للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الجهاد في سبيل الله) لإعلاء كلمة الله تعالى (كل سنة) فلا يجوز تركه سنة (كإقامة الموسم) بعرفة والبيت وبقية المشاهد كل سنة (فرض كفاية) إذا قام به البعض سقط عن الباقي.

(على المكلف) متعلق بفرض (الحر) دون الرقيق (الذكر) لا الأنثى (القادر) لا العاجز عن ذلك بفقد قدرة أو مال (كالقيام بعلوم الشريعة) فإنه فرض كفاية، أي غير ما يتعين على المكلف منها، وهي: فن الكلام والفقه والتفسير والحديث، لأن في القيام بها صوناً للدين، والمراد بالقيام بها: قراءتها وحفظها وتدوينها وتهذيبها وتحقيقها، ويلحق بذلك ما تتوقف عليه من نحو ومعان وبيان، لا عروض وبديع، ولا هيئة ومنطق.

(والفتوى) وهي الإخبار بالحكم الشرعي لا على وجه الإلزام فرض كفاية.

(والقضاء) وهو الإخبار بالحكم الشرعي لا [١] على وجه الإلزام فرض كفاية، (والإمامة) العظمى أي الخلافة من عالم عدل فطن ذي همة قرشي فرض كفاية، ولا يعزل إن زال وصفه ما لم يعزل نفسه، بخلاف من ولي أمراً من الأمور وخان فيه فإنه يستحق العزل.

(ودفع الضرر عن المسلمين) وأهل الذمة فرض كفاية.

(والأمر بالمعروف) وهو ما طلبه الشارع طلباً جازماً كالصلاة فرض كفاية.

(والنهي عن المنكر) وهو ما نهى عنه الشارع جزماً فرض كفاية. (والشهادة) تحملاً وأداء فرض كفاية، (والحرف) بكسر الحاء وفتح الراء المهملتين جمع حرفة وهي الصنعة (المهمة) التي بها صلاح الناس؛ كالقيانة والحياكة والنجارة، لا كقصر الثياب والطرز والنقش.

(وتجهيز ميت) من غسل وكفن ومواراة فرض كفاية، (والصلاة عليه) فرض كفاية.

(وفك الأسير) من الحربيين إن لم يكن له مال يفك منه فرض كفاية، ولو أتى على جميع أموال المسلمين. وسيأتي رد السلام وتشميت العاطس آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.

(وتعين) الجهاد (بتعيين الإمام) لشخص ولو عبداً وامرأة.

(و) تعين أيضاً (بفجء العدو محلة قوم و) تعين

ــ

الجهاد قبل الهجرة كان حراماً، ثم أذن فيه لمن قاتل المسلمين، ثم أذن فيه مطلقاً في غير الأشهر الحرم، ثم أذن فيه مطلقاً اهـ. من شرح البخاري كذا في الحاشية وأول آية نزلت في الجهاد قول الله تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير} [الحج: ٣٩]

قوله: [لإعلاء كلمة الله]: بيان لأعلى المقاصد كما علمت.

قوله: [كل سنة]: أي بأن يوجه الإمام كل سنة طائفة، ويخرج بنفسه معها أو يخرج بدله ممن يثق به.

قوله: [فلا يجوز تركه سنة]: ظاهره مع الأمن والخوف. وهو ما نقله الجزولي عن ابن رشد والقاضي عبد الوهاب، وذلك لما فيه من إعلاء كلمة الله وإذلال الكفرة، ونقل عن ابن عبد البر أنه فرض كفاية مع الخوف، ونافلة مع الأمن، والقول الأول أقوى وهو ظاهر المصنف كما علمت. ويكون في أهم جهة إذا كان العدو في جهات متعددة، فإن استوت الجهات في الضرر خير الإمام في الجهة التي يرسل إليها، إن لم يكن في المسلمين كفاية لجميع الجهات وإلا وجب في الجميع.

قوله: [كإقامة الموسم]: وتحصل إقامته بمجرد حصول الشعيرة، وإن لم يلاحظوا فرض الكفاية، نعم ثواب الفرض يتوقف على نيته.

قوله: [فرض كفاية]: أي ولو مع وال جائر في أحكامه ظالم في رعيته إلا أن يكون غادراً ينقض العهود فلا يجب معه على الأصح كذا في الأصل.

قوله: [على المكلف) إلخ: يشمل الكافر فيجب عليه الجهاد بناء على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة. وثمرة وجوبه عليهم مع أننا لا نتعرض لهم ولا نستعين بهم أنهم يعذبون على تركه عذاباً زائداً على عذاب الكفر، كما يعذبون على ترك الصلاة والزكاة.

قوله: [ولا هيئة ومنطق]: أي خلافاً لمن قال بوجوب تعلم المنطق لتوقف العقائد عليه، ورد ذلك الغزالي بأنه ليس عند المتكلم من عقائد الدين إلا العقيدة التي يشارك فيها العوام، وإنما يتميز عنهم بصفة المجادلة، فالعقائد التي فرضها الله علينا لا تتوقف على منطق كما هو مشاهد، والدليل التفصيلي لا ينحصر في التراكيب المنطقية لأنها اصطلاح حدث كما هو الحق.

قوله: [وهي الإخبار بالحكم الشرعي لا على وجه الإلزام]: لا شك أن هذا من جملة القيام بعلوم الشرع فهو من عطف الخاص على العام كالقضاء.

قوله: [والإمامة العظمى]: سيأتي بقية شروطها في باب القضاء.

قوله: [وأهل الذمة]: أي لأن الله حرم علينا أموالهم ودماءهم ما داموا تحت ذمتنا.

قوله: [والنهي عن المنكر]: أي بشرط معرفة الآمر والناهي، وأن لا يؤدي إلى ارتكاب ما هو أعظم منه مفسدة، وأن يظن الإفاضة [٢]. والأولان شرطان للجواز، ويحرم عند فقدهما، والثالث شرط الوجوب فيسقط عند عدم ظن الإفادة. ويشترط في النهي عن المنكر أيضا: أن يكون مجمعاً عليه، أو مختلفاً فيه ومرتكبه يرى تحريمه، لا إن كان يرى حله أو يقلد من يقول بالحل.

قوله: [تحملاً]: أي إن احتيج لذلك.

قوله: [وأداء]: أي إن كثر المتحملون وهل تتعين بالطلب حينئذ وهو ظاهر قول مالك وآية: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} [البقرة: ٢٨٢].

قوله: [كالقيانة]: بالياء التحتية: وهي الحدادة كما هو نسخة المؤلف.

قوله: [إن لم يكن له مال]: ظاهره أن ماله مقدم على مال المسلمين وهي طريقة لبعضهم، والطريقة المشهورة أنه يفدي أولاً بالفيء ثم مال المسلمين وهو كواحد منهم، ثم ماله وسيأتي تفصيل ذلك في آخر الباب.

قوله: [ولو أتى على جميع أموال المسلمين]: أي ولا يتبع بشيء في ذمته ومحل بذل جميع أموال المسلمين في ذلك إن لم يحصل لهم ضرر بذلك، وإلا ارتكب أخف الضررين.

قوله: [ولو عبداً وامرأة)


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف، ولعل حذفها هو الصواب.
[٢] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (الإفادة).

<<  <  ج: ص:  >  >>