للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يصح من أنثى ولا خنثى (وفطنة) فلا يصح من بليد مغفل ينخدع بتحسين الكلام ولا يتنبه لما يوجب الإقرار أو الإنكار وتناقض الكلام فالفطنة: جودة الذهن وقوة إدراكه لمعاني الكلام.

(وفقه) أي علم بالأحكام الشرعية التي ولي للقضاء بها (ولو مقلداً): لمجتهد عند وجود مجتهد مطلق (وزيد للإمام الأعظم) شرط خامس وهو (قرشي) أي كونه قرشياً: أي من قريش، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخلافة في قريش. وقريش هو فهر، وقيل: هو النضر. وفهر هو ابن مالك بن النضر. ولا يشترط أن يكون عباسياً ولا علوياً، ولم يقم دليل على أن الأولى أن يكون عباسياً. فدعوى أن الأولى كونه عباسياً خالية عن دليل. وقد اجتمعت الصحابة على خلافة الصديق وهو تيمي، ثم عمر بن الخطاب وهو عدوي، ثم عثمان وهو أموي، ثم علي وهو هاشمي، والكل من قريش. ثم استقرت الخلافة في بني أمية أولهم معاوية رضي الله عنه، ثم في بني العباس، ثم اختلطت حتى جعلت في العتقاء، والله أعلم.

(فحكم) المقلد من خليفة أو قاض وجوباً (بقول مقلده) بفتح اللام يعني بالراجح من مذهبه سواء كان قوله أو قول أصحابه، لا بالضعيف ولا بقول غيره من المذاهب، وإلا نقض حكمه، إلا أن يكون للضعيف مدرك [١] ترجح عنده وكان من أهل الترجيح. وكذا المفتي. ويجوز للإنسان أن يعمل بالضعيف لأمر اقتضى ذلك عنده، وقيل: بل يقلد قول الغير إذا كان راجحاً في مذهب ذلك الغير. فإن قيل: ما فائدة ذكر الأقوال الضعيفة في كلامهم إذا كان لا يجوز العمل بها ولا الفتوى؟ قلنا: أمور ثلاثة: الأول: اتساع النظر والعلم بأن الراجح المذكور ليس بمتفق عليه.

ــ

العدالة وصف مركب من هذه الأمور الخمسة.

قوله: [فلا يصح من أنثى ولا خنثى]: أي ولا ينفذ حكمهما.

قوله: [ينخدع بتحسين الكلام]: أي كلام الأخصام.

قوله: [جودة الذهن]: أي العقل أي فمجرد العقل التكليفي لا يكفي لمجامعته للغفلة، بل لا بد من أصل الفطنة ويستحب كونه غير زائد فيها كما يأتي.

قوله: [التي ولي للقضاء بها]: أي فلا يشترط علمه بجميع أحكام الفقه إلا إن كان مولى في جميع الأحكام، ويسمى عند الفقهاء بقاضي الجماعة، فإن كان مولى في شيء خاص كالأنكحة اشترط علمه بها فقط، وهكذا قوله: [ولو مقلداً لمجتهد]: أي على المعتمد خلافاً لما مشى عليه خليل، حيث قال مجتهد إن وجد وإلا فأمثل مقلد، والمراد بالمجتهد المطلق كالشافعي ومالك. واعلم أن المجتهد ثلاثة أقسام: مجتهد مطلق، ومجتهد مذهب، ومجتهد فتوى؛ فالمطلق كالصحابة وأهل المذاهب الأربعة، ومجتهد المذهب هو الذي يقدر على إقامة الأدلة في مذهب إمامه كابن القاسم وأشهب، ومجتهد الفتوى هو الذي يقدر على الترجيح ككبار المؤلفين من أهل المذهب، والأصح أن الترتيب بين هذه المراتب في القضاء مندوب.

قوله: [وزيد للإمام الأعظم]: اعلم أن تلك الشروط إنما تعتبر في ولاية الإمام الأعظم ابتداء لا في دوام ولايته إذ لا ينعزل بعد مبايعة أهل الحل والعقد له بطرو فسق غير كفر كما يأتي.

قوله: [جعل الخلافة في قريش]: أي لأمره بذلك في جملة أحاديث كثيرة صحيحة متواترة.

قوله: [وقريش هو فهر]: أي لقول العراقي في السيرة:

أما قريش فالأصح فهر ... جماعها والأكثرون النضر

قوله: [ولا يشترط أن يكون عباسياً] إلخ: أي ولا يندب بدليل ما بعد.

قوله: [فدعوى أن الأولى كونه عباسياً]: أي كما قال بهرام والتتائي، وتبعهما على ذلك الأجهوري.

قوله: [وهو تيمي]: أي من بني تيم الله، بيت مشهور في قريش أيضاً.

قوله: [وهو عدوي]: أي من بني عدي، بيت مشهور في قريش أيضاً.

قوله: [وهو أموي]: بضم الهمزة وفتح الميم أي من بني أمية، بيت مشهور في قريش أيضاً.

قوله: [وهو هاشمي]: نسبة لبني هاشم سادات قريش.

قوله: [أولهم معاوية]: أي بعد نزول الحسن بن علي عنها له، ثم تغلب عليها ولده اليزيد، ثم من بعده ولد اليزيد وهو الوليد وهكذا، ثم انتزعها منهم بنو العباس فمكثت فيهم دهراً طويلاً، ثم اختلطت حتى جعلت في العتقاء كما قال الشارح

قوله: [يعني بالراجح]: دفع بهذا التقييد ما يوهم أن المراد خصوص قول مالك مثلاً وإن كان ضعيفاً.

قوله: [ولا بقول غيره من المذاهب]: أي لا يجوز له أن يحكم بقول غير مذهبه، وإن حكم به لم ينفذ حكمه.

قوله: [مدركاً]: هكذا بالنصب في نسخة المؤلف والمناسب الرفع لأنه اسم "يكون" مؤخر عن خبرها.

قوله: [وكذا المفتي]: أي لا يجوز له بالإفتاء إلا بالراجح من مذهبه لا بمذهب غيره ولا بالضعيف من مذهبه إلا إذا كان قوي المدرك وكان من أهل الترجيح.

قوله: [لأمر اقتضى ذلك عنده]: أي لضرورة في خاصة نفسه ولا يفتى به لغيره؛ لأنه لا يتحقق الضرورة بالنسبة لغيره كما يتحققها من نفسه سداً للذريعة كما يفيده (بن).

قوله: [وقيل: بل يقلد قول الغير] إلخ: أي وهو المعتمد لجواز التقليد وإن لم تكن ضرورة.

قوله: [أمور]: خبر مبتدأ محذوف تقديره هي أمور الكلام على حذف


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (مدركاً).

<<  <  ج: ص:  >  >>