وما اقتضاه كلام الشيخ لا يعول عليه.
وبقي من ظاهر من زوجته بأن قال لها: أنت عليّ كظهر أمي، فامتنع من وطئها حتى يكفر، فرفعته، هل يضرب له الأجل من يوم اليمين أي الظهار؟ وظاهر كلامهم أنه الأرجح وعليه اقتصرت المدونة كما قال الشيخ، ولذا اقتصرنا عليه بقولنا: (والمظاهر إن قدر على التكفير وامتنع) منه فلم يكفر (كالأول) أي كالذي يمينه صريحة في ترك الوطء يضرب له الأجل من وقت الظهار أو كان الثاني يضرب له الأجل من يوم الحكم أو من يوم تبين ضرره وهو يوم الامتناع من التكفير، وعليه تؤولت أقوال، وقوله: "إن قدر" إلخ مفهومه إن عجز عن التكفير لا يكون مولياً وهو كذلك لعذره بالعجز، فيطلق عليه إن أرادت للضرر بلا ضرب أجل بل الاجتهاد.
(كالعبد) يظاهر من زوجته، وكفارته بالصوم فقط (أبى) أي امتنع من (أن يصوم) وهو قادر عليه، (أو منع منه) أي منعه السيد من الصوم (بوجه جائز)، بأن كان صومه يضر بسيده في خدمته أو خراجه، قال في التوضيح عن ابن القاسم: يضرب له أجل الإيلاء إن رفعته، لكن ظاهر قوله: "إن رفعته" أنه يضرب له من يوم الرفع ولما فرغ من الكلام على ما تنعقد به الإيلاء وما لا تنعقد، شرع في الكلام على ما تنحل به إذا انعقدت فقال: (وانحل الإيلاء بزوال ملك من حلف) على ترك الوطء (بعتقه) بأن علق عتق عبده على الوطء، فإذا قال: إن وطئتك فعبدي حر، فإنه إن امتنع من وطئها يكون مولياً والأجل من يوم الحلف لدلالتها على ترك الوطء، فإذا زال ملكه عن العبد بموته أو تنجيز عتقه أو هبته أو بيعه، فإن الإيلاء تنحل عنه، فإن امتنع من وطئها بعد ذلك فمضارر، يطلق عليه إن شاءت للضرر بلا ضرب أجل (إلا أن يعود) العبد (له) أي لملكه (بغير إرث)، فيعود عليه الإيلاء إذا كانت يمينه مطلقة أو مقيدة بزمن، وقد بقي منه أكثر من أربعة أشهر، فلو عاد العبد إليه بإرث فلا تعود عليه الإيلاء؛ لأن الإرث يدخل به العبد في ملك الوارث بالجبر.
(و) انحل الإيلاء (بتعجيل) مقتضى (الحنث) كما لو قال: إن وطئتك فزوجتي فلانة طالق، أو فعلي عتق عبدي فلان، أو التصدق بهذا الدرهم، أو هذا العبد لشيء معين، ثم عجل طلاق الزوجة المذكورة بائناً، أو الصدقة بالشيء المعين، أو عتق العبد المعين، فإنها تنحل يمينه، فقوله: "وبتعجيل الحنث" أي تعجيل ما يقتضيه الحنث لو حنث في يمينه إذ ليس في تعجيل ما ذكر حنث لأن الحنث مخالفة المحلوف عليه.
(و) انحل الإيلاء (بتكفير ما يكفر) من الأيمان وهو اليمين بالله أو صفاته، كما لو قال: والله لا يطؤها خمسة أشهر فكفر عن يمينه قبل وطئه.
(وإلا) تنحل إيلاؤه بوجه مما سبق بأن استمرت منعقدة عليه، (فلها): أي الزوجة إن كانت حرة ولو صغيرة مطيقة لا لوليها،
ــ
ويضم لتلك الأربع الحنث بقسميه فتأمل.
قوله: [وما اقتضاه كلام الشيخ]: أي لقوله: " لا إن احتملت مدة يمينه أقل " فإنه جعل المحتملة المدة اليمين فيها من يوم الحكم مطلقاً، ولم يفصل فيها بين بر وحنث وقد علمت التفصيل فيها
قوله: [أقوال]: أي ثلاثة محلها ما لم يعلق ظهاره على وطئها، وأما لو علق ظهاره على وطئها بأن قال لها: إن وطئتك فأنت علي كظهر أمي، فإنه يكون مولياً والأجل من يوم اليمين قولاً واحداً، وإذا تم الأجل فلا تطالبه بالفيئة وإنما يطلب منه الطلاق، أو تبقى بلا وطء، فإن تجرأ ووطئ انحلت عنه الإيلاء ولزمه الظهار.
قوله: [لا يكون مولياً]: قيده اللخمي بما إذا طرأ عليه العجز بعد عقد الظهار، أما إن عقده على نفسه مع علمه بالعجز فاختلف، هل يطلق عليه حالاً لقصد الضرر بالظهار، أو بعد ضرب أجل الإيلاء وانقضائه رجاء أن يحدث الله له قدرة على التكفير، أو يحدث لها رأياً بالإقامة معه بلا وطء.
قوله: [أي امتنع من أن يصوم] إلخ: فإن عجز عن الصوم فكالحر لا يدخله إيلاء ولا حجة لزوجته.
قوله: [بوجه جائز] إلخ: مفهومه لو معه بوجه غير جائز فإن الحاكم يرده عنه.
قوله: [بزوال ملك]: وسواء كان زواله اختيارياً للحالف أم لا كبيع السلطان له في فلسه.
قوله: [بموته] إلخ: مثله البيع لأن المدار على زوال الملك عنه.
قوله: [فيعود عليه الإيلاء]: أي سواء كانت يمينه صريحة أو محتملة على المذهب، وسواء عاد لملكه كلاً أو بعضاً، فلو عاد ملكه لبعضه وقلتم بعود الإيلاء وطولب بالفيئة، ووطئ عتق عليه ما ملكه منه وقوم عليه باقيه إن كان موسراً.
قوله: [فلو عاد العبد إليه بإرث]: أي كله أو بعضه بالإرث فقط، وأما عود بالإرث وبعضه بغيره فكعوده كله بغير إرث فيعود الإيلاء.
قوله: [أي تعجيل ما يقتضيه الحنث]: أو يراد بالحنث هنا ما يوجبه الحنث كالعتق والطلاق.
قوله: [وهو اليمين بالله]: أي مثله النذر المبهم كقوله إن وطئتك فعلي نذر.
قوله: [ولو صغيرة]: أي أو سفيهة أو مجنونة فلها المطالبة حال إفاقتها، ولا يثبت لها طلب في حال جنونها، ومثلها المغمى عليها وليس لوليهما كلام حال الإغماء أو الجنون، بل تنتظر إفاقتهما.