للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(و) المباح (خمر تعين لغصة) أي لإزالتها لا إن لم يتعين ولا لغير غصة.

(وجاز) للمضطر (الشبع) من الميتة ونحوها على الأصح (كالتزود) أي كما يجوز له التزود منها (إلى أن يستغنى) عنها، فإن استغنى عنها وجب طرحها.

(و) إذا وجد من المحرم ميتة وخنزيراً وصيداً صاده محرم (قدم الميتة على خنزير وصيد محرم) حي بدليل ما بعده وأولى الاصطياد، (لا) يقدم (على لحمه) أي لحم الصيد إذا وجده مقتولاً أو مذبوحاً، بل يقدم لحم الصيد على الميتة أي أن المضطر إذا وجد ميتة وصيد المحرم حياً قدم الميتة على ذبح الصيد، فإن وجده مذبوحاً قدمه على الميتة؛ لأن حرمته عارضة للمحرم، وحرمة الميتة أصلية.

(و) قدم (الصيد) للمحرم (على الخنزير) لأن حرمته ذاتية وحرمة صيد المحرم عرضية، (و) قدم (مختلف [١] فيه) بين العلماء (على متفق عليه) كالخيل تقدم على الحمير والبغال، (و) قدم (طعام الغير) أي غير المضطر (على ما ذكر) من الميتة ولحم الخنزير ولحم ما اختلف فيه ولو بغصب، (إلا لخوف كقطع) ليد وكذا خوف الضرب المبرح فأولى القتل، فإن خاف ذلك قدم الميتة أو لحم الخنزير.

(وقاتل) المضطر جوازاً (عليه) أي على أخذه من صاحبه لكن (بعد الإنذار) بأن يعلمه أنه مضطر، وإن لم يعطه قاتله فإن قتل صاحبه فهدر لوجوب بذله للمضطر، وإن قتل المضطر فالقصاص.

ثم شرع يتكلم على المكروه من الطعام والشراب بقوله: (والمكروه: الوطواط) بفتح الواو وهو الخفاش جناحه من لحم، (و) الحيوان (المفترس كسبع وذئب وضبع وثعلب وفهد) بكسر الفاء، (ونمر ونمس وقرد ودب) بضم الدال المهملة، (وهر، وإن) كان (وحشياً) والمفترس ما افترس الآدمي أو غيره، وأما العادي فمخصوص بالآدمي، (وكلب) إنسي: وقيل بالحرمة في الجميع، ورد بقوله تعالى: {قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما} [الأنعام: ١٤٥] إلخ، ولم يرد في السنة ما يقتضي التحريم.

(و) كره (شراب خليطين) أي شرب شراب مخلوطين كزبيب وتمر أو تين أو مشمش أو نحو ذلك، وسواء خلطا عند الانتباذ أو عند الشرب، ومنه ما تقدم من السوبيا والفقاع والمريسة ومنه ما يعمل للمرضى، وما يعمل في القاهرة في رمضان يسمونه الخشاف؛ لكن لا مطلقاً بل (إن أمكن الإسكار) بأن طال زمن النبذ كاليوم والليلة فأعلى، لا إن قرب الزمن فمباح ولا إن دخله الإسكار ولو ظناً فحرام نجس.

ــ

لا يزيل الضرورة كما قال الشارح.

قوله: [تعين لغصة]: أي حيث خشي منها الهلاك ويصدق المأمون ويعمل بالقرائن.

قوله: [على الأصح] ونص الموطأ: ومن أحسن ما سمعت في الرجل يضطر إلى الميتة أنه يأكل منه حتى يشبع ويتزود منها فإن وجد عنها غنى طرحها. اهـ.

قوله: [عارضة للمحرم] أي خاصة به حال الإحرام بخلاف الميتة فحرمتها دائمة.

قوله: [كالخيل]: أي فإن مشهور مذهب الشافعي حل أكلها، فعلى مذهبه تعمل فيها الذكاة فيقدمها على البغال والحمير، وفي مذهبنا قول بالإباحة أيضاً، وتقدم لنا قول عن مالك بكراهة أكل البغال والحمير، فتقدم إن كانت حية وتذكى على الميتة.

قوله: [كقطع ليد] أي كالسرقة من تمر الجرين وغنم المراح وكل ما كان في حرز صاحبه.

قوله: [وكذا خوف الضرب المبرح] أي إذا لم يكن في سرقته قطع. إن قلت: المضطر إذا ثبت اضطراره لا يجوز قطعه ولا ضربه ولو كان معه ميتة فكيف يخاف القطع؟ أجيب بأن القطع قد يكون بالتغليب والظلم وتقديم طعام الغير بشرطه على الميتة مندوب، وأما عند الانفراد فيتعين ما وجده.

واعلم أن اشتراط عدم خوف القطع إنما هو إذا وجد الميتة أو الخنزير أو لحم المحرم، وإلا أكل ولو خاف القطع كما في الأجهوري، لأن حفظ النفوس مقدم على خوف القطع والضرب، وحيث أكل الطعام بالوجه المذكور فلا ضمان عليه إذا لم يكن معه ثمن، لأنه لم يتعلق بذمته كما تقدم.

قوله: [وقاتل المضطر جوازاً]: بل إذا خشي الهلاك ولم يجد غيره قاتل وجوباً لأن حفظ النفوس واجب.

قوله: [وقيل بالحرمة في الجميع]: روى المدنيون عن مالك تحريم كل ما يعدو من هذه الأشياء كالأسد أو النمر والثعلب والكلب، وما لا يعدو يكره أكله ولكن المشهور الأول الذي مشى عليه شارحنا، وقد علمت أن في الكلب الإنسي قولين بالحرمة والكراهة، وصحح ابن عبد البر التحريم قال (ح) ولم أر في المذهب من نقل إباحة أكل الكلاب.

قوله: [أي شرب شراب مخلوطين] إنما قدر ذلك لأنه لا تكليف إلا بفعل.

قوله: [وسواء خلطاً عند الانتباذ أو عند الشرب] ومفهوم الانتباذ أن التخليل لا كراهة في جمعهما فيه على المشهور كما نص عليه ابن رشد وغيره.

قوله: [والمريسة]: أي البوظة.

قوله: [بل إن أمكن الإسكار] هذا يقتضي أن علة النهي احتمال الإسكار بمخالطة الآخر، وقال ابن رشد: ظاهر الموطأ أن النهي عن هذا تعبدي لا لعلة، وعليه فيكره شراب الخليطين، سواء أمكن إسكاره أم لا، ولكن استظهر في الحاشية القول ولذلك مشى عليه شارحنا وإن استصوب بن الثاني.

تنبيه: إذا طرح الشيء في نبيذ نفسه كطرح العسل في نبيذ نفسه والتمر في نبيذ نفسه كان شربه


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (مختلفاً).

<<  <  ج: ص:  >  >>