للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(لمدعي نفي الرهنية) منهما لتمسكه بالأصل. ومن ادعى الرهنية فقد أثبت وصفاً زائداً فعليه البيان.

(ولو اختلفا في مقبوض، فقال الراهن): هو (عن دين الرهن)، وقال المرتهن: هو عن غيره (حلفا): أي يحلف كل منهما على طبق دعواه ونفي دعوى صاحبه (ووزع) المقبوض على الدينين معاً كالمحاصة. (كأن نكلا) فإنه يوزع عليهما بقدرهما، وقضي للحالف على الناكل، ويبدأ الراهن (كالحمالة): تشبيه في التوزيع بعد حلفهما؛ فإذا كان لرجل دينان أحدهما بحميل والثاني بغير حميل فقضاه أحدهما فادعى رب الدين أنه عن الذي بلا حميل وادعى المدينان [١] أنه عن الذي بحميل، أو يكون على رجل دينان أحدهما أصلي والآخر هو حميل به عن غيره، ومضى أحدهما ثم ادعى أنه دين الحمالة وادعى الآخر أنه دين الأصالة، فإنه يوزع في الصورتين بعد حلفهما.

(و) لو اختلفا (في قيمة) رهن (تالف) عند المرتهن (تواصفاه، ثم قوم) هذا إن اتفقا على وصفه. (فإن اختلفا) في وصفه (فالقول للمرتهن) بيمينه لأنه غارم (فإن تجاهلا): أي ادعى كل منهما جهل حقيقة صفته (فالرهن بما فيه) من الدين، ولا يرجع أحدهما على صاحبه بشيء (وهو): أي الرهن بالنظر لقيمته (كالشاهد) للراهن أو للمرتهن إذا اختلفا (في قدر الدين) فمن شهد له حلف معه، وكان القول له. (لا العكس): أي ليس الدين كالشاهد في قدر الرهن، بل القول للمرتهن إذا تلف الرهن واختلفا في وصفه؛ ولو ادعى صفة دون قدر الدين لأنه غارم والغارم مصدق، وكذا إذا لم يدع هلاكه وأتى برهن دون قدر الدين وقال الراهن: بل رهني غير هذا وقيمته تساوي الدين، هذا هو المشهور.

وتنتهي شهادة الراهن (إلى قيمته): أي الرهن فلا يشهد بالزائد عليها وتعتبر القيمة يوم الحكم إن كان قائماً كما سيأتي (ما لم يفت): أي مدة كونه لم يفت (في ضمان الراهن) بأن كان قائماً لم يفت أصلاً، أو فات في ضمان المرتهن؛ بأن كان مما يغاب عليه ولم يقم على هلاكه بينة. فلو فات في ضمان الراهن بأن قامت على هلاكه بينة أو كان مما يغاب عليه أو تلف بيد أمين لم يكن شاهداً على قدر الدين. وإذا كان الرهن كالشاهد فلا يخلو: إما أن يشهد للراهن أو للمرتهن أو لا يشهد لواحد منهما (فإن شهد للمرتهن): كأن يدعي أن الدين عشرون، وقال الراهن: بل عشرة، وقيمة الرهن عشرون فأكثر

ــ

والمرتهن: رجلان رهنا داراً لهما من رجلين فقضى أحدهما حصته من الدين كان له أخذ حصته من الرهن.

قوله: [لمدعي نفي الرهنية]: أي بيمين لقاعدة أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، فمدعي نفي الرهنية هو المنكر لتمسكه بالأصل فعليه اليمين ومدعي الرهنية هو المدعي لتمسكه بخلاف الأصل فعليه البينة.

قوله: [ووزع المقبوض على الدينين معاً]: ظاهره حل الدينان أو حل أحدهما أو لم يحلا اتحد أجلهما أو اختلف، وهو كذلك. وتفصيل اللخمي ضعيف.

قوله: [فإنه يوزع في الصورتين بعد حلفهما]: موضوع المسألتين: أنهما إن اتفقا في حصول البيان ولكن اختلفا في تعليقه هل هو دين الأصالة أو الحمالة وأما لو اختلفا في التبدئة عند القبض، فإن المقبوض يوزع عليهما من غير حلف كما أفاده شيخ مشايخنا العدوي.

قوله [ولا يرجح [٢] أحدهما على صاحبه بشيء]: وانظر هل لا بد من أيمانهما -كتجاهل المتبايعين الثمن - أو لا؟ قال الشيخ سالم السنهوري: لم أر فيه نصاً، والظاهر أنه مثله كما قال شيخ مشايخنا العدوي. ومفهوم قوله: "فإن تجاهلا" أنه لو جهله أحدهما وعلمه الآخر حلف العالم على ما ادعى فإن نكل فالرهن بما فيه قوله: [في قدر الدين]: أي الذي رهن فيه لأن المرتهن إنما أخذه وثيقة بحقه ولا يتوثق إلا بمقدار دينه فأكثر. قال (ح): وسواء أنكر الزائد بالكلية أو أقر به وادعى أن الرهن في دونه، فإذا قال الراهن: الدين المرهون فيه دينار، وقال المرتهن: ديناران، صدق من شهد له الرهن بيمينه، فإن كانت قيمته ديناراً صدق الراهن أو دينارين صدق المرتهن.

قوله: [أو ليس الدين كالشاهد في قدر الرهن]: أي وسواء كان الرهن قائماً أو فائتاً فإذا دفع له ثوبين وتنازعا في أن كليهما رهن أو أحدهما وديعة فالقول للمرتهن ولا يكون الدين شاهداً في قدر الرهن.

قوله: [هذا هو المشهور]: أي وهو قول أشهب، ورواه عيسى عن ابن القاسم وبه قال ابن حبيب. وعلله القاضي في المدونة: بأنه مؤتمن عليه ولم يتوثق منه بإشهاد.

قوله: [ما لم يفت] إلخ: "ما" مصدرية ظرفية معمولة لما فهم من قوله كالشاهد أي والرهن يشهد في قدر الدين مدة عدم فواته في ضمان راهنه إلخ.

قوله: [بأن كان قائماً]: أي مطلقاً مما يغاب عليه أو لا. والحاصل أن الصور خمس يكون الرهن شاهداً على قدر الدين في اثنين منها، ولا يكون شاهداً على قدره في ثلاث.

قوله: [أو فات في ضمان المرتهن]: وإنما كان شاهداً إذا فات في ضمان المرتهن ولم يكن شاهداً إذا فات في ضمان الراهن؛ لأنه إذا فات في ضمان المرتهن يضمن قيمته وهي تقوم مقامه. وإذا فات في ضمان الراهن لم يضمن قيمته فلم يوجد


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (المدين).
[٢] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (يرجع).

<<  <  ج: ص:  >  >>