(وحد زان) بحربية أو جارية من جواري السبي رجماً أو جلداً، (أو سارق) لنصاب من الغنيمة بقطع يده (إن حيز المغنم) ولم يجعلوا كونه من الغانمين الذين لهم حق في الغنيمة شبهة تدرأ عنه الحد، وذكر بعضهم: أن الراجح أن الزاني لا يحد وأن السارق لا يحد إلا إذا سرق فوق منابه نصاباً.
(وجاز أخذ محتاج) من إضافة المصدر لفاعله، أي يجوز للمحتاج منهم أن يأخذ من الغنيمة لا على وجه الغلول، (نعلاً) ينتعل به (وحزاماً) يشد به ظهره (وطعاماً) يأكله (ونحوها) كعلف لدابته وإبرة ومخياط وخيط وقصعة ودلو (وإن نعماً) يذبحه ليأكله، أو يحمل عليه متاعاً ويرد جلده للغنيمة إذا لم يحتج إليه (كثوب) يجوز أخذه إن احتاج للبسه أو ليتغطى به، (وسلاح) يقاتل به إن احتاج، (ودابة) يركبها أو يقاتل عليها أو يحمل عليها متاعاً إن احتاج.
ومحل جواز أخذ الثوب وما بعده للمحتاج، (إن قصد الرد) لها بعد قضاء حاجته لا إن قصد التملك فلا يجوز.
(ورد) وجوباً (ما فضل) عن حاجته من كل ما أخذه مما قبل الكاف وما بعدها (إن كثر) بأن ساوى درهماً فأعلى لا إن كان تافهاً، (فإن تعذر) رده (تصدق به) كله عن الجيش وجوباً بعد إخراج خمسه، ولا يجوز تملكه (و) جاز (المبادلة فيه): أي فيما أخذه المحتاج منهم قبل القسم، (وإن بطعام ربوي) فلمن أخذ لحماً أو شعيراً أو قمحاً أو نحو ذلك لحاجته فاستغنى عنه، أو عن بعضه أن يبدله ممن أخذ لحاجته غيره بذلك الغير، ولو بتفاضل في ربوي متحد الجنس لأنه ليس بمملوك حقيقة، وإنما أخذ للحاجة ويرد ما فضل، ولذا لا يجوز مبادلة بعد القسم إلا إذا خلا عن الربا والموانع الشرعية.
(و) جاز (التخريب) لديارهم بالهدم والإتلاف (والحرق وقطع النخل) من عطف الخاص على العام، لأنهما من التخريب خصهما بالذكر لتوهم منعهما، (وذبح حيوان) لهم (وعرقبته وإتلاف أمتعة) من عرض أو طعام، (عجز عن حملها) أو عن الانتفاع بها (إن أنكى) ذلك: أي أغاظ العدو (أو لم ترج) للمسلمين، فإن أنكى ولم ترج ندب التخريب عند ابن رشد وعند غيره وهو الراجح في هذه الصورة، وإن رجيت للمسلمين ولم تنك حرم التخريب وتعين الإبقاء وقال ابن رشد: الأفضل الإبقاء فالصور أربع.
ــ
افتراق الجيش كنفوذ الحكم بل هو أشد لقدرته على الغرم للمحكوم عليه وعجزه عن ذلك في الجيش اهـ. بن من حاشية الأصل
قوله: [وحد زان بحربية]: أي في بلادهم. وقوله: [أو جارية] إلخ: أي بعد حيازة المغنم فصار يحد للزنا مطلقاً قبل حيازة المغنم أو بعدها.
قوله: [إن حيز المغنم]: قيد في الثاني فقط، وأما السرقة قبل الحيازة فلا حد فيها لأن مال الحربي يجوز لنا تناوله بأي وجه كان.
قوله: [أن الزاني لا يحد]: أي الزاني بأمة السبي حيث كان من الغانمين نظراً للشبهة، وأما الزاني بالحربية فيحد باتفاق حيث زنى بها في محل يعجز عن تملكها فيه.
قوله: [بعد إخراج خمسه] إلخ: الذي في التوضيح أنه يتصدق بجميعه ولابن المواز يتصدق منه حتى يبقى اليسير، فإذا صار الباقي يسيراً جاز لذلك الآخذ أكله كما لو كان الباقي يسيراً من أول الأمر، فالأقوال ثلاثة أرجحها ما قاله شارحنا.
قوله: [وجاز المبادلة فيه] إلخ: هذا هو الصواب كما عبر به ابن الحاجب خلافاً لظاهر خليل من كراهتها ابتداء، ومضيها بعد الوقوع وعليه مشى التتائي.
قوله: [ولو بتفاضل في ربوي]: قال في الحاشية: والظاهر جواز اجتماع ربا الفضل والنساء هنا لأنها ليست معاوضة حقيقية، ثم إن جواز التفاضل بين الغزاة إنما هو فيما استغني عنه واحتيج لغيره، وأما إن لم يكن عند كل واحد إلا ما يحتاج إليه فلا يجوز فيه ربا بل يمنع وبهذا قيد الجواز أبو الحسن في شرح المدونة.
قوله: [وذبح حيوان] إلخ: قال في التوضيح: إذا عجز المسلمون عن حمل مال الكفار أو عن حمل بعض متاعهم، فإنهم يتلفونه لئلا ينتفع به العدو، وسواء الحيوان وغيره على المشهور المعروف. وعلى المشهور فاختلف ماذا يتلف به الحيوان فقال المصريون: تعرقب أو تذبح أو يجهز عليها، وقال المدنيون يجهز عليها وكرهوا أن تعرقب أو تذبح. وبهذا تعلم أن المصنف درج على قول المصريين، وأن الواو في كلامه بمعنى "أو" إذ لا يشترط اجتماع الذبح والعرقبة معاً، بل أحدهما كاف وحيث تلف الحيوان بالموت، وكان يظن رجوعهم إليه قبل فساده وينتفعون به وجب التحريق لأن القصد عدم انتفاعهم به كالأمتعة التي عجز عن حملها.
قوله: [فالصور أربع]: حاصلها أنه لا يجوز في صورتين، ويندب في صورة، ويحرم أو يكره في صورة. أما الجواز. ففيما إذا أنكت ورجيت، وعكسه وهو ما إذا لم تنك ولم ترج؛ والندب فيما إذا أنكت ولم ترج عند ابن رشد، وقال غيره فيها بالوجوب، واعتمدوه والحرمة أو الكراهة فيما إذا لم تنك ورجيت.
تنبيه: إتلاف النحل فيه صور أربع: إن قصد بإتلافها أخذ عسلها كان جائزاً اتفاقاً قلت أو كثرت، وإن لم يقصد أخذ عسلها فإن قلت كره اتفاقاً، وإن كثرت فروايتان بالجواز والكراهية