للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الرابعة أو سرق الأشل مرة رابعة (عزر) باجتهاد الحاكم (وحبس) إلى أن تظهر توبته، ولا يقتل على المشهور. فلو تعمد الإمام قطع يسراه أولاً بدون عذر أجزأ على الراجح خلافاً لما في الأصل.

(والنصاب) المتقدم الذي يقطع بسرقته (ربع دينار) شرعي (أو ثلاثة دراهم) شرعية (خالصة) من الغش، أو ناقصة راجت كالكاملة، أو مجمع منهما أو من أحدهما مع عرض. (أو ما يساويها): من العرض والحيوان، رقيقاً أو غيره ولو تعدد مالك النصاب، فمتى سرق ما قيمته ثلاثة دراهم قطع، فإن لم يساوها ولو ساوى ربع دينار لا يقطع، إلا أن لا يوجد في البلد، إلا الذهب. والمساواة معتبرة (بالبلد) التي بها [١] السرقة، فإن لم يكن بالبلد أحد النقدين قومه بالدراهم بالنظر لأقرب بلد يوجد فيها دراهم إلخ.

والمعتبر قيمة الشيء وقت إخراجه من الحرز لا قبله ولا بعده. والعبرة بالتقويم شرعاً بأن تكون المنفعة شرعية (وإن) كان المسروق محقراً (كماء) أو حطب أو تبن مما أصله مباح، خلافاً لأبي حنيفة في عدم القطع في المباح الأصل المملوك بوضع اليد عليه. وكذلك لو كان فاكهة رطبة خلافاً له رضي الله عن الجميع (أو جارح): يساوي ثلاثة دراهم (لتعليمه) الصيد؛ لأنه منفعة شرعية، ولم ينه صلى الله عليه وسلم عن بيعه.

(أو سبع لجلده بعد ذبحه): أي لكون جلده يساوي بعد ذبحه ثلاثة دراهم. ولا يراعى قيمة لحمه؛ لأنه لو سرق لحمه وحده لا يقطع ولو ساوى نصاباً (أو جلد ميتة) ولو غير مأكولة فمن سرقه بعد الدبغ فيقطع (إن زاده الدبغ): على قيمة أصله (نصاباً): كما لو كانت قيمته قبل الدبغ درهمين على تقدير جواز بيعه وبعد الدبغ خمسة، فيقطع سارقه لا أقل. أو سرقه قبل الدبغ ولو على فرض أن قيمته نصاب.

(أو شاركه): أي السارق المكلف (غير مكلف): كصبي ومجنون فيقطع المكلف وحده (لا) إن شاركه (والد): لرب المال فلا قطع لدخوله مع ذي شبهة قوية ولو الجد للأم.

ثم شرع في محترزات ما قدمه زيادة في الإيضاح فقال: (فلا قطع لغير مكلف): دخل في الغير: من سكر بحلال.

(ولا) قطع (في) سرقة (أقل من نصاب) حين إخراجه من الحرز.

(ولا) قطع في سرقة (غير محترم كخمر): وخنزير ولو لكافر سرقه مسلم أو ذمي. نعم يغرم قيمتها للذمي إن أتلفها وإلا رد عينها

ــ

قوله: [بعد الرابعة]: أي التي قطعت فيها رجله اليمنى وصار مقطوع الأطراف الأربعة، فقوله "سالم الأعضاء" أي باعتبار ما كان.

قوله: [أو سرق الأشل مرة رابعة]: أي بعد قطع رجله اليمنى أي لأن المراد أشل اليد اليمنى كما هو موضوع الكلام السابق ومعلوم أن أشل اليد اليمنى إذا سرق أولاً تقطع رجله اليسرى، ثم يده اليسرى، ثم رجله اليمنى، ثم الرابعة عزر، وأما أشل اليد اليسرى فتقطع أولا يده اليمنى ثم رجله اليسرى ثم رجله اليمنى ففي الرابعة يحصل التعزير أيضاً فقوله "الأشل" صادق بأشل اليسرى أيضاً بل وبأحد الأعضاء الأربعة.

قوله: [وحبس]: أي وأجرة الحبس عليه إن كان له مال كنفقته وإلا فمن بيت المال إن وجدوا وإلا فعلى المسلمين.

قوله: [فلو تعمد الإمام]: لا مفهوم له بل مأموره كذلك، وأما الأجنبي فلا يجزي والحد باق ويلزمه القصاص في العمد والدية في الخطأ.

قوله: [ربع دينار شرعي]: أي وهو أكبر من المصري والربع بالوزن لا بالقيمة.

قوله: [أو ثلاثة دراهم شرعية]: أي كاملة ولو على حسب اختلاف الموازين فإن نقصت باتفاق الموازين لم يقطع إن كان التعامل بها وزناً فإن كان التعامل بالعدد فإن لم يرج كالكامل لم يقطع أيضاً وإن كان النقص لاختلاف الموازين، وتقدم أن الدرهم الشرعي خمسون وخمسا حبة من مطلق الشعير.

قوله: [ولو تعدد مالك النصاب]: أي فلا يشترط اتحاد المالك له.

قوله: [إلا أن يوجد في البلد إلا الذهب]: أي وإلا فالعبرة به.

قوله: [بالنظر لأقرب بلد]: أي كما قال عبد الحق نقلاً عن بعض شيوخ صقلية وصوبه ابن مرزوق.

واعلم أنه يكفي في التقويم واحد إن كان موجهاً من طرف القاضي لأنه من باب الخبر لا الشهادة، فإن لم يكن المقوم موجهاً من طرف القاضي فلا بد من اثنين ويعمل بشهادتهما وإن خولفا بأن قال غيرهما لا يساويها كما هو مذهب المدونة، ولا يقال مقتضى درء الحد بالشبهات عدم القطع إذا خولفا لأن النص متبع ولأن المثبت مقدم على النافي.

قوله: [خلافاً له]: أي لأبي حنيفة ووافقه الشافعي في الأول، ووافقنا في الثاني.

قوله: [أو جارح]: أي من الطير.

وقوله: [لتعليمه الصيد]: أي وإن كان لا يساويها بالنظر للحمه وريشه، فإن لم يكن معلماً قطع سارقه إن ساوى لحمه فقط أو ريشه فقط، أو لحمه وريشه معاً نصاباً وإلا فلا ومثل تعليم الجارح الصيد تعليم الطير حمل الكتب للبلدان كما أفاده (بن).

قوله: [لا يقطع ولو ساوى نصاباً]: أي لما مر من النظر لكراهته أو من مراعاة القول بحرمته.

قوله: [فمن سرقه بعد الدبغ فيقطع]: أي لأنه ينتفع به شرعاً في اليابسات والماء، وإن كان الدبغ لا يطهر على المعتمد فيقطع المكلف وحده أي ولو كان ذلك المجنون أو الصبي صاحب المال المسروق كما إذا كان تحت يد الولي لأن مصاحبة الصبي والمجنون كالعدم.

قوله: [ولو الجد للأم]: قال ابن الحاجب: وفي الجد قولان، قال في التوضيح: اختلف في الأجداد من قبل الأم والأب فقال ابن القاسم: أحب إلي أن لا يقطع لأنه أب لأنه ممن تغلظ عليه الدية وقد ورد: «ادرءوا الحدود بالشبهات» وقال أشهب: يقطعون لأنه لا شبهة لهم في مال أولاد


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (التي بها) في ط المعارف: (الذي به).

<<  <  ج: ص:  >  >>