للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فإن تترسوا بهم) أي بالذرية [١] والنساء (تركوا) بلا قتال؛ لحق الغانمين (إلا لشدة خوف) على المسلمين فيقاتلون مطلقاً بكل شيء وعلى كل حال (و) إن تترسوا (بمسلم) قوتلوا (وقصد غيره) أي غير الترس المسلم بالرمي، ولا يجوز رمي الترس ولو خفنا على بعض المغازين، (إلا لخوف على أكثر المسلمين) فتسقط حرمة الترس ويرمى على الجميع.

(وحرم فرار) من العدو (إن بلغ المسلمون النصف) من عدد الكفار؛ فلا يفر واحد من اثنين، ولا عشرة من عشرين، لقوله تعالى: {الآن خفف الله عنكم} [الأنفال: ٦٦] الآية (ولم يبلغوا) أي المسلمون (اثني عشر ألفاً)، فإن بلغوها حرم الفرار ولو كثر الكفار جداً.

(إلا) شخصاً (متحرفاً لقتال): أي أظهر من نفسه الهزيمة ليتبعه الكافر فيرجع عليه فيقتله، فاللام في القتال للعلة (أو) شخصاً (متحيزاً لفئة) أي لطائفة من المسلمين ليتقوى بهم، وهذا (إن خاف) المتحيز من العدو خوفاً بيناً وقرب المنحاز إليه.

و(حرم المثلة): أي التمثيل بالكافر بقطع أنفه أو أذنه أو نحو ذلك بعد موته ما لم يقع منهم تمثيل بالمسلمين، وإلا جاز.

(و) حرم (حمل رأس) من كافر (لبلد) آخر غير التي وقع بها [٢] القتال، (أو) حملها [٣] إلى (وال) أي أمير جيش.

(و) حرم (سفر بمصحف لأرضهم) ولو في جيش أمن خوف إهانته بسقوطه واستيلاء أيديهم عليه.

(كامرأة) يحرم السفر بها لأرضهم (إلا في جيش أمن و) حرم (خيانة أسير) عندهم (ائتمن طائعاً) أي ائتمنوه في حال طوعه، (ولو) ائتمن طائعاً (على نفسه) بأن قالوا له: أمناك على مالنا أو على أنفسنا أو على نفسك فرضي بذلك طائعاً فلا يجوز له الهرب ولا أخذ شيء من مالهم، ولا قتل أحد منهم، فإن لم يؤمنوه أو أمنوه كرهاً جاز له ذلك إن أمن على نفسه وحل له كل ما أخذه حتى النساء، وجاز وطؤها إن خرج بها من بلادهم.

(و) حرم (الغلول) بالضم: أخذ شيء من الغنيمة قبل حوزها، ولو قل (وأدب) بالاجتهاد (إن ظهر عليه) لا إن جاء تائباً قبل القسم وتفرق الجيش. ورد ما أخذ للغنيمة، فإن تعذر بتفريق الجيش رد خمسه للإمام وتصدق بالباقي عنهم ولا يجوز تملكه.

ــ

ما لم يخف منهم وإلا تعينت المقاتلة بها.

قوله: [مخافة حرق المسلم]: أي ولو خفنا منهم كما لابن الحاجب. قال في التوضيح وهو المذهب خلافاً للخمي اهـ ولكن ينبغي تقييده بما إذا لم يعظم الضرر فيرتكب أخف الضررين، كما يؤخذ من الشارح فيما يأتي.

قوله: [وإن تترسوا بمسلم قوتلوا]: أي وأولى إن تترسوا بأموال المسلمين. قوله: [ويرمى على الجميع]: ظاهره أنه يجوز حينئذ رمي الترس ولو كان المسلمون المتترس بهم أكثر من المجاهدين وهو كذلك كما في الحاشية.

قوله: [وحرم فرار]: أي في الجهاد مطلقاً، سواء كان كفائياً أو عينياً؛ لأن الكفائي يتعين بالشروع فيه.

قوله: [إن بلغ المسلمون النصف]: أي ما لم ينفرد الكفار بالمدد وإلا فلا يحرم الفرار.

قوله: [فإن بلغوها حرم الفرار]: أي ما لم تختلف كلمتهم، أو ينفرد الكفار بالمدد. فإن لم ينفرد الكفار بالمدد ولم تختلف المسلمون وفر واحد من هذا العدد كان فراره من الكبائر يغفر له بالتوبة أو عفو الله، وأما لو فر بعد نقص العدد واحد فلا حرمة عليه.

قوله: [متحيزاً لفئة]: محل جواز التحيز إن لم يكن المتحيز الأمير، وأما هو فلا يجوز له ذلك، فإن شجاعة الأمير في الثبات. وشجاعة الجند في الوثبات.

قوله: [أي التمثيل بالكافر]: أي بعد القدرة عليه حياً أو ميتاً فلا مفهوم لقوله: (بعد موته).

قوله: [وإلا جاز]: أي التمثيل بهم بعد القدرة عليهم.

قوله: [أو حملها إلى وال]: أي ولو كان في بلد القتال، وأما حملها في البلد نفسه من غير أن تنقل إلى وال فجائز، بخلاف البغاة فإنه لا يجوز.

قال بعضهم: الظاهر أن محل حرمة حمل الرأس لبلد ثان ما لم يكن في ذلك مصلحة شرعية كاطمئنان قلوب المجاهدين والجزم بعين المقتول مثلاً وإلا جاز. فقد حمل للنبي - صلى الله عليه وسلم - رأس كعب بن الأشرف من خيبر للمدينة.

قوله: [إلا في جيش أمن]: الاستثناء راجع لما بعد الكاف فقط، والفرق أن المرأة تنبه عن نفسها عند فواتها والمصحف قد يسقط ولا يشعر به.

قوله: [وحرم خيانة أسير]: أي يحرم عليه الخيانة فيما أمن عليه خاصة. وسواء كان الائتمان مصرحاً به مثل أن يقال له أمناك على مالنا أو على كذا. أو كان غير مصرح به كما إذا أعطى الأسير شيئاً يصنعه.

قوله: [ائتمن طائعاً]: إن قلت: الفرض أنه أسير فكيف يتأتى منه طوع؟ أجيب بأنه يمكن ذلك فيمن أسر ابتداء، فلما وصل لبلادهم أحبوه وأطلقوه وعاملوه معاملة الحبيب المؤتمن.

قوله: [جاز له ذلك إن أمن على نفسه]: فإن تنازع الأسير ومن أمنه فقال الأسير: كنت مكرهاً، وقال الكافر: طائعاً، فالقول قول الأسير - قاله الأجهوري قوله: [لا إن جاء تائباً قبل القسم وتفرق الجيش]: أي فلا يؤدب بخلاف مجيئه بعد تفرق الجيش، فإنه يؤدب لقول ابن رشد. ومن تاب بعد القسم وافتراق الجيش أدب عند جميعهم قياساً على مشاهد [٤] يرجع بعد الحكم لأن


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (الذرية).
[٢] في ط المعارف: (به).
[٣] في ط المعارف: (حمله).
[٤] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (الشاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>