للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دفع) ذلك العبد (إليه) أي لمن جاء بالكتاب المذكور بلا توقف على بينة ولا غيرها (إن طابق) الوصف المذكور في الكتاب وصفه الخارجي، والله أعلم.

(باب)

في بيان أحكام القضاء وشروطه

القضاء في اللغة يطلق على معان مرجعها إلى انقضاء الشيء وتمامه فيطلق على الأمر، نحو: {وقضى ربك} [الإسراء: ٢٣] أي: أمر {ألا تعبدوا إلا إياه} [الإسراء: ٢٣] وعلى الأداء نحو قضيت الدين، ومنه: {فإذا قضيتم الصلاة} [النساء: ١٠٣] وعلى الفراغ، نحو: {وقضي [١] الأمر} [البقرة: ٢١٠] أي فرغ وعلى الفعل نحو: {فاقض ما أنت قاض} [طه: ٧٢] وعلى الإرادة نحو: {فإذا قضى أمراً} [غافر: ٦٨] وعلى الموت نحو: {قضى نحبه} [الأحزاب: ٢٣]، ومنه: {ليقض علينا ربك} [الزخرف: ٧٧] وعلى الحكم والإلزام، نحو: قضيت عليك كذا.

وفي الشرع: هو حكم حاكم أو محكم بأمر ثبت عنده كدين، وحبس، وقتل، وجرح، وضرب، وسب، وترك صلاة ونحوها، وقذف، وشرب، وزنا، وسرقة، وغصب، وعدالة وضدها، وذكورة، وأنوثة، وموت، وحياة، وجنون، وعقل، وسفه، ورشد، وصغر، وكبر، ونكاح، وطلاق، ونحو ذلك؛ ليرتب على ما ثبت عنده مقتضاه أو حكمه بذلك المقتضى مثاله: لو ثبت عنده دين أو طلاق، فالحكم تارة بالدين أو الطلاق، ليرتب على ذلك الغرم أو فراقها وعدتها أو يحكم بالغرم أو الفراق لما ثبت عنده على حسب ما يقتضيه الحال من الرفع له.

والحكم: الإعلام على وجه الإلزام. والقاضي: الحاكم بالأمور الشرعية أي: من له الحكم حكم أو لم يحكم ولا يستحقه شرعاً إلا من توافرت فيه شروط أربعة، أشار لها بقوله: (شرط القضاء) أي شرط صحته (عدالة) أي كونه عدلاً أي عدل شهادة، ولو عتيقاً عند الجمهور، والعدالة تستلزم الإسلام والبلوغ والعقل والحرية وعدم الفسق (وذكورة)

ــ

الدفع له حوزاً لا ملكاً، وقد يقال فائدته دفع النزاع ممن يطرأ.

قوله: [دفع ذلك العبد إليه]: ما ذكره المصنف هنا لا يخالف ما يأتي في القضاء من أن كتاب القاضي وحده لا يفيد؛ لاحتمال تخصيص ما يأتي بهذا وذلك لخفة الأمر هنا لأن له أخذه حوزاً من غير كتاب بمجرد الوصف.

[باب في بيان أحكام القضاء]

أي مسائله وقوله: [وشروطه]: أي الأربعة الآتية، وهو من العقود الجائزة من الطرفين كالجعالة والقراض قبل الشروع في كل منهما، والمغارسة والتحكيم والوكالة وأصله قضاي لأنه من قضيت إلا أن الياء لما جاءت بعد الألف قلبت همزة والجمع الأقضية والقضايا.

قوله: [يطلق على معان]: ذكر الشارح منها سبعة فهو من المشترك اللفظي كعين.

قوله: [أي أمر] إلخ: أي أمراً جازماً. وقد اختلف أهل التفسير في معنى قوله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} [الإسراء: ٢٣] فالأكثر على أنه بمعنى أمر لا حكم إذ لو كان بمعنى حكم لم يقع غير ما حكم به، ابن عطية، ويصح أن يكون بمعنى حكم على أن الضمير في ألا تعبدوا إلا إياه، للمؤمنين.

قوله: [نحو {فاقض ما أنت قاض} [طه: ٧٢]]: أي افعل الذي تريده وهو من كلام السحرة لفرعون حين آمنوا بالله.

قوله: [نحو {قضى نحبه} [الأحزاب: ٢٣]]: النحب في الأصل النذر أي قضى نذره، وذلك كناية عن الموت، لأن النذر لازم الحصول كالموت.

قوله: [ومنه]: أي من معنى الموت، فمعنى: {ليقض علينا ربك} [الزخرف: ٧٧] أنهم يطلبون الموت لأنفسهم من الله، قال تعالى: في الآية الأخرى: {ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت} [إبراهيم: ١٧]، وفي آية: {لا يموت فيها ولا يحيا} [الأعلى: ١٣]، وبقي من المعاني اللغوية إتيانه بمعنى العلم نحو قضيت لك بكذا أعلمتك به، ومن هنا يسمى المفتي والمدرس قاضياً لأنه معلم بالحكم والكتابة ومنه {وكان أمراً مقضياً} [مريم: ٢١]، والفصل ومنه: {وقضي بينهم بالحق} [الزمر: ٦٩]، والخلق ومنه: {فقضاهن سبع سماوات} [فصلت: ١٢]، كذا في (بن).

قوله: [حاكم أو محكم] الحاكم ما كان مقاماً من طرف السلطان، والمحكم ما كان مقاماً من طرف الأخصام، وحكم المحكم لا يكون في جميع المسائل بخلاف حكم الحاكم، وسيأتي ذلك.

قوله: [كدين] إلخ: جميع ما ذكره يأتي فيه قضاء الحاكم ولا يأتي قضاء المحكم إلا في البعض، لقوله فيما يأتي "وجاز تحكيم عدل" إلخ.

قوله: [ليرتب]: متعلق بمحذوف علة غائية لقوله "حكم حاكم" إلخ، تقديره هو إنما جعل له الحكم فيما ذكر ليرتب.

قوله: [أو حكمه بذلك المقتضى]: هذا التنويع غير ظاهر بل التعريف تام المعنى بدون هذا التنويع وتمثيله الآتي لا يظهر منه صحة هذا التنويع فتأمل.

قوله: [والحكم الإعلام] إلخ: راجع لقوله أول التعريف "حكم حاكم".

قوله: [والقاضي] إلخ: أي المشتق من القضاء بالمعنى الاصطلاحي قوله: [أي من له الحكم]: أي استحقاق الحكم.

قوله: [عدالة]: أي فغير العدل لا يصح قضاؤه ولا ينفذ حكمه.

قوله: [عدل شهادة]: أي لا رواية وسيأتي شروط عدل الشهادة.

قوله: [عند الجمهور]: أي خلافاً لسحنون حيث قال: يمتنع تولية العتيق قاضياً لاحتمال أن يستحق فترد أحكامه.

قوله: [تستلزم] إلخ: أي من استلزام الكل لأجزائه لأن


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (قضي).

<<  <  ج: ص:  >  >>