للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه يوجب القضاء مع إمساك بقية اليوم. واحترز "بالنذر المعين" من المضمون إذا أفطر فيه لمرض ونحوه؛ فلا بد من قضائه لعدم تعيين وقته فهو داخل في الإطلاق المتقدم. (و) إن كان الصوم نفلاً (قضى في النفل بالعمد) أي بالفطر العمد (الحرام وإن) حلف عليه إنسان (بطلاق بت) فلا يجوز له الفطر، وإن أفطر قضى وأولى إذا كان رجعياً أو لم يحلف عليه أحد.

(لا غيره): أي غير العمد الحرام بأن أفطر فيه ناسياً أو غلبة أو مكرهاً أو عمداً لكنه ليس بحرام (كأمر والد) أب أو أم له بالفطر شفقة، (و) أمر (شيخ) صالح أخذ على نفسه العهد أن لا يخالفه، ومثله شيخ العلم الشرعي (و) أمر (سيد) لعبده [١] بالفطر؛ فإذا أفطر امتثالاً لهم لم يجب عليه قضاء النفل.

ولما فرغ من بيان ما يقضى وما لا يقضى من الصوم، شرع في بيان ما يجب فيه الإمساك إذا أفطر وما لا يجب فقال:

(ووجب) على المفطر في صومه (إمساك غير معذور) بقية يومه عن المفطرات (بلا إكراه) وغير المعذور: وهو من أفطر عمداً أو غلبة أو نسياناً، والمعذور من أفطر لعذر من مرض أو سفر أو حيض أو نفاس أو جنون، ثم زال عذره. ولما دخل في المعذور المكره -مع أنه إذا زال عذره وجب عليه الإمساك- أخرجه بقوله: "بلا إكراه" أي معذور بغير إكراه.

فقوله: "بلا إكراه" نعت معذور. إن أفطر (بفرض معين) وقته (كرمضان، والنذر) المعين، والكاف استقصائية (مطلقاً): أفطر عمداً أم لا. (أو) لم يتعين وقته، ولكن (وجب تتابعه) ككفارة رمضان والقتل والظهار، (ولم يتعمد) الفطر. فإن أفطر غلبة أو ناسياً فيجب الإمساك بقية يومه بناء على الصحيح من أن غير العمد لا يفسد صومه فإن تعمد الفطر لم يجب عليه الإمساك لفساد جميع صومه الذي فعله ولو آخر يوم منه، فلا فائدة في إمساكه حينئذ. وكذا لو أفطر غير متعمد في أول يوم لم يجب عليه إمساك لعدم الفائدة؛ إذ هو يجب قضاؤه، ولا يؤدي إفطاره لفساد شيء. نعم يندب فيه الإمساك وهذا معنى قولنا: (في غير أول يوم) إذ معناه: يجب الإمساك في المتتابع إذا أفطر ناسياً أو غلبة في غير اليوم الأول، ومفهومه: أنه لو أفطر ناسياً فيه لم يجب الإمساك.

(كتطوع): تشبيه في وجوب الإمساك إذا أفطر فيه بلا تعمد. فإن تعمد لم يجب الإمساك على التحقيق لعدم الفائدة فيه مع وجوب القضاء. وفهم منه: أن الفرض إذا لم يتعين، ولم يجب تتابعه ككفارة اليمين، والنذر المضمون، وقضاء رمضان وجزاء الصيد، وفدية الأذى لا يجب فيه الإمساك مطلقاً أفطر عمداً أو نسياناً أو غلبة فهو مخير في الإمساك وعدمه. ومسألة الإمساك مما زدناه على المصنف.

ثم شرع في بيان الكفارة وأنها خاصة برمضان فقال:

(والكفارة) واجبة (برمضان) أي بالفطر في رمضان (فقط) دون غيره (إن أفطر) فيه.

(منتهكاً لحرمته) أي غير مبال بها بأن تعمدها اختياراً بلا تأويل قريب،

ــ

قوله: [فإنه يوجب القضاء]: أي حيث أصبح مفطراً في الخميس. ولم يذكر إلا في أثنائه فيجب عليه إمساكه وقضاؤه.

قوله: [وإن حلف عليه إنسان] إلخ: رد بالمبالغة على من قال: إذا حلف عليه بالطلاق الثلاث جاز له الفطر، ولا قضاء، ومثل الثلاث: إذا كانت معه على طلقة وحلف بها. ومحل عدم جواز الفطر إلا لوجه؛ كتعلق قلب الحالف بمن. حلف بطلاقها، بحيث يخشى أن لا يتركها إن حنث فيجوز، ولا قضاء. وهو حينئذ داخل في قوله بعد لا غيره.

قوله: [أب أو أم]: أي لا جد أو جدة. والمراد الأبوان المسلمان، لا إن كانا كافرين فلا يطيعهما إلحاقاً للصوم بالجهاد، بجامع أن كلاً من الدينيات، هذا هو الظاهر كذا في حاشية الأصل.

قوله: [أخذ على نفسه العهد] إلخ: اعترض بأن العهد إنما يكون من الطاعات وإفساد الصوم حرام. وأجيب بأنه لما اختلف العلماء في إفساد صوم النفل قدم فيه نظر الشيخ، ألا ترى الشافعية يقولون بجواز إفساده واستدلوا بحديث: "الصائم المتطوع [٢] أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر".

قوله: [ومثله شيخ العلم الشرعي]: أي وكذا آلاته.

قوله: [ما يجب فيه الإمساك] إلخ: حاصل ما ذكره في الإمساك بعد الفطر: أن الإمساك في الفرض المعين سواء كان رمضان أو نذراً واجب، سواء أفطر عمداً أو نسياناً أو غلبة بغير إكراه، أو إكراه. وفي المضمون في الذمة - وهو كل صوم لا يجب تتابعه؛ كالنذر الغير المعين وصيام الجزاء والتمتع وكفارة اليمين وقضاء رمضان - جائز لا واجب، فيخير بين الإمساك وعدمه سواء كان الفطر عمداً أو نسياناً أو غلبة أو إكراهاً، وفي النفل واجب في النسيان وغير واجب في العمد الحرام على المعتمد. وأما ما وجب فيه التابع من الصوم وكان فرضاً غير معين؛ ككفارة الظهار والقتل، فإن كان الفطر عمداً فلا إمساك لفساده وإن كان غلبة أو سهواً وجب الإمساك. وكمل على المعتمد إذا كان ذلك في غير اليوم الأول، فإن كان فيه استحب الإمساك فقط.

قوله: [والمعذور من أفطر]: مراده بيان أن المعذور: هو الذي يباح له الفطر مع العلم برمضان، وغير المعذور ضده. ولا يرد علينا المجنون والمكره، فإن فعلهما لا يوصف بإباحة ولا عدمها كما تقدم قوله: [أفطر عمداً أم لا]: صادق بالفطر نسياناً أو غلبة أو إكراهاً.

قوله: [بلا تأويل قريب]: أي بأن لم يكن تأويل أصلاً أو تأويل بعيد كما يأتي، ثم إن الانتهاك إنما يعتبر حيث لم يتبين خلافه، فمن تعمد الفطر يوم الثلاثين منتهكاً للحرمة، ثم تبين أنه يوم العيد فلا كفارة ولا قضاء عليه


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (له).
[٢] ليست في ط المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>