للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحمد لله على إفضاله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وصحبه وآله (أما بعد) فهذا شرح لطيف على كتابنا المسمى بأقرب المسالك لمذهب الإمام مالك، اقتصرت فيه على بيان معاني ألفاظه، ليسهل فهمه على المبتدئين،

ــ

أو أقطع أو أجذم» أي ناقص وقليل البركة.

والباء: للاستعانة أو المصاحبة التبركية متعلقة بمحذوف تقديره أؤلف ونحوه، وهو يعم جميع أجزاء التأليف فيكون أولى من أفتتح ونحوه، لإيهام قصر التبرك على الافتتاح فقط. والله: علم على الذات الواجب الوجود فيعم الصفات.

والرحمن: المنعم بجلائل النعم كمية أو كيفية. والرحيم: المنعم بدقائقها كذلك.

وقدم الأول وهو الله لدلالته على الذات، ثم الثاني لاختصاصه به ولأنه أبلغ من الثالث، فقدم عليه ليكون له كالتتمة والرديف.

إذا علمت ذلك فينبغي تتميم الكلام عليها من الفن المشروع فيه فنقول: إن موضوع هذا الفن أفعال المكلفين لأنه يبحث فيه عنها من جهة ما يعرض لها من وجوب وندب وحرمة وكراهة وإباحة، ولا شك أن هذه الجملة فعل من الأفعال، وحينئذ فيقال إن حكم البسملة الأصلي الندب لأنها ذكر من الأذكار؛ والأصل في الأذكار أن تكون مندوبة، ويتأكد الندب في الإتيان بها في أوائل ذوات البال ولو شعراً، كما انحط عليه كلام ح، وقولهم: الشعر لا يبتدأ بالبسملة، محله إذا اشتمل على مدح من لا يجوز مدحه أو ذم من لا يجوز ذمه، وقد تعرض لها الكراهة وذلك في صلاة الفريضة على المشهور من المذهب، وعند الأمور المكروهة كاستعمال ذي الروائح الكريهة، وتحرم إذا أتى بها الجنب على أنها من القرآن لا بقصد التحصن، وكذا تحرم عند الإتيان بالحرام على الأظهر، وقيل: بكراهتها في تلك الحالة، وارتضاه في الحاشية، وتحرم في ابتداء براءة عند ابن حجر، وقال الرملي: بالكراهة، وأما في أثنائها فتكره عند الأول وتندب عند الثاني. قال ح: ولم أر لأهل مذهبنا شيئاً في ذلك وليس لها حالة وجوب إلا بالنذر، فلا يقال: إن البسملة واجبة عند الذكاة مع الذكر والقدرة؛ لأننا نقول الواجب مطلق ذكر الله لا خصوص البسملة كما عليه المحققون.

بقي شيء آخر وهو أنه هل تجب بالنذر ولو في صلاة الفريضة بمنزلة من نذر صوم رابع النحر، أو لا تجب؟ واستظهر اللزوم خصوصاً، وبعض العلماء من أهل المذهب يقول بوجوبها في الفريضة، وهذا إذا كان غير ملاحظ بالنذر الخروج من الخلاف، وإلا كانت واجبة قولاً واحداً، والظاهر أنها لا تكون مباحة لأن أقل مراتبها أنها ذكر، وأقل أحكامه أنه مندوب، وقول الشيخ خليل: وجازت كمتعوذ بنفل يوهم ذلك وكذا قول الشاطبي:

ولا بد منها في ابتدائك سورة ... سواها وفي الأجزاء خير من تلا

فحملوا كلاً من الجواز والتخيير على عدم تأكد الطلب ونفي الكراهة، فلا ينافي أصل الندب، وأن الإنسان إذا قالها حصل له الثواب، وكون الإنسان يذكر الله ولا ثواب له بعيد جداً. اهـ بتصرف من حاشية الأصل وشيخنا في مجموعه.

قوله: [على أفضاله]: أي إحسانه لعباده في الدنيا والآخرة، وفيه رد على من يقول بوجوب الصلاح والأصلح.

قوله: [شرح]: في الأصل مصدر إما بمعنى شارح أو ذو شرح، أو أطلق عليه بالمعنى المصدري مبالغة على حد ما قيل في زيد عدل، ومعناه موضح ومبين والإسناد له مجاز عقلي من الإسناد للسبب.

قوله لطيف: يطلق اللطيف على صغير الحجم، وعلى رقيق القوام، وعلى الذي لا يحجب ما وراءه، والمراد منه هنا السهولة، فأطلق الملزوم وهو أحد المعاني الثلاثة وأراد لازمه وهو سهولة المأخذ.

قوله: [على بيان معاني ألفاظه]: البيان: الإظهار، والمعاني جمع معنى: وهو ما يعنى ويقصد من اللفظ، وإضافة معاني للألفاظ من إضافة المدلول للدال، وإضافة الألفاظ للضمير من إضافة الجزء للكل، بناء على أن الكتاب اسم للألفاظ المخصوصة الدالة على المعاني المخصوصة.

قوله: [ليسهل فهمه]: اللام للتعليل علة لقوله اقتصرت، والفعل منصوب بأن مضمرة بعدها والفهم، الإدراك.

قوله: [على المبتدئين]: جمع مبتدئ وهو الشارع في العلم الذي لم يقف على أصوله، فإن وقف على الأصول وعجز عن الأدلة يقال له: متوسط، فإن عرف الأصول والأدلة يقال: له منته،

<<  <  ج: ص:  >  >>