للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لبئر أو عين فتملك به، وكذا تملك الأرض التي تزرع بها. (و) الثاني: (بإزالته): أي الماء منها حيث كانت الأرض غامرة بالماء. (و) الثالث: (ببناء) بأرض. (و) الرابع: بسبب (غرس) لشجر بها. (و) الخامس: بسبب (تحريك أرض) بحرثها ونحوه. (و) السادس: يكون بسبب (قطع شجر) بها بنية وضع يده عليها. (و) السابع: بسبب (كسر حجرها مع تسويتها) أي الأرض.

(لا) يكون الإحياء (بتحويط) للأرض بنحو خط عليها (و) لا (رعي كلإ) بها (و) لا (حفر بئر ماشية) بها (إلا أن يبين الملكية) حين حفرها. فإن بينها فإحياء.

(وافتقر) الإحياء (إن قرب) للعمران - بأن كان حريم بلدة - قال الحطاب: والقريب هو حريم العمارة مما يلحقونه غدواً ورواحاً. وقال ابن رشد: وحد البعيد من العمران ما لم ينته إليه مسرح العمران واحتطاب المحتطبين إذا رجعوا إلى المبيت في مواضعهم، (لإذن) من الإمام. ولا يأذن إلا لمسلم لا ذمي على المشهور. وقول الباجي: لو قيل حكمه حكم المسلمين لم يبعد، ضعيف.

(وإلا) بأن تعدى المسلم وأحيا فيما قرب بغير إذن الإمام (فللإمام إمضاؤه) له فيملكه (وجعله متعدياً) فيرده للمسلمين ويعطيه قيمة غرسه أو بنائه أو حفره منقوضاً لتعديه، ولا يرجع عليه فيما أغله فيما مضى، نظراً إلى أن له شبهة في الجملة.

(بخلاف البعيد) من العمران بأن خرج عن حريمه كما تقدم عن ابن رشد فلا يفتقر لإذن من الإمام، وما أحياه فهو له (ولو ذمياً) حيث كان إحياؤه في البعيد (بغير جزيرة العرب): وهي أرض الحجاز مكة والمدينة واليمن وما والاها كما تقدم في الجزية. فقوله: "بغير جزيرة العرب"، قيد في الذمي خاصة، لأنه الذي ليس له سكنى في جزيرة العرب، والله أعلم.

(باب)

في الوقف وأحكامه

(الوقف) مبتدأ خبره " مندوب "، فهو من التبرعات المندوبة ويعبر عنه بالحبس. وقد حبس النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون من بعده قال النووي: وهو مما اختص به المسلمون. قال الشافعي: لم يحبس أهل الجاهلية داراً ولا أرضاً فيما علمت. ورسمه بقوله: (وهو) أي الوقف (جعل منفعة مملوك) من إضافة المصدر لمفعوله

ــ

قوله: [لبئر أو عين]: أي كأن يحفر بئراً أو يفتق عيناً في أرض الفيافي.

قوله: [غامرة بالماء]: أي يبقى عليها الماء صيفاً وشتاءاً فتحيل في زواله وصار متمكناً من منافع تلك الأرض.

قوله: [ببناء بأرض] إلخ: اختلف هل يشترط في البناء أو الغرس بالأرض عظم المؤنة أو لا فظاهر المصنف وخليل عدم اشتراطه، وفي الجواهر اشتراطه واعتمده في الحاشية واقتصر عليه في المجموع.

قوله: [لا يكون الإحياء بتحويط للأرض] إلخ: السبعة المتقدمة متفق على كونها إحياء، وهذه الثلاثة مختلف فيها والصحيح أنها ليست إحياء، وانظر لو فعل في الأرض تلك الأمور الثلاثة جميعها هل يكون إحياء لها؛ لأنه لا يلزم من كون كل واحد من هذه لا يحصل بها إحياء أن يكون مجموعها كذلك لقوة الهيئة المجتمعة عن حالة الانفراد كما هو ظاهر كلامهم، ومقتضى ما في الحاشية أن يكون إحياء.

قوله: [وقال ابن رشد] إلخ: مآل القولين واحد فلا تنافي بينهما.

قوله: [مسرح العمران]: أي أهله على حد {واسأل القرية} [يوسف: ٨٢].

قوله: [وقول الباجي]: مبتدأ، وقوله ضعيف خبر وما بينهما مقول القول.

قوله: [إلى أن له شبهة في الجملة]: أي لكونه من جملة المسلمين الذين لهم فيه حق.

قوله: [بغير جزيرة العرب]: اعلم أن الجزيرة مأخوذة من الجزر الذي هو القطع ومنه الجزار لقطعه الحيوان؛ سميت بذلك لانقطاع الماء وسطها إلى أجنابها لأن البحر محيط بها من جهاتها الثلاث التي هي المغرب والجنوب والمشرق، ففي مغربها بحر جدة بضم الجيم وفتح الدال مشددة ويسمى بالقلزم، وبحر السويس، وفي جنوبها بحر الهند وفي مشرقها خليج عمان بضم العين وتخفيف الميم، وأما عمان بفتح العين وتشديد الميم فهي قرية بناحية الشام.

قوله: [لأنه الذي ليس له سكنى] إلخ: أي لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يبقين دينان بجزيرة العرب».

تتمة: إن سال مطر بأرض مباحة سقي الأقرب إليها إن تقدم في الإحياء أو تساويا حتى يبلغ الماء الكعب ثم يرسل للأخرى على الترتيب، وأمر بالتسوية للأرض إن أمكن، أما ما لا يمكن التسوية فيسقى الأعلى وحده والأسفل وحده وإن استوت نسبة الأرض التي حول الماء قرباً وبعداً قسم بقلد ونحوه كما لو اجتمع جماعة وأجروا ماء لأرضهم فيقسم بينهم بالقلد ونحوه ويقرع بينهم للتشاحح في السبق ولا فرق في تلك المسائل بين ماء النيل والمطر والعيون.

[باب في الوقف وأحكامه]

عقب هذا الباب للإحياء لكون العين فيهما بغير عوض يدفعه المستحق للوقف والمحيي للأرض.

وقال في التنبيه: الوقف مصدر وقفت الأرض وغيرها أقفها، هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة.

قوله: [ويعبر عنه بالحبس]: أي فيسمى وقفاً لأن العين موقوفة، وحبساً؛ لأن العين محبسة كما يفيده التنبيه.

قوله: [لم يحبس أهل الجاهلية] إلخ: أي على وجه التبرر، وأما بناء الكعبة وحفر زمزم فإنما كان على وجه التفاخر.

قوله: [جعل منفعة مملوك] إلخ: تعريف له بالمعنى المصدري وأما المعنى الاسمي فهو الذات المملوكة

<<  <  ج: ص:  >  >>