للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولم يكن) الافتيات (عليهما معاً) فإن كان عليهما معاً لم يصح، ولا بد من فسخه.

ولما أنهى الكلام على الولي وتقسيمه إلى مجبر وغيره، وغير المجبر إلى خاص وعام، وعلى ما يتعلق بذلك من الأحكام شرع في بيان شروطه فقال:

(وشرطه) أي شرط صحة الولي الذي يتولى العقد للزوجة ستة: (الذكورة) فلا يصح من أنثى ولو مالكة. (والحرية) فلا يصح من عبد ولو بشائبة. (ووكلت مالكة) لأمة، (ووصية) على أنثى، (ومعتقة) لأمة لم يوجد معها عاصب نسب من يتولى العقد عنهن من الذكورة المستوفية للشروط لما علمت أنه لا يصح من أنثى، (وإن) كان وكيل كل (أجنبياً) منها في الثلاثة مع حضور وليها، (كعبد أو صبي) على نكاح أنثى فإنه يوكل من يتولى عقدها، ولو أجنبياً لما علمت أنه لا يصح من عبد، (وإلا) بأن لم يوكل كل ممن ذكر من الأربعة، وتولى العقد بنفسه (فسخ أبداً) قبل الدخول وبعده. (والبلوغ) عطف على الذكورة فهو الشرط الثالث فلا يصح العقد من صبي (والعقل) فلا يصح من مجنون ومعتوه وسكران (والإسلام في) المرأة (المسلمة) فلا يصح أن يتولى عقد نكاحها كافر ولو كان أباها، وأما الكافرة الكتابية يتزوجها مسلم فيجوز لأبيها الكافر أن يعقد لها عليه (والخلو) أي خلو الولي (من الإحرام) بحج أو عمرة، فالمحرم بأحدهما لا يصح منه تولي عقد النكاح وبقي شرط سابع: وهو عدم الإكراه فلا يصح من مكره إلا أن عدم الإكراه لا يختص بولي عقد النكاح، بل هو عام في جميع العقود الشرعية.

(لا العدالة) فلا تشترط في الولي إذ فسقه لا يخرجه عن الولاية، فيتولى غير العدل عقد نكاح ابنته أو ابنة أخيه أو معتوقته إذا لم يوجد لها عاصب نسب (و) لا يشترط فيه (الرشد، فيزوج السفيه ذو الرأي) احترازاً من المعتوه (مجبرته) وغيرها بإذنها (بإذن وليه) استحباباً لا شرطاً (وإلا) بأن زوج ابنته مثلاً بغير إذن وليه (نظر الولي) ندباً لما فيه المصلحة، فإن كان صواباً أبقاه وإلا رده، فإن لم ينظر فهو ماض. (بخلاف) السفيه (المعتوه) أي ضعيف العقل، فلا يصح عقده ويفسخ لأنه ملحق بالمجنون.

والتحقيق أن السفه لا يمنع الولاية، والعته مانع منها، فقولهم: ذو الرأي، ليس في ذكره كبير فائدة، لأن المعتوه غير السفيه فتقييده بذي الرأي لإخراج المعتوه لا حاجة له.

(و) يزوج (الكافر) فهو عطف على السفيه إلا أن التفريع المستفاد من العطف راجع لقوله: "والإسلام في المسلمة"، أي إن الإسلام إذا كان شرطاً في تزويج المسلمة فقط، فالكافر يزوج ابنته الكافرة (لمسلم) كما أشرنا له سابقاً بقولنا: "وأما الكافرة الكتابية يتزوجها مسلم فيجوز" إلخ (وإن زوج مسلم) ابنته (الكافرة) مثلاً أي عقد عليها (لكافر ترك): أي لا نتعرض لفسخه وقد ظلم المسلم نفسه.

ولما قدم أن الولي إذا فقد الذكورة أو الحرية، كالمالكة والوصية، والعبد الموصى على أنثى لا بد أن يوكل ذكراً حراً مستوفياً للشروط، بين أنه يصح للزوج إذا وكل من يعقد له أن يوكل جميع من تقدم من ذكر وأنثى وحر ورقيق وبالغ وصبي ومسلم وكافر بقوله:

ــ

بخلاف البلدين ولو تقاربا فإن شأنهما بعد المسافة كذا في الحاشية.

قوله: [ووكلت مالكة لأمة]: أي ولو وجد معها عاصب نسب ومثلها الوصية.

قوله: [لم يوجد معها عاصب نسب]: راجع لخصوص المعتقة.

قوله: [أجنبياً منها في الثلاثة]: أي بالنسبة للموكلة، وبالنسبة للموكل عليها في غير المعتقة.

قوله: [ولو أجنبياً]: أي منها أو منه، ومثل كونه موصي المكاتب في أمته إذا طلب فضلاً في مهرها، بأن كان يزيد على ما يجيز عيب التزويج على صداق مثلها في تزويجها، ويوكل حراً مستوفياً للشروط، وإن كره سيده ذلك لأنه أحرز نفسه وماله مع عدم تبذيره، وأما إذا لم يكن في تزويجها فضل فالأمر لسيده وتوكيله بدون إذنه باطل، فلو جهل الأمر ولم يعلم هل طلب بزواجها فضلاً أم لا؟ حمل على طالب الفضل ما لم يتبين خلافه.

قوله: [قبل الدخول وبعده]: أي ولو ولدت الأولاد لكن لا يتأبد به التحريم وفسخه بطلاق لأنه مختلف فيه.

قوله: [فلا يصح أن يتولى عقد نكاحها كافر]: أي لقوله تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} [النساء: ١٤١].

قوله: [فيجوز لأبيها الكافر] إلخ: أي لقوله تعالى: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} [الأنفال: ٧٣]. والحاصل أنه يمنع تولية الكافر للمسلمة وعكسه، فلا يكون المسلم ولياً للكافرة إلا لأمة له كافرة فيزوجها لكافر فقط، أو معتوقته الكافرة إن أعتقها وهو مسلم ببلاد الإسلام، فيزوجها، ولو لمسلم حيث كانت كتابية.

قوله: [فالمحرم بأحدهما لا يصح] إلخ: فإن عقد فسخ أبداً ومثله إحرام أحد الزوجين.

قوله: [لا يختص بولي عقد النكاح]: أي ولا يعد من شروط الشيء إلا ما كان خاصاً به هكذا أجاب الشارح، وفي هذا الجواب نظر لأن ما عدا الخلو من الإحرام ليس خاصاً بالنكاح.

قوله: [ذو الرأي]: أي العقل والفطنة.

قوله: [لأن المعتوه غير السفيه]: أي وليس السفيه أعم كما توهم عبارتهم، فعلى كلام شارحنا السفيه لا بد أن يكون ذا رأي، والمعتوه مباين له فغاية ما فيه أن السفيه لا يحسن التصرف في أمور دنياه.

قوله: [أي لا نتعرض لفسخه] إلخ: أي كما قال ابن القاسم، وأما لو عقد لكتابية على مسلم فإنه يفسخ أبداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>