للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومفهوم: "قيد"، إلخ أنه لو أطلق فلم يقيد بزمان ولا مكان، فإن كان المنذور أو الذي حنث فيه عمرة كما لو قال: إن كلمت زيداً فأنا محرم بعمرة، أو فأنا أحرم بعمرة، فكلمه، أو قال: لله علي أن أحرم أو أني محرم ولم يقيد بزمان ولا مكان فيجب عليه التعجيل من وقت النذر أو الحنث في أي مكان كان بشرط أن يجد رفقة يسير معهم في ذلك الوقت، وإلا أخر حتى يجد رفقة. وإليه أشار بقوله: (كالعمرة) يجب تعجيل الإحرام بها من وقت الحنث أو النذر في مكانه، (إن أطلق ووجد رفقة)، وإن كان المنذور أو الذي حنث فيه حجاً فلا يعجل الإحرام به من وقته، بل يؤخره لأشهره ثم يحرم من مكانه تعجيلاً إن كان يصل في عامه كالمصري، وإلا ففي الوقت الذي إذا خرج منه وصل في عامه لمكة. وإلى ذلك أشار بقوله: (لا الحج) فلا يعجله وقت النذر أو الحنث إن أطلق وإذا لم يعجله (فلأشهره) أي الحج التي مبدؤها شوال فليعجله أولها في مكان، (إن كان يصل) لمكة من عامه كالمصري (وإلا) يصل بأن كان بعيداً (فالوقت): أي فيحرم من الوقت (الذي) إذا خرج فيه (يصل فيه) لمكة من [١] عامه، (وأخره) أي الإحرام (في) نذر (المشي) أو الحنث به (للميقات) المكاني والزماني كما تقدم صدر الحاصل.

ثم شرع في بيان ما لا يلزم من النذر بقوله:

(ولا يلزم) النذر (بمباح) نحو: لله علي لآكلن هذا الرغيف أو ليطأن زوجته. (أو مكروه): نحو: لله علي، أو: إن كلمت زيداً لأصلين ركعتين بعد فرض العصر أو الصبح، أو لأقرأن في السرية بالجهر أو العكس؛ لأنه إنما يلزم به ما ندب. ونذر الحرام حرام قطعاً وكذا المباح والمكروه على قول الأكثر، وقيل. يكره، وعلى كل حال هو غير لازم والإقدام على الحرام حرام.

(ولا) يلزم النذر (بما لي في الكعبة أو بابها) أو ركنها، (أو) نذر (هدي) بلفظه أو بدنة بلفظها (لغير مكة) كالمدينة وقبره عليه الصلاة والسلام فلا يلزمه شيء ولا ذبحه بمحله؛ لأن سوق الهدي لغير مكة من البدع والضلال لما فيه من تغيير معالم الشريعة المطهرة.

فلو نذر حيواناً بغير تسمية هدي ولا بدنة لنبي أو ولي فلا يبعثه وليذبحه بموضعه. ولو نذر جنس ما لا يهدى كالدراهم والثياب، فإن قصد به الفقراء الملازمين بذلك المحل لزم بعثه وإلا تصدق به في أي مكان شاء.

(أو) نذر (مال فلان) فلا يلزم (إلا أن ينوي: إن ملكته)، فإن نوى ذلك لزمه إذا ملكه لأنه تعليق (كعلي نحر فلان) لم يلزم به شيء، (إن لم يلفظ بالهدي أو ينوه أو يذكر) حال قوله: لله علي نحر فلان (مقام إبراهيم)

ــ

يحتملان الحال والاستقبال فحملا على الحال احتياطاً.

قوله: [فلم يقيد بزمان ولا مكان] أي والموضوع أنه أتي بلفظ المضارع أو اسم الفاعل.

قوله: [في أي مكان]: أي لأن العمرة العام كله وقت لها فلا يتوقف إحرامه إلا على الرفقة الذين يسير معهم.

قوله: [وإلا أخر]: أي لأن بساط يمينه ذلك ودين الله يسر.

قوله: [ثم يحرم من مكانه تعجيلاً]: أي إن كان يمكنه السفر بأن قدر عليه ووجد الرفقة هكذا. ينبغي لأنه لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

قوله: [وأخره أي الإحرام] إلخ: أي فالأقسام ثلاثة قد علمت من الشارح.

قوله: [وكذا المباح والمكروه على قول الأكثر]: أي لأن فيه تغييراً لمعالم الشريعة.

قوله: [وقيل يكره]: وبقي قول ثالث وهو تبعيته للمنذور حرمة وكراهة وإباحة.

قوله: [ولا يلزمه النذر بمالي] إلخ: أي حيث أراد صرفه في بنائها أو لا نية له وليس عليه كفارة يمين خلافاً لما روي عن مالك من لزوم كفارة يمين، وإنما كان النذر باطلاً لأنه لا قربة فيه لأنها لا تنقض فتبنى كما في المدونة. وأما إن أراد صرفه في كسوتها وطيبها لزمه ثلث ماله للحجبة يصرفونه فيها إن احتاجت، فإن لم تحتج تصدق به على الفقراء حيث شاء. وأما لو قال: كل ما أكتسبه في الكعبة أو في سبيل الله أو للفقراء لم يلزمه شيء للمشقة الحاصلة بتشديده على نفسه، كمن عمم في الطلاق وهذا إذا لم يقيد بزمان أو مكان، وأما إذا قيد بأن قال: إن فعلت كذا فكل ما أكتسبه أو أستفيده في مدة كذا وفي بلد كذا في كسوة الكعبة مثلاً، أو صدقة على الفقراء أو في سبيل الله، وفعل المحلوف عليه، فقولان. قيل: لا يلزمه شيء وهو لابن القاسم وأصبغ، وحكى ابن حبيب عن ابن القاسم وابن عبد الحكم: أنه يلزمه إخراج جميع ما يكتسبه أو يستفيده في تلك المدة أو هذا البلد وهو الراجح لقول ابن رشد هو القياس، ولقول ابن عرفة إنه الصواب هذا كله إذا كانت الصيغة يميناً، فإن كانت نذراً بأن قال: لله علي التصدق بكل ما أكتسبه أو أستفيده، فإن لم يقيد بزمن أو بلد لزمه ثلث جميع ما يكتسبه بعد، وهذا ما لم يعين المدفوع له، وأما إن عينه كـ لله علي التصدق على فلان بكل ما أكتسبه أو إن فعلت فكل ما أكتسبه لفلان لزمه جميع ما يكتسبه عين زماناً أو مكاناً أو لا، كانت الصيغة نذرا أو يميناً. اهـ من حاشية الأصل.

قوله: [من البدع والضلال]: هذا هو المشهور، ومذهب المدونة لقولها سوق الهدايا لغير مكة ضلال ومقابله لمالك في الموازية وبه قال أشهب، جواز ذلك لأن إطعام المساكين بأي بلد طاعة ومن نذر أن يطيع الله فليطعه.

قوله: [فلا يبعثه وليذبحه بموضعه]: وأما نحو الشمع للأولياء فلا يلزم إلا أن يقصد به الاستصباح لمن يعبد الله بها، ولا يلزم نذر كسوة القبور وهو من البدع


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (لمكة من) في ط المعارف: (من لمكة)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>