للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واليسير: ما كان كآنية المغتسل كالصاع والصاعين والكثير ما زاد على ذلك، أي وكره استعمال ماء يسير [١] في رفع حدث قد كان استعمل أولاً [٢] في رفع حدث.

فالقيود ثلاثة: أن يكون يسيراً، وأن يكون استعمل في رفع حدث لا حكم خبث، وأن يكون الاستعمال الثاني في رفع حدث. والمراد بالمستعمل في حدث: ما تقاطر من الأعضاء أو غسلت فيه. وأما لو اغترف منه وغسلت الأعضاء خارجه فليس بمستعمل. وعلم أن استعماله في تطهير حكم الخبث غير مكروه، كالذي رفع به حكمه، لم يكره في الحدث إذا لم يتغير. وكذا يكره اليسير الذي حلت فيه نجاسة ولم تغيره لقلتها ولو من خبث.

وقول الرسالة: وقليل الماء ينجسه قليل النجاسة وإن لم تغيره، ضعيف، وإن كان هو قول ابن القاسم. وكذا اليسير الذي ولغ فيه كلب؛ فإنه يكره استعماله، وسيأتي أنه يندب إراقته، وغسل الإناء سبعاً، وهذا ظاهر في كراهة استعماله في الحدث والخبث.

وكذا يكره الماء المشمس أي المسخن بالشمس في الأقطار الحارة كأرض الحجاز، لا في نحو مصر والروم، وقيد بعضهم الكراهة أيضاً بالمشمس في الأواني النحاس ونحوها لا الفخار، وقيل لا يكره مطلقاً.

(كاغتسال براكد): هذا تشبيه في الكراهة؛ أي أنه يكره الاغتسال من الجنابة ونحوها في ماء راكد أي غير جارٍ؛ كحوض ولو كان كثيراً ما لم يستبحر كبركة وغدير. وما لم تكن له مادة، وإلا لم يكره إلا أن يكون الذي له مادة قليلاً في نفسه فيكره أيضاً.

(وراكد مات فيه بري ذو نفس سائلة ولو كان له مادة. وندب نزح لظن زوال الفضلات، لا إن أخرج حياً أو وقع ميتاً): قوله: راكد بالرفع عطف على "ما": أي وكره ماء راكد - أي استعماله في حدث أو خبث - إذا مات فيه حيوان بري بفتح الباء نسبة للبر ضد البحر - بقيوده الآتية قبل النزح منه، لأنه ماء تعافه النفوس، ولو كثر أو كانت له مادة كالبئر. وإذا مات الحيوان البري في الماء القليل أو الكثير - له مادة أو لا - كالصهاريج، وكان له نفس سائلة - أي دم يجري منه إذا جرح - فإنه يندب النزح منه بقدر الحيوان من كبر أو صغر وبقدر الماء من قلة وكثرة إلى ظن زوال الفضلات، خرجت من فيه حال خروج روحه في الماء. وينقص النازح الدلو لئلا تطفو الدهنية فتعود للماء ثانياً. والمدار على ظن زوال الفضلات، ولهذا حذفنا من المتن قول الشيخ: "بقدرهما"، فلو أخرج الحيوان من الماء قبل موته أو وقع فيه ميتاً أو كان الماء جارياً أو مستبحراً كغدير عظم جداً، أو كان الحيوان بحرياً كحوت، أو برياً ليس له نفس سائلة كعقرب وذباب، لم يندب النزح فلا يكره استعماله كما لا يكره بعد النزح. وهذا ما لم يتغير الماء بالحيوان المذكور. فإن تغير لوناً أو طعماً أو ريحاً تنجس لأن ميتته نجسة.

(ولو زال تغير متنجس بغير إلقاء طاهر فيه، لم يطهر): يعني إذا تغير الماء بحلول نجاسة فيه ثم زال تغيره لا بصب شيء طاهر فيه بل بنفسه - فإنه يكون باقياً على تنجيسه. ولا يستعمل في عبادة أو عادة،

ــ

وما قلناه من أنها طبية، هو ما قاله ابن فرحون والذي ارتضاه الحطاب أنها شرعية.

قوله: [كآنية المغتسل]: أي ولو للمتوضئ والمزيل لحكم الخبث.

قوله: [لا حكم خبث]: قد علمت ما فيه.

قوله: [في رفع حدث]: أي أو حكم خبث.

قوله: [فليس بمستعمل]: أي ولم ينو الاغتراف خلافاً للشافعية.

قوله: [غير مكروه]: قد علمت ما فيه أيضاً.

قوله: [لقلتها]: لا مفهوم له بل المدار على عدم التغير.

قوله: [وإن كان هو قول ابن القاسم]: أي فلا غرابة في ضعفه وإن كان.

قوله: [ونحوها]: كالرصاص والقصدير لأنها تورث البرص، فتحصل أن الكراهة بقيود ثلاثة: أن يكون الماء مسخناً بالشمس في أواني [٣] نحو النحاس من كل ما يمد تحت المطرقة غير النقدين، وغير المغشى بما يمنع اتصال الزهومة بالبلاد الحارة كما يؤخذ من الأصل.

قوله: [كاغتسال براكد] إلخ: حاصل ما فيه أن مالكاً يقول بكراهة الاغتسال في الماء الراكد كان يسيراً أو كثيراً، والحال أنه لم يستبحر ولم تكن له مادة سواء كان جسد المغتسل نقياً من الأذى أو لا، ولكن لا يسلب الطهورية. فإن كان يسلبها منع الاغتسال فيه. فليس عند مالك حالة جواز للاغتسال فيه، بل إما المنع أو الكراهة. وهي عنده تعبدية. وقال ابن القاسم: يحرم الاغتسال فيه إن كان يسيراً وبالجسد أوساخ؛ وإلا جاز بلا كراهة، فقول المصنف: [كاغتسال براكد] لا يصح حمله على قول ابن القاسم، وإنما يحمل على كلام مالك.

قوله: [مات فيه] إلخ: سيأتي محترز هذا وهو شيئان خروجه حياً ووقوعه ميتاً أما الأول فمتفق عليه وأما الثاني فقال (بن) عن ابن مرزوق الوقوع ميتاً كالموت فيه، ولكن ما مشى عليه المصنف ظاهر التعليل الآتي وهو زوال الرطوبات التي تخرج عند الموت.

قوله: [في حدث أو خبث]: المراد كل ما توقف على طهور.

قوله: [بقيوده]: متعلق باستعماله، وقبل النزح ظرف له. والقيود الآتية ستة، وهي: مات الحيوان البري في الماء القليل أو الكثير إلخ، وكان له نفس سائلة، ولم يغير كما يأتي في آخر عبارة الشارح.

قوله: [لأن ميتته نجسة]: أي لكونه: برياً ذا نفس سائلة، وأما لو كان بحرياً أو برياً لا نفس له سائلة وتغير الماء به، فهو طاهر غير طهور ومفهوم قول الشارح [وكره ماء] أنه لو وقع في طعام ومات فيه أو وقع ميتاً أنه يجري على حكم الطعام الذي حلته نجاسة الآتي. وإن وقع حياً وخرج كذلك، فإن كان يغلب على جسده النجاسة عمل عليه وإلا فلا ضرر لأن الطعام لا يطرح بالشك

قوله: [لم يطهر]: هذا قول ابن القاسم وقال (بن) الأرجح أنه


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (سير).
[٢] في ط المعارف: (أو لا).
[٣] في ط المعارف: (أوان).

<<  <  ج: ص:  >  >>