ولا يضر ذكرها في الحدود أي: أو حلف. (على أمر كذلك): أي إثباتاً أو نفياً بقصد الامتناع من الشيء المحلوف عليه أو الحث على فعله أو تحقق وقوع شيء أو عدمه نحو: والله لأضربن زيداً أو لا أضربه أو لتضربنه أو لا تضربه أنت، ونحو: والله لقد قام زيد أو لم يقم. (بذكر اسم الله): متعلق بقسم وشمل الاسم كل اسم من أسمائه تعالى: (أو) بذكر (صفته) أي كل صفة من صفاته الذاتية، أي القائمة بذاته أو السلبية لا الفعلية التي هي تعلق القدرة بالمقدورات كالخلق والرزق والإحياء والإماتة.
(وهي التي تكفر) إذا حنث أو قصد الحنث إذا لم تكن غموساً ولا لغواً (كبالله وتالله) لا أفعل كذا أو لأفعلنه، (وها لله) بإقامة "ها" التنبيه مقام حرف القسم.
والأصل في حروف القسم الواو لدخولها على جميع المقسم به بخلاف التاء المثناة من فوق فإنها خاصة بالله، وقد تدخل على الرحمن قليلاً.
ــ
فلكونه تعليقاً والتعليق غير الإنشاء، وأما عدم الكفارة فلأنه ليس مما يكفر، بل إما لزوم المعلق أو عدمه فتدبر.
قوله: [ولا يضر ذكرها في الحدود]: وإنما الممنوع ذكر (أو) التي للشك.
قوله: [على أمر]: كلامه صادق بالواجب العقلي والعادي، ولكن قوله: (وهي التي تكفر) يخرج الواجب العقلي والعادي، فيدخل الممكن عادة ولو كان واجباً أو ممتنعا شرعاً نحو: والله لأدخلن الدار، أو: لا أدخلها أو: لأصلين الصبح، أو: لا أصليها أو: لأشربن الخمر، أو: لا أشربها، والممكن عقلاً ولو امتنع عادة نحو: لأشربن البحر، أو: لأصعدن السماء. ويحنث في هذا بمجرد اليمين إذ لا يتصور هنا العزم على الضد لعدم قدرته على الفعل، ودخل الممتنع عقلاً نحو: لأجمعن بين الضدين، ولأقتلن زيداً الميت بمعنى إزهاق روحه، ويحنث في هذا أيضاً بمجرد اليمين لما مر، فالممتنع عقلاً أو عادة إنما يأتي فيه صيغة الحنث كما مثلنا، وأما صيغة البر نحو: لا أشرب البحر ولا أجمع بين الضدين، فهو على بر دائماً ضرورة أنه لا يمكن الفعل. وخرج الواجب العادي والعقلي كطلوع الشمس من المشرق، وتحيز الجرم فإنه لو قال: والله إن الجرم متحيز فهو صادق؛ وإن قال: ليس بمتحيز فهي غموس، وإنما خرج هذان القسمان لأن الكلام في التي تكفر كذا في الأصل، وسيصرح بذلك المصنف.
قوله: [نحو والله لأضربن زيداً]: لم يأت بالأمثلة على الترتيب كما هو ظاهر، وكان الأولى أن يقول إثباتاً بقصد الحث على الفعل، أو نفياً بقصد الامتناع من الشيء، أو تحقق وقوع شيء أو عدمه نحو: والله لأضربن أو لتضربن زيداً أو لا أضربه أو لا تضربه أنت ونحو: والله لقد قام زيد أو لم يقم.
قوله: [كل اسم من أسمائه]: أي لأن اسم في كلامه مفرد مضاف يعم، وأراد بالاسم ما دل على الذات العلية سواء دل عليها وحدها كالجلالة، أو مع صفة كالخلق والقادر والرازق، ومن ذلك قول الناس. والاسم الأعظم: واسم الله، إلا أن ينوي بالأول غيره، وأما قولهم: الله ورسوله فليس يميناً لأنهم يقصدون به شبه الشفاعة ولا بد من الهاء. والمد قبلها طبيعياً، وفي اشتراط العربية خلاف كذا في (المج).
قوله: [أي القائمة بذاته]: أي كالعلم والقدرة والإرادة وباقي صفات المعاني.
قوله: [أو السلبية]: أي كالقدم والبقاء والوحدانية وباقي صفات السلوب كما استظهره في الحاشية، قال في المجموع: وظاهره ولو بمخالفته للحوادث لا مخالفة الحوادث له على الظاهر وإن تلازما، ويشمل أيضاً المعنوية وهي كونه قادراً ومريداً إلى آخرها والنفسية كما يأتي في الأمثلة بخلاف الاسم الدال عليها كالوجود، ويدخل الصفة الجامعة كجلال الله وعظمته كما يأتي، قال في الحاشية: وذكر بعض شيوخنا أنه لو قال: والعلم الشريف - ويريد علم الشريعة - فليس بيمين، ومن ذلك قولهم: صوم العام يلزمني، بخلاف: إن كلمته فعلي صوم العام، فإنه التزام وهو يمين ا. هـ.
قوله: [لا الفاعلية] أي على مذهب الأشاعرة، وأما على مذهب الماتريدية فينعقد بها اليمين أيضاً؛ لأنها قديمة عندهم، ويسمونها بالتكوين.
قوله: [إذا حنث] أي فيما إذا كانت الصيغة صيغة بر.
وقوله: [أو قصد الحنث] أي فيما إذا كانت صيغة حنث.
قوله: [إذا لم تكن غموساً ولا لغواً]: أي وأما الغموس واللغو فليس الكلام فيهما، بل يأتي حكمهما.
قوله: [كبالله وتالله] وأولى الإتيان بالواو، وقال الخرشي: ومثله الاسم المجرد من حرف القسم، قال في الحاشية: كذا في التلقين والجواهر، لكن لم يعلم منه هل هو مجرور أو منصوب أو مرفوع؟ أما الجر والنصب بنزع الخافض فظاهران، وأما الرفع فلحن كما قال بعض الشيوخ. ولعل الحكم فيه كالحكم في الذي قبله، فإذا قال الحالف: الله لأفعلن نصباً أو جراً انعقدت اليمين، وقال التونسي إن نوى حرف القسم ونصبه بحذفه ك بالله لأفعلن فيمين، وإن كان خبراً فلا، إلا أن ينوي اليمين ا. هـ.
قوله: [مقام حرف القسم]: والمراد بحرف القسم التي قامت مقامه هو الواو، لأنها الأصل في حروف القسم.