للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهل يطلب بصومه ثم يقضيه؟ والمراد بصومه الإمساك فيه؛ لأن صومه غير صحيح أو لا يطلب، بل يجوز فطره لأنه وإن صامه فهو مفطر في الواقع وأما اليوم الرابع فلا خلاف أنه يصومه وإلا انقطع تتابعه بلا خلاف، (وجهل رمضان) أي وحكم جهل رمضان كما إذ ابتدأ بشعبان يظنه رجباً (كالعيد) أي كجهل العيد في أنه لا يقطع التتابع، ويبني بعد يوم العيد (و) ينقطع التتابع (بفصل القضاء) الذي وجب عليه عن صيامه (ولو ناسياً) أي ناسياً أن عليه قضاء لمزيد تفريطه (لا) ينقطع تتابعه (بإكراه) على الفطر، (و) لا (ظن غروب) أو بقاء ليل، (و) لا (نسيان) لكونه في صيام (كحيض ونفاس) لا يقطع كل منهما التتابع في كفارة وقتل أو فطر رمضان.

والنوع الثالث: الإطعام إذا لم يستطع الصوم وإليه أشار بقوله: (ثم لآيس عنه) أي عن الصوم بأن لم يطقه بوجه (تمليك ستين مسكيناً): وهو المراد بالإطعام في الآية، (أحراراً) فلا تجزئ لرقيق، (مسلمين) فلا تجزئ لكافر، (لكل) منهم (مد وثلثان) بمده صلى الله عليه وسلم، فمجموعها مائة مد وهي خمسة وعشرون صاعاً (براً): أي قمحاً إن اقتاتوه فلا يجزئ غيره من شعير أو ذرة أو غير ذلك، (فإن اقتاتوا غيره) أي غير البر (فعدله شبعاً) لا كيلاً، خلافا للباجي بأن يقال: إذا شبع الشخص من مد حنطة وثلثين فما يشبعه من غيرها، فإذا قيل كذا أخرجه (ولا يجزئ الغداء والعشاء) قال الإمام رضي الله عنه: إني لا أظنه يبلغ مداً وثلثين ولذلك لو تحقق بلوغهما ذلك كفى، وإلى ذلك أشار بقوله: (إلا أن يتحقق بلوغهما) أي الغداء والعشاء (ذلك) أي المد والثلثين.

(وللعبد) إذا ظاهر وعزم على الرجوع (إخراجه) أي الطعام (إن أذن له سيده) فيه، لا إن لم يأذن له، (وقد عجز) الواو للحال أي عند عجزه عن الصوم (أو منعه) سيده (الصوم) لإضراره بخدمته أو خراجه.

ــ

قوله: [فهل يطلب بصومه ثم يقضيه]: أي وهو قول ابن الكاتب كما علمت.

قوله: [أو لا يطلب بل يجوز]: هو قول ابن القصار

قوله: [ويبني بعد يوم العيد]: أي ويجري في يوم العيد ما تقدم من الخلاف، هل يصومه ويقضيه أو لا.

قوله: [وينقطع التتابع بفصل القضاء]: أي كما إذا أكل ناسياً أو أفطر لمرض أو إكراه، أو ظن غروب فالواجب عليه قضاء ما أفطر فيه، ووصل القضاء بصيامه، فإن ترك وصل القضاء بصيامه عامداً أو جاهلاً انقطع التتابع واستأنف الكفارة من أولها اتفاقاً، وكذا إن ترك وصله نسياناً أن عليه القضاء على المشهور من المذهب لتفريطه، وقال ابن عبد الحكم، يعذر بالنسيان وإنما لم يعذر بالنسيان على المعتمد في فصل القضاء، وعذر بالأكل ونحوه نسياناً في أثناء صوم الكفارة، مع أن الذي أفطر ناسياً قد أتى في خلال الصوم بيوم لا صوم فيه، لأن من فرق صومه بانقضاء فصل بين أجزائه بنية ترك صوم ما هو فيه، بخلاف من أفطر ناسياً فإنه لم ينو غير ما هو فيه فتأمل.

قوله: [لكونه في صيام]: متعلق بنسيان.

تنبيه: من لم يدر محل يومين من كفارتين صامهما متصلين لاحتمال أن ذلك من الثانية، وقضى شهرين لاحتمال أن ذلك من الأولى فبطلت بالدخول في الثانية لفصل القضاء، وسواء اجتماعهما وافتراقهما كذا في المجموع.

قوله: [ستين مسكيناً]: المراد بالمسكين ما يشمل الفقير.

قوله: [أحراراً]: حال من ستين لتخصيصه بالتمييز.

قوله: [فلا تجزئ لكافر]: أي ولو من المؤلفة قلوبهم فليست كالزكاة.

قوله: [لكل منهم مد وثلثان] إلخ: أي وهو قدر مد هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي، كان عاملاً على المدينة لعبد الملك بن مروان: هذا هو الصواب كما في (بن)، فمن قال كفارة الظهار ستون مداً فالمراد مد هشام، لأن مالكاً ضبطها به، وأما بمد رسول الله فهي مائة مد كما علمت، بخلاف كفارة الصوم فإنها ستون مداً بمده - صلى الله عليه وسلم -، وكفارة اليمين عشرة بمده - صلى الله عليه وسلم -، وكفارة التفريط في رمضان عن كل يوم مد لمسكين بمده - صلى الله عليه وسلم - وكذلك فدية الأذى إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدان فليفهم.

قوله: [وهي خمسة وعشرون صاعاً]: أي لأن الصاع أربعة أمداد.

تتمة: لا يجزئ تشريك كفارتين في مسكين بأن يطعم مائة وعشرين ناوياً تشريك الكفارتين فيما يدفعه لكل مسكين، إلا أن يعرف أعيان المساكين فيكمل لكل منهم مداً بأن يدفع لكل واحد منهم نصف مد، وهل محل الإجزاء إن بقي بيده أو مطلقاً؟ يجري على ما مر في اليمين، ولا يجزئ أيضاً تركيب صنفين في كفارة كصيام ثلاثين يوماً وإطعام ثلاثين مسكيناً ولو نوى المظاهر الذي لزمه كفارتان أو أكثر لكل عدداً من المخرج كما لو أطعم ثمانين ونوى لكل كفارة أربعين، أو لواحدة خمسين والأخرى ثلاثين، أو أخرج الجملة عن الجميع من غير نية تشريك في كل مسكين أجزأه وكمل على ما نواه لكل من الكفارتين في الصورة الأولى، وما ينوب الجميع في الثانية وسقط حظ من ماتت من النساء اللاتي ظاهر منهن فلا يكمل لها، ولا يحسب ما أخرجه عنها لغيرها، فلو نوى لكل

<<  <  ج: ص:  >  >>