للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(على من بقربهم إن عجزوا) عن دفع العدو بأنفسهم، (وإن) كان من فجئ أو من بقربه (امرأة أو رقيقا) وتعين أيضاً بالنذر،

(ودعوا) أولا وجوباً (للإسلام) ولو بلغتهم دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يبادرونا [١] للقتال، (وإلا) قوتلوا بلا دعوة.

فإن أجابوا للإسلام وأسلموا تركوا بمحل أمن، وإن امتنعوا منه (فالجزية) تطلب منهم. فإن أجابوا تركوا وضربت عليهم (بمحل أمن): أي مأمون بحيث تنالهم أحكامنا فيه، إما بالرحيل إلى بلادنا، وإما أن يكون محلهم نقدر عليهم فيه ولا نخشى فيه غائلتهم.

(وإلا) بأن لم يجيبوا للإسلام أو الجزية أو أجابوا ولكن كان المحل الذي هم فيه غير مأمون ولم يرتحلوا إلى بلادنا (قوتلوا وقتلوا إلا المرأة والصبي) فلا يجوز قتلهما لأنهما من الأموال، (إلا إذا قاتلا قتال الرجال) بالسلاح ونحوه لا برمي حجر ونحوه (أو قتلا) أحداً من الجيش فيجوز قتلهما.

(و) إلا (الزمن) أي العاجز (والأعمى والمعتوه) أي ضعيف العقل وأولى المجنون. (و) الشيخ (الفاني) أي الهرم.

(و) إلا (الراهب المنعزل) عن الناس (بلا رأي) أي تدبير للحروب فلا يجوز قتل واحد منهم، فإن كان لواحد منهم تدبير ورأي للحربيين جاز قتله، فقوله: بلا رأي راجع للزمن وما بعده.

(و) إذا لم يجز قتلهم فإن تعدى أحد على قتلهم (استغفر قاتلهم) لأنه ارتكب ذنباً ولا دية عليه ولا قيمة ولا كفارة. (و) إذا لم يجز قتل واحد منهم (ترك لهم الكفاية) أي ما يكفيهم (ولو من أموال المسلمين) وقدم مالهم على مال غيرهم، فإن كان عندهم زيادة على كفايتهم جاز أخذها وتخمس.

(وإن خُيروا [٢]) في المغنم لأنهم -وإن لم يجز قتلهم يجوز أسرهم- إلا الراهب والراهبة لا يجوز قتلهما ولا أسرهما بشرط العزلة وعدم الرأي (فقيمتهم) على قاتلهم بعد الحوز يجعلها الإمام في الغنيمة.

(والراهب والراهبة) المنعزلان بلا رأي (حران) لا يجوز قتلهما ولا أسرهما وإن كان لا دية ولا قيمة على قاتلهما.

(بآلة): متعلق بقوله: "قوتلوا".

أو المراد [٣] بالآلة: جميع أنواع السلاح وما ألحق به كمقلاع ومنجنيق، (وقطع ماء) عنهم أو عليهم ليغرقوا، (وبنار) ليحرقوا. لكن (إن لم يمكن غيرها) وإلا لم يقاتلوا بها (ولم يكن فيهم مسلم) وإلا لم يقاتلوا بها

مخافة حرق المسلم (إلا) أن يكونوا (بالحصن مع ذرية ونساء فبغيرهما) أي فيقاتلون بغير التغريق بالماء والتحريق بالنار نظراً لحق الغانمين لما لهم في الذراري والنساء من حق.

ــ

ومثل المرأة والعبد: الصبي المطيق فيتعين على من ذكر بتعيين الإمام، ويخرجون ولو منعهم الولي والزوج والسيد ورب الدين إن كان مديناً، والمراد بتعينه على الصبي: جبره عليه كما يجبر على ما به مصالحه لا عقابه على تركه.

قوله: [على من بقربهم]: محل ذلك إن لم يخشوا على نسائهم وبيوتهم من عدو يهجمهم وإلا فلا يتعين عليهم.

قوله: [امرأة أو رقيقاً]: أي أو غيرها ممن لم يسهم له في الجهاد الكفائي. قوله: [وتعين أيضاً بالنذر]: أي كما تقدم التنبيه عليه.

تنبيه: للوالدين منع الولد من السفر لفرض الكفاية، ولو علما فلا يخرج له إلا بإذنهما حيث كان في بلده من يفيده، وإلا خرج له بغير إذنهما إن كان فيه أهلية النظر. ولهما المنع في فرض الكفاية، ولو كانا كافرين في غير الجهاد. وأما الجهاد فليس للكافرين المنع منه لأنه مظنة قصد توهين الإسلام إلا لقرينة تفيد الشفقة ونحوها. وليس لمن عليه دين يحل في سفره وهو قادر على أدائه أن

يسافر لجهاد أو غيره إلا أن يأذن رب الدين.

قوله: [ولو بلغتهم دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -]: هذا هو المشهور، وقيل: لا يدعو للإسلام أولاً إلا إذا لم تبلغهم دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: [ما لم يبادرونا للقتال]: أي ومثل ذلك إذا قل جيش المسلمين ومن ذلك كانت إغارة سراياه - عليه الصلاة والسلام -.

قوله: [قوتلوا]: أي شرع في قتالهم وقوله وقتلوا أي جاز قتلهم إن قدر عليهم.

قوله: [إلا إذا قاتلا قتال الرجال]: اعلم أن للمرأة والصبي ثمانية أحوال: لأنهما: إما أن يقتلا أحداً أو لا. وفي كل: إما بسلاح أو غيره. وفي كل: إما أن يؤسرا أو لا. فإن قتلا أحداً جاز قتلهما سواء قاتلا بسلاح أو لا، أسرا أو لا، وإن لم يقتلا أحداً فإن قاتلا بسلاح جاز قتلهما أيضاً أسرا أو لا، وإن قاتلا بغير سلاح فلا يقتلا بعد الأسر اتفاقاً ولا في حال المقاتلة على الراجح فتدبر.

قوله: [المنعزل عن الناس]: يحترز به عن رهبان الكنائس المخالطين لهم فإنهم يقتلون. واقتصار المصنف على استثناء تلك السبعة يفيد قتل الأجراء والحراثين وأرباب الصنائع منهم، وهو قول سحنون، وقال ابن القاسم: لا يقتلون بل يؤسرون، قال (بن): والظاهر أن الخلاف لفظي في حال، وأن المدار على المصلحة بنظر الإمام.

قوله: [ولا دية عليه ولا قيمة) إلخ: أي لا فرق بين الراهب وغيره كما في (ر). وما في الخرشي من أن الراهب والراهبة يلزم ديتهما لأنهما حران فهو خلاف النقل كما في الحاشية.

قوله: [ترك لهم الكفاية]: هذا فيمن لا يقتل ولا يؤسر، سواء كان لا يجوز أسره كالراهب والراهبة أو يجوز أسره ولكن ترك من غير أسر كالباقي، وما ذكره من أنه يترك لهم الكفاية فقط لا كل ما لهم هو الأشهر عند ابن الحاجب وهو ظاهر المدونة، وقيل يترك لهم أموالهم كلها وهو ضعيف.

قوله: [جاز أخذها]: أي على ما شهر ابن الحاجب.

قوله: [وإن كان لا دية ولا قيمة] إلخ: أي خلافاً للخرشي. قوله: [وإلا لم يقاتلوا بها]


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (يبادونا).
[٢] في ط المعارف: (حِيزوا)، ولعلها الصواب.
[٣] قوله: (أو المراد) في ط المعارف: (والمراد).

<<  <  ج: ص:  >  >>