وأما المحال فيزكيه أيضاً منه لكن بعد قبضه. وأما المحال عليه فيزكيه أيضاً من غيره بشرط أن يكون عنده، ولو من العروض ما يفي بدينه.
الشرط الرابع: أن يقبض نصاباً كاملاً ولو في مرات، كأن يقبض منه عشرة، ثم عشرة، فيزكيه عند قبض ما به التمام. أو يقبض بعض نصاب وعنده ما يكمل النصاب. وإليه أشار بقوله: (وكمل) المقبوض (نصاباً) بنفسه ولو على مرات بل (وإن) كمل (بفائدة) عنده (تم حولها) كما لو قبض عشرة وعنده عشرة حال عليها الحول فيزكي العشرين (أو كمل) المقبوض نصاباً (بمعدن) لأن المعدن لا يشترط فيه الحول على ما سيأتي.
(و) لو اقتضى من دينه دون نصاب، ثم اقتضى ما يتم به النصاب في مرة أو مرات كان (حول المتم) بفتح التاء اسم مفعول: وهو ما قبض أولاً (من) وقت (التمام)، فإذا قبض خمسة فخمسة فعشرة، فحول الجميع وقت قبض العشرة، فيزكي العشرين حينئذ (ثم زكى المقبوض) بعد ذلك (ولو قل) كدرهم حال قبضه ويكون كل اقتضاء بعد التمام على حوله لا يضم لما قبله، ولا بعده ولو نقص النصاب بعد تمامه لاستقرار حوله بالتمام.
ثم انتقل يتكلم على زكاة العروض، ومرادهم زكاة العين التي هي عوض العروض، إذ العروض لا تزكى: أي لا تتعلق بها زكاة من حيث ذاتها. فقال:
(وإنما يزكى عرض تجارة): لا قنية فلا زكاة فيه، إلا إذا باعه بعين أو ماشية فيستقبل بثمنه حولاً من قبضه كما تقدم في الفائدة.
وقوله: "عرض": أي عوض، فيشمل قيمة عروض المدير وثمن عروض المحتكر حيث باعها بشروط خمسة: أشار لأولها بقوله: (إن كان لا زكاة في عينه) كالثياب والرقيق، وأما ما في عينه زكاة كنصاب ماشية أو حلي أو حرث فلا يقوم على مدير، ولا يزكي ثمنه محتكر بل يستقبل بثمنه من يوم قبضه إلا إذا قرب الحول وباعه فراراً من الزكاة
ــ
أراد الزكاة منه وإلا فلا زكاة عليه.
قوله: [وأما المحال فيزكيه] إلخ: أي لسنة من أصله.
قوله: [وأما المحال عليه] إلخ: تحصل من هذا أن هذا الدين يزكيه ثلاثة: المحيل بمجرد الحوالة، والمحال بعد قبضه، والمحال عليه. لكن الأول والثالث يزكيانه من غيره والثاني يزكيه منه.
قوله: [عند قبض ما به التمام]: ولو لم يستمر المقبوض الأول، بل تلف قبل التمام، وهو معنى قول خليل: "ولو تلف المتم" كما إذا قبض من دينه عشرة فتلفت منه بإنفاق أو ضياع، ثم قبض منه عشرة فإنه يزكي عن العشرين، ولا يضر تلف العشرة الأولى لأنه جمعهما ملك وحول، خلافاً لابن المواز حيث قال: إذا تلف المتم من غير سببه سقطت زكاته وسقطت زكاة باقي الدين إن لم يكن فيه نصاب. وأما إذا تلفت بسببه فالزكاة اتفاقاً: قوله: [حال عليها الحول]: يفيد أنه لو مر للفائدة عنده ثمانية أشهر، واقتضى من دينه ما يصيرها نصاباً فإنه لا يزكي ما اقتضاه، إلا إذا بقيت وما اقتضاه لتمام الحول لها. فلو قبض عشرة فأنفقها بعد حولها وقبل حول الفائدة، أو استفاد وأنفق بعد حولها، ثم اقتضى من دينه قبل حوله ما يكمل النصاب فلا زكاة. كذا في الحاشية. واعلم أنه لا يشترط تقدم ملك الفائدة على الاقتضاء، بل لا فرق بين أن تكون الفائدة متقدمة أو متأخرة. لكن إن تأخرت يشترط بقاء الاقتضاء لتمام حولها، وإن تقدمت فالشرط مضي حول عليها سواء بقيت للاقتضاء الذي حال حوله أو تلفت قبله.
قوله: [أو كمل المقبوض نصابا بمعدن]: أي على ما للمازري، وهو قول القاضي عياض. واختار الصقلي عدم ضم المعدن للمقبوض. تنبيه: من اقتضى من دينه الذي حال حوله ديناراً في المحرم مثلاً فأخر في رجب مثلاً، فاشترى بكل سلعة باعها بعشرين، ففيه تسع صور؛ لأن الشراء إما أن يكون بهما معاً، أو الدينار الأول قبل الثاني، أو الثاني قبل الأول، وفي كل: إما أن يبيع السلعتين معاً، أو إحداهما قبل الأخرى؛ وجب عليه زكاة الأربعين إن اشتراهما معاً سواء باعهما معاً أو إحداهما قبل الأخرى، لكن إذا باعهما معاً زكى الأربعين دفعة واحدة، وإن باع واحدة زكاها الآن، وأصل الثانية فيزكى الآن إحدى وعشرين. فإذا باع الأخرى زكى تسعة عشر. وما بقي من الصور يزكي إحدى وعشرين لا غير - كما اعتمده في الأصل تبعاً للرماصي.
تتمة: إذا تعددت أوقات الاقتضاءات وعلم المتقدم منها والمتأخر، ونسي المتوسط فإن يضم للمتقدم ويجعل حوله منه عكس الفوائد التي علم أولها وآخرها، فإن المجهول الوسط يضم للمتأخر؛ وذلك أن الاقتضاءات تزكى لما مضى، فهي بالتقديم أنسب. والفوائد بالاستقبال أنسب.
قوله: [على زكاة العروض]: أعقبها بالكلام على زكاة الدين لمشاركتها له في الحكم، لأن أحد قسميها - وهو المحتكر - يقاس به.
قوله: [بل يستقبل بثمنه من يوم قبضه]: كلامه يوهم أنه كالفوائد، وليس كذلك. بل مقتضى