للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعبدي حر، أو فهي طالق، بل (ولو) كان التعليق (حكماً) نحو عليه الطلاق لا يدخلها، فإنه في قوة: إن دخلها فهي طالق، ونحو: عليه الطلاق، لأدخلن، فإنه في قوة قوله [١] إن لم أدخل فهي طالق، فالأولى صيغة بر، والثانية صيغة حنث بالقوة لا بالتصريح. (على) حصول (أمر): كدخول دار أو لبس ثوب نحو إن دخلت أو لبست، (أو) على (نفيه) نحو: إن لم أدخل، أو: إن لم ألبس هذا الثوب فهي طالق، وهذه صيغة حنث؛ لأنه لا يبرأ إلا بالدخول أو اللبس، وما قبلها صيغة بر؛ لأنه على بر حتى يفعل المحلوف عليه، وهذا فيما إذا كان المحلوف عليه. أي المعلق عليه غير معصية كدخول الدار، بل (ولو) كان المعلق عليه (معصية) كشرب خمر نحو: إن شربت الخمر فهي طالق أو فعبده حر، فإن شربه وقع عليه الطلاق وعتق عليه العبد.

فعلم أن المعلق وهو المحلوف به لا بد أن يكون قربة أو حل عصمة، وأن المعلق عليه وهو المحلوف عليه إثباتاً أو نفياً أعم من أن يكون جائزاً أو محرماً شرعاً أو واجباً شرعاً أو عادة أو عقلاً أو مستحيلاً، وسيأتي -إن شاء الله- حكم ما إذا علق على الواجب أو المستحيل عند قوله: "وإلا حنث بفوات ما علق عليه ولو لمانع شرعي" إلخ.

وأفهم قوله "قربة" إلخ: أنه لو علق جائزاً غير حل العصمة أو علق معصية على أمر لا يلزمه شيء؛ نحو: إن دخلت الدار فعلي أو فيلزمني المشي في السوق، أو إلى بلد كذا أو شرب الخمر، لم يلزمه شيء بل يحرم عليه المعصية كشرب الخمر. وأشعر قوله: "قربة" أنها ليست بمتعينة وإلا فهي لازمة أصالة كصلاة الظهر، بخلاف غيرها من تطوع أو فرض كفاية كصلاة الجنازة فيلزمه إن فعل المحلوف عليه.

(قصد) المعلق بتعليقه المذكور (الامتناع منه): أي من فعل المعلق عليه في صيغة البر، فنحو: إن دخلت الدار يلزمني الطلاق، قصده به الامتناع من دخولها. (أو الحث): أي الحض (عليه): أي على الأمر المنفي في صيغة الحنث، فنحو: إن لم أدخلها فهي طالق، قصده بذلك الدخول، والحث عليه، فإذا لم يدخل لزمه الطلاق، فقوله: "قصد" هو فعل ماض، والمعنى تعليقه على وجه قصد الامتناع في البر، وطلب الفعل في الحث، وخرج به النذر نحو: إن شفى الله مريضي فعلي صدقة كذا؛ فهذا ليس بيمين لعدم قصد امتناع من شيء ولا طلب لفعله.

(أو) قصد (تحقيقه [٢]) أي تحقق ذلك الأمر أي حصوله نحو: عليه الطلاق، أو عتق عبده لقد قام زيد أو إنه لم يقم؛ فليس هنا قصد امتناع من شيء ولا حث على فعله، وإنما مراده تحقق قيامه في الأول وتحقق عدمه في الثاني.

ثم شرع في ذكر أمثلة ما قدمه بقوله: (كإن فعلت) كذا فعليّ صوم شهر، أو: فأنت يا عبدي حر، أو: فأنت طالق، وهذا في صيغة البر لأنه على بر حتى يقع المحلوف عليه. ويجوز ضم التاء من فعلت وفتحها وكسرها كما هو ظاهر. (أو) نحو: (إن لم أفعل) أنا أو: إن لم تفعلي يا هند أو: إن لم تفعل يا زيد (كذا) كلبس ثوب (فعلي صوم كذا) كشهر والصوم قربة، (أو: فأنت) يا عبدي (حر) وتحرير الرقبة من القرب، (أو: فأنت) يا زوجتي (طالق) والطلاق حل عصمة النكاح، وهذا في صيغة الحنث لأنه قد تعلق به الحنث ولا يبر إلا بفعل مدخول النفي.

ــ

شرط صحة التعليق التكليف كالإسلام.

قوله: [فعبدي حر]: مثال لتعليق القربة، وقوله: فهي طالق مثال لتعليق حل العصمة.

قوله: [بالقوة لا بالتصريح]: راجع لصيغة البر والحنث.

قوله: [وهذه صيغة حنث]: أي الجملة التي اشتملت على مثال النفي، والمثالان صريحان في الحنث.

قوله: [وما قبلها صيغة بر]: أي المثالان اللذان مثل بهما لحصول أمر، وهما صريحان في البر أيضاً.

قوله: [لأنه على بر]: أي على البراءة الأصلية.

قوله: [لا بد أن يكون قربة]: أي كتعليق الصلاة والصيام والمشي لمكة إلى آخر ما تقدم.

قوله: [إثباتاً] أي وهو صيغة البر، وقوله: أو نفياً أي الذي هو صيغة الحنث، وقوله جائزاً أي كالدخول واللبس في صيغتي البر والحنث، وقوله: أو محرماً شرعاً أي كشرب الخمر.

قوله: [أو إلى بلد كذا]: مثال للجائز، والموضوع أن المشي للبلد الذي سماها [٣] ليس بقربة بخلاف لو علق المشي لمكة فإنه قربة.

قوله: [أنها ليست بمتعينة] أي وأما التزام المتعين فهو تحصيل حاصل وحقيقة اليمين هو تحقيق ما لم يجب، فالواجب الشرعي والعقلي والعادي لا يتأتى تجديد تحصيله لحصوله.

قوله: [فهذا ليس بيمين] أي باتفاق ابن عرفة وغيره.

قوله: [أي حصوله] أي ثبوت ما نسب لذلك الأمر من نسبة الوجود أو العدم، سواء كان ذلك الأمر جائزاً أو محرماً شرعاً، أو واجباً شرعاً أو عادة أو عقلاً أو مستحيلاً، وتمثيل الشارح بقوله: لقد قام إلخ فرض مثال والمثال لا يخصص.

قوله: [وإنما مراده تحقيق قيامه]: أي تقويته وتأكيده، ولذلك يقولون: إن اليمين من جملة المؤكدات.

قوله: [ثم شرع في ذكر أمثلة ما قدمه]: أي على سبيل اللف والنشر المرتب.

قوله: [ويجوز ضم التاء] إلخ: فالضم للمتكلم والفتح للمخاطب والكسر للمخاطبة، فلا فرق بين التعليق على فعله أو فعل الغير ذكراً أو أنثى.

قوله: [وهذا في صيغة الحنث] اسم الإشارة عائد على قوله أو نحو إن لم أفعل إلخ.

قوله: [لأنه قد تعلق به الحنث] أي لقيام سبب الحنث به فلذلك


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (وقوله).
[٢] في ط المعارف: (تحققه)، ولعله الصواب.
[٣] في ط المعارف: (سماه).

<<  <  ج: ص:  >  >>