للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعبرة بحال القذف، ولو تحرر قبل إقامة الحد عليه (نصفها): أي نصف الثمانين.

(وإن كرر) القذف مراراً (لواحد أو جماعة) قال لهم: يا زناة فلا يتكرر الجلد بتكرر القذف ولا يتعدد [١] المقذوف (إلا) أن يكرر القذف (بعده): أي بعد الحد، فإنه يعاد عليه ولو لم يصرح، بأن قال بعد الحد: ما كذبت أو: لقد صدقت فيما قلت.

(وإن قذف) شخصاً كان هو المقذوف الأول أو غيره (في أثنائه): أي الحد ألغي ما مضى و (ابتدئ لهما): أي للقذفين حد واحد.

(إلا أن يبقى) من الأول (اليسير) ما دون النصف أو خمسة عشر فدون (فيكمل الأول) ثم يستأنف للثاني الحد.

(وأدب في: فاجر) حيث لم تقم قرينة على إرادة الزنا، فلا يعارض ما تقدم في: "كقحبة" (وحمار وابن النصراني أو ابن الكلب) أو اليهودي، أو الكافر؛ فإنه يؤدب لارتكابه القول المحرم الذي لم يدل عندنا على أنه نفي نسب ولا قرينة تدل عليه.

(وأنا عفيف) بدون زيادة لفظ الفرج، ولا قرينة تدل عليه كما تقدم.

(وإن قال) رجل (لامرأة): ليست زوجته: (زنيت، فقالت) في جوابه: (بك، حدت للقذف)؛ لأنها قذفته في قولها: "بك" (والزنا): أي: وتحد حد الزنا لتصديقها له؛ فهو إقرار منها ما لم ترجع.

(وله القيام به، وإن علمه من نفسه): أي للمقذوف القيام بحد قاذفه، وإن علم المقذوف أن ما رمي به متصف به؛ لأنه أفسد عرضه.

وليس للقاذف تحليف المقذوف على أنه بريء مما رماه به (كوارثه) ولو قام به مانع من الإرث فله القيام بحق مورثه المقذوف قبل الموت، بل (وإن قذف بعد الموت) لأن المعرة تلحق الوارث بقذف مورثه. وله أن لا يقوم به بل يعفو ما لم يوص الميت بالحد فليس للوارث عفو. (وللأبعد): من الورثة -كابن الابن- القيام بطلب حق مورثه من الحد فيقدم ابن فابنه إلخ إن سكت إلخ (مع وجود الأقرب) كالابن حيث سكت ولا كلام للزوجين.

(وله) أي [٢]: للمقذوف (العفو) عن قاذفه (إن لم يطلع الإمام أو) نائبه، وليس له العفو بعد علم من ذكر (إلا أن يريد) المقذوف (الستر): على نفسه من كثرة اللغط فيه.

(وليس له): أي لمن قذفه أبوه أو أمه تصريحاً (حد والديه) على الراجح.

ــ

على النساء بالمساواة.

قوله: [والعبرة بحال القذف]: أي العبرة بكونه رقيقاً في حال القذف.

قوله: [نصفها]: أي لأن جميع حدود الأحرار تتشطر بالرق.

قوله: [وإن كرر القذف] إلخ: أي وسواء كان القذف بكلمة واحدة أو بكلمات، ابن الحاجب ولو قذف قذفين لواحد فحد واحد على الأصح وهو مذهب المدونة، ومقابله يحد بعدد ما قذف وسواء كان بكلمة أو كلمات اهـ (بن).

قوله: [أو جماعة]: أي أو كان القذف لجماعة فهو عطف على واحد وسواء قذفهم في مجلس أو مجالس بكلمة أو كلمات. قال في المدونة: من قذف جماعة في مجلس أو متفرقين في مجالس شتى فعليه حد واحد فإن قام به أحدهم وضرب له كان ذلك الضرب لكل قذف كان عليه ولا حد لمن قام منهم بعد ذلك.

قوله: [حيث لم تقم قرينة]: أي ولم يكن العرف ذلك.

قوله: [ما لم ترجع]: أي عن الإقرار بالزنا فلا تحد له وتحد لقذفه على كل حال، ونص ابن عرفة من قال لامرأة يا زانية فقالت له بك زنيت فقال مالك: تحد للرجل وللزنا، ولا يحد لأنها صدقته إلا أن ترجع عن قولها فتحد للرجل فقط، وقال أشهب: إن رجعت وقالت: ما قلت ذلك إلا على وجه المجاوبة ولم أرد قذفاً ولا إقراراً فلا تحد ويحد الرجل اهـ هكذا في (بن) ولو قال شخص لآخر: يا زاني فقال له الآخر: أنت أزنى مني لم يحد القائل الأول لأنه قذف غير عفيف وحد الثاني للزنا والقذف، فإن قال له: يا معرص فقال له: أنت أعرص مني حد الأول لزوجة الآخر وأدب له، وحد الثاني لزوجته ولزوجة الأول حداً واحداً، وأدب له، هذا إذا لم يلاعن الثاني لزوجته، فإن لاعن لها حد لزوجة الأول إن قامت به بعد أن لاعن زوجته، فإن قامت به قبل فحده لها حد لزوجته ذكره محشي الأصل.

قوله: [وإن علمه من نفسه]: أي ولو علم بأن القاذف رآه يزني لأنه مأمور بالستر على نفسه لخبر: «من أتى منكم شيئاً من هذه القاذورات فليستتر فإنه من يبد لنا صفحة وجهه أقمنا عليه الحد»، ولأنه وإن كان في الباطن غير عفيف فهو عفيف في الظاهر قاله أبو الحسن اهـ (عب).

قوله: [كوارثه]: مثله وصي الميت المقذوف الذي أوصاه بالقيام باستيفاء الحد كما في الشامل.

قوله: [فليس للوارث عفو]: أي بل يجب على الحاكم تنفيذه.

قوله: [حيث سكت]: هذا التقييد لأشهب والمناسب بقاء المتن على إطلاقه من أن للأبعد القيام مع وجود الأقرب، وإن لم يسكت الأقرب لأن المعرة تلحق الجميع.

قوله: [ولا كلام للزوجين]: أي لأن أحدهما ليس ولياً للآخر ما لم يكن أحدهما أوصاه الآخر بإقامة الحد كما تقدم.

قوله: [إلا أن يريد المقذوف الستر على نفسه]: أي كأن يخشى أنه إن ظهر ذلك قامت عليه بينة بما رماه به أو يقال لم حد فلان؟ فيقال لقذفه فلاناً فيشتهر الأمر وربما يساء بالمقذوف الظن لقولهم من يسمع يخل ولقول الشارح:

قد قيل ما قيل إن صدقاً وإن كذباً ... فما اعتذارك من قول إذا قيلا

فيئول الأمر إلى أن إقامة الحد على القاذف أشنع من قذفه له.

قوله: [أبوه أو أمه]: مراده الأب وإن علا والأم كذلك.

قوله: [على الراجح]: أي وهو مذهب المدونة ومقابله يقول له حدهما في التصريح ويحكم


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] كذا في ط الحلبية وط المعارف، ولعل الصواب: (بتعدد).
[٢] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>