أو أنه مبني على مقابل ما لابن رشد من أنهم ليس لهم منعه من البيع والشراء: أي وما جرت به العادة، وهو ظاهر كلام الشيخ وابن عرفة.
(وله): أي للغريم اتحد أو تعدد (رفعه): أي رفع من أحاط الدين بماله (للحاكم فيحكم) بعد إثبات إحاطة الدين بماله مع ما يأتي من الشروط (بخلع ماله لغرمائه، حضر) المدين (أو غاب) ولا يتوقف الحكم على حضوره فيقتسمونه بالمحاصة (و) هذا (هو) التفليس (الأخص) واستشكل تسمية الأول بالأعم وهذا بالأخص، بأن حقيقة الأعم ما يشمل الأخص وزيادة، والأخص ما اندرج تحت الأعم كالإنسان والحيوان، وليس الأمر هنا كذلك؛ لأن جنس الأعم قيام الغرماء على المدين وجنس الأخص حكم الحاكم المذكور وهما متباينان. وأجيب: بأن الأعمية والأخصية باعتبار الأحكام لا باعتبار الصدق، ولا شك أن الثاني يمنع من كل ما منعه الأول لا العكس. ومحل حكم الحاكم بما ذكر: (إن حل الدين) الذي هو عليه بعد ثبوته كلاً أو بعضاً، فلا يفلس من لم يحل عليه شيء. إلا أن محل تفليس الغائب إن بعدت غيبته كشهر أو توسطت كعشرة أيام، ولم يعلم ملاؤه، وإلا لم يفلس. وكشف عن حاله إن قربت لأن حكمه كالحاضر. وأشار للشرط الثاني بقوله:
(وطلبه): أي طلب تفليسه (البعض) من أرباب الديون، فأولى الكل (ولو أبى) تفليسه (غيره): أي غير الطالب له، فإنه يفلس لحق الطالب فإن لم يطلبه واحد منهم فلا يفلس. وأشار للشرط الثالث بقوله:
(وزاد) الدين الحال (على ماله) الذي بيده لا إن كان ماله أكثر اتفاقاً ولا إن ساوى على المذهب، (أو) لم يزد الحال على ما بيده، بأن كان أقل لكن (بقي) من ماله (ما لا يفي بالمؤجل) من الدين الذي عليه فيفلس على المذهب، ولو كان عليه مائتان مائة حالة ومائة مؤجلة ومعه مائة وخمسون فالخمسون الباقية لا تفي بالمؤجل فيفلس. وقيده بعضهم بما إذا كان الباقي لا يرجى بتحريكه وفاء المؤجل ولا يعامله الناس عليه وإلا لم يفلس وبما إذا لم يأت بحميل وإلا لم يفلس على الراجح فلا يحل عليه المؤجل. وأشار للشرط الرابع بقوله:
(وألد) بفتح الهمزة وتشديد المهملة: أي ماطل بعد حلول الأجل ولم يدفع ما عليه فإن دفع لهم جميع ما بيده ولم يتهم بإخفاء شيء
ــ
ونفقة عيد وأضحية.
قوله: [أو أنه مبني]: أشار بجواب ثان عن المصنف.
قوله: [وهو ظاهر كلام الشيخ وابن عرفة]: أي وهما طريقتان: طريقة ابن رشد أن لهم منعه، وطريقة ابن عرفة والشيخ خليل ليس لهم المنع مما جرت به العادة فيجوز الإفتاء بكل.
قوله: [مع ما يأتي من الشروط]: أي الأربعة التي أولها إن حل الدين.
قوله: [حضر أو غاب]: رد هذا التعميم على عطاء القائل بعدم جوازه، لأن فيه هتك حرمة المديان وإذلاله. و "حضر أو غاب" في محل الحال: أي حال كونه حاضراً أو غائباً، مثل: اضرب زيداً ذهب أو جلس، أي اضربه على كل حال والمراد هنا فلس على كل حال.
قوله: [بأن حقيقة الأعم] إلخ: تصوير للإشكال.
قوله: [لأن جنس الأعم] إلخ: حقيقة الأعم وحقيقة الأخص.
قوله: [لا باعتبار الصدق]: أي لا باعتبار المفهوم لتباين المفهومين.
قوله: [من كل ما منعه الأول]: أي وزيادة.
قوله: [لا العكس]: أي فإن الأول يمنع التبرعات ولا يشمل سائر التصرفات ولا يحل به المؤجل، ولا يقال هذا البحث لا يرد لأن جنسهما واحد؛ لأن الأعم هو قيام الغرماء والأخص هو قيام الغرماء مع الحكم بخلع ماله فالجنس في كل واحد، وإنما يتميز الثاني بالفصل الذي هو قولنا: مع الحكم بخلع ماله، لأننا نقول: هم لم يجعلوا قيام الغرماء في الأخص جزءاً من التعريف بل شرطاً للحاكم فلم يكن من الماهية - تأمل.
قوله: [إن حل الدين الذي هو عليه]: أي وسواء كان ذلك الحال كله لطالب تفليسه أو بعضه له وبعضه لغيره هذا هو الصواب خلافاً لما يقتضيه كلام بعضهم من أن المدين لا يفلس إلا إذا كان دين الطالب لتفليسه الحال زائداً على ما بيده.
قوله: [ولم يعلم ملأوه]: شرط في المتوسطة وأما في البعيدة فيفلس وإن علم ملاؤه.
قوله: [وكشف عن حاله] إلخ: أي فالغيبات ثلاث وهذه طريقة ابن رشد. وأما طريقة اللخمي فالغيبة عنده على قسمين بعيدة وقريبة فالقريبة كالثلاثة الأيام حكمه فيها كالحاضر فيكتب إليه ويكشف عن حاله، والبعيدة يفلس فيها إذا لم يعلم ملاؤه أي حين سفره سواء كانت العشرة الأيام أو الشهر. اهـ. من الحاشية.
قوله: [فإنه يفلس لحق الطالب]: قال مالك: إذا أراد واحد من الغرماء تفليس الغريم وحبسه وقال بعضهم ندعه ليسعى حبسه لمن أراد حبسه.
قوله: [فلا يفلس]: أي ليس له أن يفلس نفسه بأن يرفع الأمر للحاكم ويثبت عدم نفسه ويفلسه الحاكم من غير طلب الغرماء ذلك.
قوله: [ولا إن ساوى]: أي وهذا لا ينافي أنه يمنع من التبرعات عند المساواة كما مر ولكن تقدم النقل أن مساواة الدين لماله كزيادة الدين على ماله فمقتضى ما تقدم أن الحاكم يحكم بخلع ماله في حالة المساواة أيضاً.
قوله: [فيفلس على المذهب]: وقيل لا يفلس في هذه الحالة لأن الديون المؤجلة لا يفلس بها والأول للخمي والثاني للمازري.
قوله: [وقيده بعضهم]: المراد بالبعض ابن محرز. وظاهر كلام ابن عرفة أن هذا التقييد هو المذهب، فيحمل القول بتفليسه على ما إذا كان