للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يشمل التشبيه البليغ وهو ما حذفت أداته نحو: أنت أمي كما يأتي، (أو جزأها) عطف على: "من"، أي كيدها ورجلها، وشمل الجزء الحقيقي والحكمي كالشعر (بمحرمة) عليه أصالة، سواء كانت محرماً أو لا، فلا ظهار في قوله: أنت عليّ كظهر زوجتي النفساء أو المحرمة بحج، وشمل المحرمة أصالة: أمته المبعضة والمكاتبة، فالتشبيه بهما ظهار كالدابة، (أو ظهر أجنبية) "أو" للتنويع، ولو قال: "أو ظهرها" كان أخصر، وشمل قوله: "بمحرمة" الكل والجزء نحو: أنت عليّ كأمي، أو كيد أمي، ويدك عليّ كيد أمي أو كأمي (وإن تعليقاً) نحو: إن دخلت الدار فأنت عليّ كظهر أمي، وإن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي، (فإن علقه بمحقق) نحو: إن جاء رمضان فأنت علي كظهر أمي، أو فلانة الأجنبية، أو إن طلعت الشمس في غد فأنت إلخ (تنجز) من الآن ومنع منها حتى يكفر.

(و) إن قيده (بوقت تأبد) كالطلاق نحو: أنت علي كظهر أمي في هذا اليوم أو الشهر فلا ينحل إلا بالكفارة.

(ومنع) منها (في) صيغة (الحنث) نحو: إن لم أدخل الدار فأنت علي كظهر أمي، (حتى يفعل) بأن يدخل، فإن عزم على الضد أو فات المحلوف عليه فمظاهر لا يقربها بها حتى يكفر، (و) إذا منع منها حتى يفعل فلم يفعل، وكانت يمينه مطلقة (ضرب له أجل الإيلاء) من يوم الرفع، (كإن وطئتك فأنت علي كظهر أمي) هذه صيغة بر إلا أنه علق الظهار فيها على الوطء، فإذا غيب الحشفة صار مظاهراً منها ولا يجوز له النزع إذ هو وطء، وقد صار مظاهراً فيمنع منها، ولا يمكن منها، ويضرب له أجل الإيلاء من يوم اليمين، فقوله: "كإن وطئتك" تشبيه في المنع منها، وضرب أجل الإيلاء ولا يمكنه هنا تكفير؛ لأن الظهار لا ينعقد عليه إلا بالوطء وهو لا يمكن، كما علمت فلا تكفير قبل ثبوته، نعم إن تجرأ ووطئ كان مظاهراً وطلبت منه الكفارة، وإنما ضرب له أجل الإيلاء لعلها أن ترضى بالمقام معه على ترك الوطء، وهذا أحد أقوال وهو قول محمد، والثاني لعبد الملك أنه يغيب ثم ينزع فيصير مظاهراً، والنزع لا يعد وطئاً، وإنما هو تخلص من حرمة، والثالث يطأ ولا ينزل، والرابع أن له ذلك وإن أنزل، وعلى القول الأول وهو أنه لا يمكن منها جملة، فهل يعجل عليه الطلاق إذ لا فائدة في ضرب الأجل أو يضرب له أجل الإيلاء لما قدمنا؟ وهو ما اقتصرنا عليه، فإن ضرب له الأجل ورضيت بالمقام معه بلا وطء، فلها ترك الرضا والقيام بحقها في الطلاق بلا أجل، هذا حاصل ما في كلامهم، ثم إن أركان الظهار أربعة:

مظاهر: وهو الزوج أو السيد، وشرطه الإسلام والتكليف أخذاً مما تقدم.

ومظاهر منه: وهو الزوجة والأمة ولو مدبرة.

ومشبه به: وهو من حرم وطؤه أصالة

ــ

قوله: [ما يشمل التشبيه البليغ]: أي على ما قال محمد، وقال ابن عبد السلام: لا بد من ذكر أداة التشبيه كلفظ مثل أو الكاف، وأما لو حذفها وقال أنت أمي لكان خارجاً عن الظهار، ويرجع لكنايته في الطلاق، وسيأتي إيضاح ذلك.

قوله: [والحكمي كالشعر]: أما الحقيقي كاليد والرجل فمتفق على اللزوم، وأما في الحكمي فاختلف فيه كالشعر والكلام، وكل هذا في الأجزاء المتصلة، وأما المنفصلة كالبصاق فلا شيء فيه.

قوله: [كظهر زوجتي النفساء]: أي أو المطلقة طلاقاً رجعياً.

قوله: [كالدابة]: أي كتحريم ظهر الدابة، ويكنى بظهرها عن الفرج وإلا فظهر الدابة ليس بحرام.

قوله: [وشمل قوله بمحرمة] إلخ: أي فالأقسام أربعة تشبيه كل بكل، أو جزء بجزء، أو كل بجزء أو عكسه.

قوله: [وإن تعليقاً]: أي بإن أو إذا أو مهما أو متى.

قوله: [نحو إن دخلت الدار]: بضم التاء أو كسرها خطاب لها أو تكلم منه.

قوله: [كالطلاق]: أي يجري في تعليقه ما جرى في الطلاق، ويستثنى منه ما إذا قال لها: أنت علي كظهر أمي ما دمت محرماً أو صائماً أو معتكفاً فإنه لا يلزمه ظهار لأنها في تلك الحالة كظهر أمه فهو بمنزلة من ظاهر ثم ظاهر؛ والحاصل أنه متى قيد الظهار بمدة المانع من الوطء، سواء كان المانع قائما بها أو به كالإحرام والصوم والاعتكاف، فإنه لا يلزم.

قوله: [في صيغة الحنث]: أي المطلق الذي لم يقيد بأجل معين.

قوله: [من يوم اليمين]: أي لكونها صريحة في ترك الوطء.

قوله: [نعم إن تجرأ ووطئ]: أي ولا يجب استبراء لهذا الوطء وإن كان حراماً كما تقدم نظيره في الطلاق.

قوله: [أنه يغيب]: أي لتنحل الإيلاء.

قوله: [والرابع أن له ذلك] إلخ: الفرق بين هذا وبين قول عبد الملك إن [١] قول عبد الملك لم يتعرض فيه لحكم الإنزال بخلاف هذا

قوله: [لما قدمنا]: أي من التعليل وهو قوله: "لعلها أن ترضى بالمقام معه على ترك الوطء".

قوله: [فلها ترك الرضا والقيام] إلخ: أي إن لم يكن رضاها بالمقام في مدة معينة كسنة وإلا فليس لها ترك الرضا قبل انقضائها، وقوله بلا أجل أي لا يستأنف لها أجل آخر

قوله: [وهو الزوجة]: أي ولو مطلقة طلاقاً رجعياً، وقوله: "والأمة" أي على المشهور كما تقدم.

قوله: [ولو مدبرة]: أي لأنه يحل له وطؤها فيصح الظهار منها، بخلاف المبعضة والمكاتبة والمشتركة والمعتقة لأجل، فلا يصح فيهن ظهار لحرمة وطئهن بالأصالة.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (أن).

<<  <  ج: ص:  >  >>