(إن قبضت) قبل تفليس ربها أو موته (ولو أديرت) الدواب تحت المكتري؛ بأن يأتي له ربها كل زمن بدل التي قبلها، فإن المكتري يكون أحق بالتي تحته. وذكر عكس هذه المسألة بقوله:
(وربها): أي الدابة (أحق بالمحمول) عليها من أمتعة المكتري إذا فلس أو مات المكتري حتى يستوفي أجرة دابته منه (إلا إذا قبضه): أي المحمول (ربه) المكتري، ثم فلس (وطال) الزمن عرفاً بعد القبض، فلا يكون رب الدابة أحق بالمحمول عليها بل يكون أسوة الغرماء. وظاهر كلام الشيخ: طال الزمن بعد القبض أم لا وارتضاء بعضهم أيضاً.
(والمشتري) أحق (بسلعة) اشتراها شراءً فاسداً ولم تفت (فسخ بيعها): أي فسخه الحاكم (لفساده): أي البيع، وفلس أو مات بائعها قبل الفسخ: أي يكون المشتري أحق بتلك السلعة من الغرماء ليستوفي منها الثمن الذي أقبضه لبائعها قبل فلسه أو موته إذا لم يجد الثمن عند البائع. فإن وجده عنده وعرفه بعينه كان أحق به، كما أشار له بقوله:
(و) أحق (بثمنها إن وجده) عند البائع، فإن فات كان أحق بالسلعة إن لم تفت، فإن فاتت أيضاً دخلت في ضمان المشتري بالثمن أو بالقيمة وحاص بزائدها على الثمن إن زادت عليه.
(باب)
في بيان أسباب الحجر وأحكامه
(سبب الحجر): أي أسبابه سبعة:
خمسة عامة واثنان خاصان بما زاد على الثلث. وأشار للخمسة العامة بقوله: (فلس) بالمعنى الأعم أو الأخص؛ وقد تقدم الكلام عليه في الباب قبله مستوفى. (وجنون) بصرع أو استيلاء وسواس. (وصباً وتبذير) لمال.
(ورق) وأشار بقوله: (ومرض) متصل بموت (ونكاح بزوجة): أي فالزوج يحجر عليها فيما زاد على الثلث وليس لها حجر على زوجها ولذا قيده بقوله: "بزوجة"؛
ــ
قوله: [وإن قبضت]: أي لأن قبضها بمنزلة التعيين لها.
قوله: [وذكر عكس هذه المسألة]: أي فالمسألة السابقة فلس رب الدابة وهذه فلس المكتري.
قوله: [وربها أي الدابة]: مثل الدابة السفينة.
قوله: [حتى يستوفي أجرة دابته]: أي فيأخذ أجرة دابته من المحمول عليها وأجرة السفينة من المحمول عليها في الموت والفلس، فإن بقي فضل من المحمول كان الباقي للغرماء وليس المراد أنه يأخذ المحمول مطلقاً ولو كانت قيمته أكثر من الأجرة.
قوله: [والمشتري أحق بسلعة]: إلخ حاصله أن من اشترى سلعة شراء فاسداً بنقد دفعه لبائعه أو أخذها عن دين في ذمته، وكان الشراء فاسداً، ثم فلس البائع قبل فسخ البيع وقبل الاطلاع، فإن المشتري يكون أحق بالسلعة إذا لم يوجد الثمن عند البائع في الموت والفلس إلى أن يستوفي ثمنه. وهذا هو المشهور من أقوال ثلاثة. والثاني: لا يكون أحق بها وهو أسوة الغرماء في الموت والفلس لأنه أخذها عن شيء لم يتم، والثالث: إن كان اشتراها بالنقد، فهو أحق بها من الغرماء وإن كان أخذها عن دين فلا يكون أحق بها - الأول: لسحنون: والثاني: لابن المواز والثالث: لابن الماجشون، ومحلها: إذا لم يطلع على الفساد إلا بعد الفلس أو الموت. وأما لو اطلع عليه قبل فهو أحق بها باتفاق ومحلها أيضاً إذا كانت السلعة قائمة وتعذر رجوع المشتري بثمنه. وأما إذا كان قائماً وعرف بعينه تعين أخذه ولا علقة له بالسلعة. وهذا التقييد إنما يأتي إذا اشتراها بالنقد لا بالدين ومحلها أيضاً إذا كانت السلعة وقت التفليس أو الموت بيد المشتري، وأما لو ردت للبائع وفلس بعد ذلك فهو أسوة الغرماء. هذا هو الذي يفيده كلام ابن رشد ومشى عليه (شب) وهو المعتمد كذا قرره شيخ مشايخنا العدوي.
قوله: [فإن فات كان أحق بالسلعة إن لم تفت]: الحاصل أنه تارة يكون أحق بثمنه مطلقاً وذلك فيما إذا كان موجوداً لم يفت، وتارة بالسلعة على المعتمد وذلك إذا كانت قائمة عند المشتري وتعذر الرجوع بثمنها، وتارة يكون أسوة الغرماء في زائد الثمن، وذلك فيما إذا فاتت وتعذر الرجوع بثمنها ومضت بالقيمة وكان الثمن زائداً عليها.
قوله: [وحاص بزائدها على الثمن إن زادت عليه]: هكذا نسخة المؤلف وصوابه: وحاص بزائده على القيمة إن زاد عليها، فتدبر.
[باب في بيان أسباب الحجر]
لما أنهى الكلام على ما أراد من مسائل التفليس، أعقبه بالكلام على بقية أسباب الحجر، وهو لغة يقال للمنع والحرام ولمقدم الثوب، ويثلث أوله في الجمع، وشرعاً - قال ابن عرفة: صفة حكمية توجب منع موصوفها من نفوذ تصرفه في الزائد على قوته أو تبرعه بماله، قال: وبه دخل حجر المريض والزوجة. اهـ.
قوله: [وقد تقدم الكلام عليه]: أي وإنما ذكره هنا جمعاً للنظائر.
قوله: [بصرع]: أي وهو الذي يلبسه الجن.
قوله: [أو استيلاء وسواس]: أي وهو الذي يخيل إليه، وسواء كان كل منهما دائماً أو متقطعاً. والتقييد بالصرع أو الوسواس مخرج لما كان بالطبع أي غلبة السوداء فإن صاحبه لا يفيق منه عادة، فلا يدخل في كلام المصنف؛ لأن الحجر فيه لا غاية له.
قوله: [وتبذير لمال]: وهو حجر السفه لأن التبذير هو بحكم إحسان التصرف في المال.
قوله: [وأشار بقوله ومرض] إلخ: في الكلام حذف والأصل وأشار للاثنين الخاصين بقوله ومرض إلخ.
قوله: [متصل بموت]: إنما قيد بذلك مع أن كل