للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا الباء الموحدة دخولها على غير الله قليل ونحو: (والرحمن وأيمن الله) أي بركته، وقد تحذف نونه فيقال: وأيم الله (ورب الكعبة) أو البيت أو العالمين أو نحو ذلك، (والخالق والعزيز) والرازق من كل ما يدل على صفة فعل، فأولى ما يدل على صفة ذات كالقادر، (وحقه) أي الله ومرجعه للعظمة والألوهية فإن قصد الحالف به الحق الذي على العباد من التكاليف والعبادة فليس بيمين شرعاً، (ووجوده) صفة نفسية، (وعظمته وجلاله) وكبريائه، ويرجعان للعظمة الراجعة للألوهية، وأما الجمال فمرجعه للتقديس عن النقائص من صفات المخلوقات، (وقدمه وبقائه ووحدانيته) صفات سلبية، (وعلمه وقدرته) من صفات المعاني فكذا بقيتها، (والقرآن والمصحف) لأنه كلامه القديم وهو صفة معنى ما لم يرد بالمصحف النقوش والورق، (وسورة البقرة) مثلاً، (وآية الكرسي) مثلاً (والتوراة والإنجيل والزبور) لأن الكل يرجع لكلامه الذي هو صفة ذاته، (وكعزة الله) لا أفعل كذا (وأمانته وعهده وميثاقه وعلي عهد الله) لأفعلن (إلا أن يريد) بشيء مما بعد الكاف (المخلوق) كالعزة التي في الملوك ونحوهم المشار إليها بقوله: {سبحان ربك رب العزة} والأمانة التكاليف أي المكلف بها كالإيمان والصلاة، وكذا العهد والميثاق، ومعناهما واحد بأن يريد الذي واثقنا الله به من التكاليف بالمعنى المذكور، فلا ينعقد بها حينئذ يمين، بخلاف ما لو أطلق فإنها ترجع لكلامه القديم كالإيجاب والتحريم. (وكأحلف) ما فعلت كذا أو لأفعلن، (وأقسم وأشهد) بضم الهمزة فيهما (إن نوى بالله) وأولى إن تلفظ به في الثلاثة، (وأعزم إن قال) أي لفظ (بالله) بأن قال: أعزم بالله لأفعلن كذا، فيمين لا إن لم يقل بالله فليس بيمين، ولو نوى بالله؛ لأن معناه أقصد وأهتم، فإذا قال بالله اقتضى أن المعنى أقسم.

(لا) يكون اليمين [١] (بنحو الإحياء والإماتة) من كل صفة فعل كما تقدم لأنها أمور اعتبارية تتجدد بتجدد المقدور

ــ

قوله: [وكذا الباء الموحدة] إلخ: فقلتها في غير الله بالنسبة لاستعمال القسم.

قوله: [وأيمن الله] قال الأشموني: وأما أيمن المخصوص بالقسم فألفه بالوصل عند البصريين، والقطع عند الكوفيين، لأنه عندهم جمع يمين، وعند سيبويه اسم مفرد من اليمين وهو البركة، فلما حذفت نونه فقيل: أيم الله أعاضوه الهمزة في أوله ولم يحذفوها لما أعادوا النون؛ لأنها بصدد الحذف كما قلنا في امرئ. وفيه اثنتا عشرة لغة جمعها الناظم في هذين البيتين بقوله:

همز آيم أيمن فافتح واكسرا وأم قل ... أو قل م أو من بالتثليث قد شكلا

وأيمن اختم به والله كلا أضف ... إليه في قسم تستوف ما نقلا

واعلم أن أيمن الله قسم مطلقاً سواء ذكر معه حرف القسم وهو الواو أو لا، بخلاف حق الله وما أشبهه فلا يكون يميناً إلا إذا ذكر معه حرف القسم، لأن أيمن الله تعورف في اليمين، بخلاف حق الله قاله بعضهم: ولكن استظهر (بن) أنه لا فرق بين حق الله وأيمن الله في جواز إثبات الواو وحذفها فتكون مقدرة.

قوله: [أي بركته]: أراد بالبركة المعنى القديم المقتضي لتعظيم الموصوف كأوصافه تعالى الثبوتية أو السلبية، فإن أراد المعنى الحادث كنمو الرزق واتساعه، لم يكن يميناً. وانظر: إذا لم يرد واحداً منهما؟ وفي كلام الأبي ما يفيد انعقاد اليمين حملاً على المعنى القديم.

قوله: [من كل ما يدل على صفة فعل]: أي من كل اسم دال على صفة الفعل، بخلاف صفة الفعل فلا ينعقد بها اليمين.

قوله: [والألوهية]: أي استحقاقه لها أي كونه لها معبوداً بحق، قال في الحاشية: ثم لا يخفى أن الاستحقاق وصف اعتباري أزلي إلا أن مرجعه الصفات الجامعة فهو كجلال الله وعظمته.

قوله: [فإن قصد الحالف] إلخ: وأما إن لم يقصد شيئاً فيحمل على المعنى القديم وينعقد به اليمين.

قوله: [فكذا بقيتها]: أي بقية صفات المعاني ومثلها المعنوية وكذلك باقي السلبية كما علم مما تقدم.

قوله: [ما لم يرد بالمصحف النقوش] إلخ: أي بأن أراد المعنى القديم أو لم يرد شيئاُ، وإنما انعقد به اليمين؛ لأن كلاً من القديم والحادث يسمى قرآناً. وكلام الله على التحقيق، فلذلك يحمل على المعنى القديم عند الإطلاق.

قوله: [وآية الكرسي]: أي بل أي كلمة من القرآن مثله.

قوله: [والتوراة والإنجيل] إلخ: أي ما لم يقصد المعنى الحادث كما تقدم.

قوله: [كالعزة التي في الملوك]: أي الهيبة والمنعة والقوة التي خلقها الله في السلاطين والجبابرة، أو يراد بالعزة حية عظيمة محيطة بالعرش أو بجبل قاف فلا ينعقد بشيء من ذلك يمين.

قوله: [التكاليف]: أي المشار لها بقوله تعالى: {إنا عرضنا الأمانة} [الأحزاب: ٧٢] الآية فإنهم فسروا الأمانة بالتكاليف الشرعية فإن أريد الإلزامات نحو الإيجاب والتحريم؛ فإنها ترجع لكلامه القديم فينعقد بها اليمين، وإن أريد نفس أفعال العباد أو الشهوة كما هو أحد التفاسير فلا ينعقد بها اليمين.

قوله: [بالمعنى المذكور]: أي وهو المكلف بها الذي هو أفعال العباد الاختيارية.

قوله: [إن نوى بالله]: المراد بالنية التقدير والملاحظة، وأما إذا لم يلاحظ فلا يمين عليه.

قوله: [لأن معناه أقصد وأهتم]: تعليل


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (ليمين).

<<  <  ج: ص:  >  >>