هل كان فيها لبن أم لا فلا يحرم، لأن الأصل العدم ورد بالمبالغة على ما حكاه ابن بشير وغيره من القول الشاذ بعدم تحريم لبن الميتة؛ لأن الحرمة لا تقع بغير المباح ولبن الميتة نجس على مذهب ابن القاسم فلا يحرم والمعول عليه أنه طاهر ويحرم.
قوله: [لم تطق الوطء] أي فمحل الخلاف إن لم تطق الوطء، أما المطيقة فتنشر الحرمة اتفاقاً، وكذلك العجوز التي قعدت عن الولد لبنها محرم كما لابن عرفة عن ابن رشد، ونص ابن عرفة وقول ابن عبد السلام، قال ابن رشد: ولبن الكبيرة التي لا توطأ لكبر لغو لا أعرفه، بل في مقدماته تقع الحرمة بلبن البكر والعجوز التي لا تلد، وإن كان