أو الصرف المؤخر، ولا بيع الطعام قبل قبضه، وأن يسلم من الشرط المناقض؛ كشرط أن لا يلبسه أو لا يركبه أو لا يسكن فيه ونحو ذلك.
(وإلا) - بأن كان المصالح به منفعة - (فإجارة) للمصالح به، وهو القسم الثاني فيشترط فيها شروطها، فإن كان المدعى به معيناً - كهذا العبد - جاز الصلح عنه في الأحوال الثلاثة بمنافع معينة أو مضمونة لعدم فسخ الدين في الدين، وإن كان غير معين بل مضموناً في الذمة كدينار أو ثوب موصف ولم يجز الصلح عنه بمنافع معينة ولا مضمونة لما فيه من فسخ الدين في الدين.
(و) الصلح (على بعضه): أي بعض المدعى به (هبة) للبعض المتروك (وإبراء) من المدعي من ذلك البعض؛ وهذا هو القسم الثالث في الأحوال الثلاثة.
إذا علمت ذلك:
(فيجوز) الصلح (عن دين بما): أي بشيء (يباع به) ذلك الدين: أي بما يصح بيعه به؛ كدعواه عرضاً أو حيواناً أو طعاماً من قرض فصالحه بدنانير أو دراهم أو هما، أو بعرض أو طعام مخالف للمصالح عنه نقداً لا مؤجلاً ولا بمنافع، كسكنى دار أو ركوب دابة لفسخ الدين في الدين فقوله: "عن دين": أي مطلقاً؛ عيناً كان الدين أو غيره والمصالح به كذلك، إلا أنه لا بد أن يكون مخالفاً للمصالح عنه حتى يسمى صلحاً.
(و) جاز الصلح (عن ذهب بورق وعكسه إن حلا): أي المصالح عنه وبه (وعجل) المصالح به، وإلا لزم الصرف المؤخر.
(و) جاز الصلح (عن عرض) معين ادعاه على صاحبه فأقر أو أنكر (أو) عن (طعام غير المعاوضة) كذلك: أي معين أو عن مثلي ولو مؤجلاً؛ وكأنه أطلق العرض على ما يشمل المثليات غير الطعام، كالقطن والحديد ونحوهما مما يوزن أو يكال (بعين) ذهب أو فضة أو هما. (أو عرض) مخالف لما صولح عنه كأن يصالح عن عبد بثوب أو بحمار وعكسه ولو مؤجلاً (أو طعام مخالف) للطعام الذي صولح عنه؛ كأن يصالح عن إردب قمح بفول، وأما المماثل فهو ذو وفاء للدين (نقداً): أي حالاً، وإنما حمل هذا على المعين - كأن يدعي عليه بهذا العبد أو الثوب أو هذا الطعام بعينه - لئلا يتكرر مع قوله: "فيجوز عن دين بما يباع به". وقوله: "نقداً"، خاص بقوله: "أو طعام مخالف "لئلا يلزم النسيئة في الطعام.
ــ
أي كما لو صالحه على الذات التي يدعيها بسكنى دار أو خدمة عبد مثلاً.
قوله: [أو الصرف المؤخر]: أي كما لو صالحه عما يدعيه عليه من الدنانير التي في ذمته بفضة مؤجلة.
قوله: [ولا بيع الطعام قبل قبضه]: أي كما لو دفع له في نظير طعام من سلم شيئاً يخالف الطعام، وهذا عين قوله: وليس طعام معاوضة، فلا حاجة لذكره.
قوله: [فيشترط فيها]: أي في المنفعة.
قوله: [بمنافع معينة]: أي بمنافع ذات معينة.
قوله: [ولا مضمونة]: أي الذات المستوفى منها مضمونة.
قوله: [لما فيه من فسخ الدين في الدين]: أي لأن الذمة وإن لم تقبل المعين - فإنها تقبل منافعه، وقبض الأوائل ليس قبضاً للأواخر كما هو قول ابن القاسم.
قوله: [وإبراء من المدعي]: أشار بذلك إلى أنه ليس المراد بالهبة حقيقتها حتى يحتاج فيها للقبول من المدعى عليه قبل موت الواهب الذي هو المدعي بل المراد بها الإبراء وحينئذ، فلا يشترط قبول ولا تجدد حيازة على المعتمد. فإذا أبرأت زيداً مما عليه صح وإن لم يقبل، خلافاً لما في الخرشي من أن الإبراء يحتاج لقبول وإن لم يحتج لحيازة والهبة تحتاج لهما معاً اهـ من تقرير شيخ مشايخنا العدوي.
قوله: [في الأحوال الثلاثة]: أي يجري في الأحوال الثلاثة التي هي الإقرار والإنكار والسكوت كالقسمين قبله.
قوله: [أي بما يصح بيعه به]: مراده بالبيع: المعاوضة، وإنما تصح المعاوضة عن الدين إذا انتفت أوجه الفساد من فسخ الدين في الدين والنساء وبيع الطعام قبل قبضه والصرف المؤخر وضع وتعجل وعرف المدعي قدر ما يصالح عنه، فإن كان مجهولاً لم يجز. وهذا شرط في كل صلح كان بيعاً أو إجارة، ولذا اشترط في المدونة في صلح الزوجة عن إرثها معرفتها لجميع التركة لكن إذا أمكن معرفة ذلك فإن تعذر جاز على معنى التحلل إذ هو غاية المقدور كما نقله (ح) عن أبي الحسن - كذا في حاشية الأصل.
قوله: [لفسخ الدين في الدين]: راجع لقوله: "لا مؤجلاً" إلخ.
قوله: [إن حلا] إلخ: مفهوم كلام المصنف عدم اشتراط الحلول والتعجيل في صلحه عن ذهب بمثله وعن ورق بمثله كصلحه عن مائة بخمسين، وإنما يشترط كون الصلح عن إقرار أو سكوت وإلا كان فيه سلف جر منفعة من حيث إن من أجل ما عجل عد مسلفاً وانتفع المدعي بإسقاط اليمين عنه على تقدير لو ردت عليه من المدعى عليه.
قوله: [وعجل المصالح به]: لم يشترط تعجيل المصالح عنه لأنه تحصيل الحاصل.
قوله: [فأقر أو أنكر]: أي أو سكت.
قوله: [أو عن مثلي]: معطوف على قوله: " أو عن طعام غير المعاوضة " ولا بد من قيد التعيين فيه.
قوله: [على ما يشمل المثليات]: أي من كل ما يجوز بيعه قبل قبضه.
قوله: [بعين]: متعلق بقوله: عن عرض أو طعام غير المعاوضة أو عن مثلي فيجوز الصلح عن الجميع بعين حالاً أو مؤجلاً لأن غاية ما فيه بيع معين بثمن لأجل.
قوله: [أو عرض]: معطوف على عين، أي: فحكم العرض المخالف حكم العين.
قوله: [ولو مؤجلاً]: قد علمت أنه راجع للعرض والعين معاً.
قوله: [أو طعام مخالف]: معطوف