والتعليق في القسمين صريح.
وأشار لمثال التعليق الحكمي بقوله: (وكعلي) المشي إلى مكة أو: علي صدقة بدينار أو: علي الطلاق، لأدخلن الدار أو لتدخلنها أنت. (أو: يلزمني المشي إلى مكة أو: ) يلزمني (التصدق بدينار أو: ) يلزمني (الطلاق لأفعلن) كذا أو لأدخلن الدار مثلاً، (أو لتفعلن) يا زيد كذا، فإن ذلك تعليق ضمني في قوة إن لم أفعل كذا، أو إن لم تفعل فعليّ ما ذكر، أو فيلزمني ما ذكر، فيلزمه إن لم يفعل فهو في قوة صيغة الحنث المقصود منها فعل الشيء. وسكت عن التعليق الضمني لصيغة البر المقصود منها عدم فعل الشيء للعلم به من المقايسة، وللإشارة إليه بما يأتي في التعليل، ومثاله أن يقول: يلزمني أو علي الطلاق مثلاً لا أفعل كذا أو لا تفعلي كذا بإدخال حروف النفي على الفعل؛ فإنه في قوة: إن فعلته أو إن فعلتيه فالطلاق يلزمني، وهو على بر حتى يقع المحلوف عليه.
وأشار للضمني المقصود منه تحقق الحصول بقوله: (أو: ) علي الطلاق أو يلزمني الطلاق أو عتق عبدي (لقد قام زيد أو: لم يقم)، أو: لزيد في الدار، أو: ليس فيها أحد. فالأول المثبت في قوة قوله: إن لم يكن قام زيد، أو: إن لم يكن في الدار فهي طالق، أو: فعبدي حر، وهو صيغة حنث قصد بها تحقق القيام، والكون في الدار، والثاني: المنفي في المثالين في قوة قوله: إن كان زيد قام، أو في الدار أحد فهي طالق أو فعبدي حر، وهو صيغة حنث قصد بها تحقق القيام، أو عدم كون أحد في الدار.
وقوله: (فإنه في قوة) قوله: (إن لم أفعل أو) في قوة قوله: (إن فعلت) تعليل لبيان أنه تعليق ضمني وهو ما بالغ عليه بقوله آنفاً، ولو حكماً. لكن قوله: إن لم أفعل راجع لما ذكره بقوله: "وكعلي أو يلزمني" إلى قوله: "لأفعلن أو لتفعلن"، وفي كلامه هنا حذف تقديره: أو إن لم تفعل يا زيد، فقولنا: "إن لم أفعل" ناظر لقوله: "لأفعلن"، والمقدر ناظر لقوله: لتفعلن، وهما صيغتا حنث، وقوله: "أو إن فعلت" تعليل لما سكت عنه من التعليق الضمني في البر كما أشرنا لذلك في الشرح. وأما قوله: "لقد قام زيد" إلخ فلم يذكر تعليله هنا، وتقدم لك بيانه "وهو أن لقد قام في قوة صيغة حنث، وإن لم يقم في قوة صيغة بر". وهذا القسم الأول من اليمين بجميع صوره، لم يذكره الشيخ.
وإنما اقتصر على القسم الثاني وهو اليمين بالله تعالى، فقال: "اليمين تحقيق ما لم يجب" إلخ. واعلم أن هذا القسم الأول لا تفيد فيه كفارة ولا إنشاء بخلاف الثاني كما يأتي.
ثم شرع في بيان الثاني بقوله: (أو قسم) بفتح القاف والسين المهملة و "أو" فيه للتنويع أي التقسيم
ــ
يؤمر بالتخلص منه بفعل المحلوف عليه.
قوله: [في القسمين]: أي البر والحنث.
قوله: [لأدخلن الدار]: أي في حلفه على فعل نفسه، وقوله: أو لتدخلنها بنون التوكيد إما خطاب لمذكر أو لمؤنث في حلفه على فعل غيره، وقدر الشارح هنا هذين المثالين إشارة إلى أن قول المصنف الآتي لأفعلن أو لتفعلن مقدر هنا أيضاً.
قوله: [وللإشارة إليه فيما يأتي في التعليل] أي في قوله: فإنه في قوة إن لم أفعل أو إن فعلت، فإن قوله أو إن فعلت تعليل لما سكت عنه من التعليل الضمني في البر كما سيأتي التنبيه عليه في الشارح.
قوله: [ومثاله أن يقول يلزمني أو علي الطلاق]: كل من يلزمني وعلى تنازع فيه الطلاق، وهذا مثال لحل العصمة، وأشار لمثال التزام القربة في البر بقوله مثلاً.
قوله: [فإن في قوة إن فعلته أو فعلتيه] إلخ: أي ما تقدم من قوله يلزمني أو علي في قوة التصريح بما قال الشارح، ومثال تعليق القربة الضمني في البر أن تقول: يلزمني أو: علي عتق عبدي مثلاً لا أفعل كذا، أو لا تفعلي كذا بإدخال حرف النفي على الفعل إلى آخر ما قال الشارح، فإنه في قوة: إن فعلته أو: فعلتيه فالعتق يلزمه.
قوله: [فالأول]: أي فالمثال الأول من كلام الشارح والمتن المثبت كل منهما، وهو قول المتن: (لقد قام زيد)، وقول الشارح: ولزيد في الدار.
وقوله: [والثاني المنفي]: أي المثال المنفي من كلام الشارح، والمتن وهو قوله في المتن: (أو لم يقم أو ليس فيها أحد) فتأمل، وقول الشارح: وهو صيغة حنث إلخ الواقع بعد مثال النفي سبق قلم، بل هي صيغة بر وسيأتي يصرح بأنه صيغة بر في قوله: وإن لم يقم في قوة صيغة البر.
قوله: [وفي كلامه هنا حذف]: أي في التعليل.
قوله: [وتقدم لك بيانه]: أي في شرح قوله: [لقد قام زيد] إلخ.
قوله: [بجميع صوره]: وهي ستة عشر تؤخذ من الشرح. حاصلها: أن تقول: المعلق إما أن يكون التزام قربة أو حل عصمة، وفي كل: إما أن يكون صريحاً أو ضمناً. وفي كل: إما أن يكون المعلق عليه قصد امتناع أو حث عليه، فهذه ثمانية، وبقي ما إذا قصد تحقق المعلق عليه وتحته ثمانية أيضاً، وهي أن تقول المعلق: إما التزام قربة أو حل عصمة، وفي كل: إما أن يكون صريحاً أو ضمناً، وفي كل إما أن يكون المعلق عليه الذي قصد تحققه مثبتاً أو منفياً، وهذا على سبيل الإجمال.
وأما إذا التفت إلى المعلق عليه من حيث إنه جائز أو ممتنع شرعاً أو واجب شرعاً أو عادة أو عقلاً أو مستحيل عادة أو عقلاً، فتكثر الصور جدا فتدبر.
قوله: [لم يذكره الشيخ] أي لم يتعرض الشيخ خليل لتعريفه وضابطه كما تعرض مصنفنا، وإلا فقد نص على أحكامه في أثناء هذا الباب والنذر والطلاق ولم يترك منها شيئاً فجزى الله الجميع خيراً ونفعنا بهم.
قوله: [لا تفيد فيه كفارة ولا إنشاء]: أما عدم كونه إنشاء