للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فأسلم في عدتها أو أسلما معاً) فيقرر عليها (وإلا) بأن أسلمت بعده ببعيد أو أسلمت قبله، وأسلم بعد خروجها من العدة (بانت) أي انفصلت منه وفرق بينهما (بلا طلاق لفساد أنكحتهم)، فإن تزوجها بعد ذلك فهي بعصمة جديدة كاملة (كطلاقهم) فإنه فاسد لا يقع فإذا طلقها ثلاثاً وأبانها عنه وأسلم (فيعقد) عليها إن شاء (إن أبانها) عنه في حال كفره (بعد) إيقاع الطلاق (الثلاث وأسلم) بعد ذلك (بلا محلل) وتكون معه بعصمة جديدة، كما لو لم يتزوج بها أصلاً، لما علمت من عدم صحة طلاقهم وجرى خلاف فيما إذا طلقها ثلاثاً حال كفره، ثم ترافعا إلينا راضيين بحكمنا، فهل يحكم الحاكم بلزوم الثلاث ويلزمهم ذلك، فإن أسلما لم تحل له إلا أن تنكح زوجاً غيره؟ أو محل الحكم بلزوم الثلاث إن كان صحيحاً في الإسلام باستيفاء الشروط والأركان؟ أو لا يلزمه الحاكم الثلاث وإنما يلزمه الفراق مجملاً؟ أو لا يلزمه شيئاً أصلاً ولا يتعرض لهم؟ تأويلات أربعة ذكرها الشيخ، لكن إذا قلنا: إن أنكحتهم فاسدة كطلاقهم (فالحكم بالطلاق إن ترافعا إلينا) حال كفرهما، بحيث لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، بعد الإسلام (مشكل) إذ كيف يحكم بصحة ما هو فاسد حتى تترتب ثمرة الصحة بعد الإسلام؟ وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر ورضاهم بحكمنا لا يؤثر شيئاً. وقوله تعالى: {فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم} [المائدة: ٤٢] محله فيما لا تتوقف صحته على الإسلام كالجنايات والمعاملات.

(و) لو أسلم كافر وتحته نساء كثيرة أو من يحرم جمعهن (اختار أربعاً)، أي له اختيار أربع منهن (إن أسلم على أكثر) من أربع، (وإن كن) أي المختارات (أواخر) في العقد، أو عقد على الجميع في عقد واحد بنى بهن أو لا وإن شاء اختار أقل من أربع أو لم يختر شيئاً.

(و) اختار (إحدى كأختين) أو إحدى كأخوات

ــ

قوله: [فأسلم في عدتها]: يؤخذ منه أن هناك دخولاً لأنه إن لم يحصل دخول فلا يقر عليها إلا إذا أسلما معاً حقيقة أو حكماً بأن جاءانا مسلمين.

قوله: [إن أبانها عنه]: أي أخرجها من حوزه، وأما إن لم يخرجها من حوزه وأسلم فإنه يقر عليها، ولا حاجة للعقد، ولو تلفظ بالطلاق الثلاث حال الكفر وفي ذلك ما حكاه في المجموع عن شب بقوله:

وما واطئ بعد الطلاق تجيزه ... بلا رجعة منه وذو الوطء مسلم

وأضاف له في المجموع عند عدم الاحتياج إلى محلل مع البينونة قوله:

وزوجة شخص قد أبان ثلاثة ... وليست عليه قبل زوج تحرم

قوله: [تأويلات أربعة]: الأول منها لابن شبلون، والثاني لابن أبي زيد، والثالث للقابسي، والرابع لابن الكاتب، واستظهره عياض ومحل هذا الخلاف إذا ترافعوا إلينا، وقالوا لنا احكموا بيننا بحكم الإسلام في أهل الإسلام، أو على أهل الإسلام، فلا فرق بين في وعلى على الصواب، أو بحكم الإسلام على أهل الكفر، أو في أهل الكفر، وأما لو قالوا احكموا بيننا بحكم أهل الإسلام في طلاق الكفر، أو بما يجب على الكافر عندكم، حكم بعدم لزوم الطلاق لأنه إنما يصح طلاق المسلم، وأما لو قالوا احكموا بيننا بحكم الطلاق الواقع بين المسلمين حكم بالطلاق الثلاث ويمنع من مراجعتها إلا بعد زوج، وأما لو قال: احكموا بيننا بما يجب في ديننا أو بما في التوراة فإننا نطردهم ولا نحكم بينهم كذا في الحاشية.

قوله: [وهل يصلح العطار] إلخ: هذا عجز بيت من بحر الطويل، وأجزاؤه فعولن مفاعيلن أربع مرات وهو من جملة أبيات قالها بعضهم وهي:

عجوز تمنت أن تكون فتية ... وقد يبس الجنبان واحدودب الظهر

تروح إلى العطار تبغي شبابها ... وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر

بنيت بها قبل المحاق بليلة ... فكان محاقاً كله ذلك الشهر

وما غرني إلا الخضاب بكفها ... وحمرة خديها وأثوابها الصفر

تنبيه: يمضي صداق الكفار الفاسد إن وقع العقد عليه، أو على إسقاط المهر إن قبض الفاسد، وحصل دخول فيهما ويقران إذا أسلما لأن الزوجة مكنت من نفسها في وقت يجوز لها في زعمها، وأما إن لم يحصل قبض ولا دخول قبل إسلامهما فكالتفويض، فيخير الزوج بين أن يدفع لها صداق المثل ويلزمها النكاح، وبين أن لا يدفعه فتقع الفرقة بطلقة بائنة ولا شيء عليه إن لم ترض بما فرض، وهل محل مضي صداقهم الفاسد أو الإسقاط إذا استحلوه في دينهم، فإن لم يستحلوه لم يمض أو يمضي مطلقاً؟ تأويلان.

قوله: [ولو أسلم كافر] إلخ: أي سواء كان قبل إسلامه كتابياً أو مجوسياً والحال أنه أسلم وهو بالغ عاقل، وأما غيره فيختار له وليه، فإن لم يكن له ولي اختار له الحاكم سلطاناً أو قاضياً.

قوله: [اختار أربعاً]: أي ولو كان في حال اختياره مريضاً أو محرماً ولو كانت المختارة أمة وهو واجد للحرائر طولاً لأن الاختيار كرجعة.

قوله: [أو أخر [١] في العقد]: أي خلافاً لأبي حنيفة القائل بتعين اختيار الأوائل دون الأواخر، ومحل الاختيار المذكور إن كن أسلمن معه أو كن


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (أواخر).

<<  <  ج: ص:  >  >>