للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل الخلاف في كل من الصورتين وبالجملة اتفق مالك وابن القاسم على وقوع طلقة أخرى بائنة.

(وكبيعها أو تزويجها) فيلزمه الطلاق بائناً أي: إن من باع زوجته أو زوجها لغيره في زمن مجاعة أو غيره، فإنه يقع عليه الطلاق بائناً إذا كان جداً لا هزلاً قاله المتيطي، قال ابن القاسم: من باع امرأته أو زوجها هازلاً فلا شيء عليه، ومثله في العتبية فقول بعض الشراح: "ولو هازلاً" ضعيف (و) يقع الطلاق بائناً (بكل طلاق حكم به) أي حكم به حاكم، (إلا) إذا حكم به (لإيلاء أو عسر بنفقة) فرجعي، فإن أيسر في العدة فله رجعتها كما أن المولى له رجعتها ووطؤها في العدة (لا إن طلق) زوجته (وأعطى) لها مالاً من عنده فليس بخلع، بل هو رجعي على المعتمد، قال في التوضيح: لأنه بمنزلة من طلق وأعطى لزوجته المتعة، (أو شرط) بالبناء للمفعول فيشمل الشرط منه أو منها أو من غيرهما، أي أن من طلق زوجته رجعياً وشرط عليه (نفي الرجعة) من غير إعطاء مال فإنه يستمر على أنه رجعي، ولا تبين بذلك.

(وموجبه) بكسر الجيم: أي موقعه ومثبته (زوج) لا غيره إلا أن يكون وكيلاً عنه (مكلف)، لا صبي ومجنون، (ولو) كان الزوج (سفيهاً) أو عبداً لأن العصمة بيده، وله أن يطلق بغير عوض فيه.

(أو ولي غيره): أي غير المكلف من صبي أو مجنون، سواء كان الولي أباً للزوجة، أو سيداً أو وصياً أو حاكماً أو مقاماً من جهته، إذا كان الخلع منه (لنظر) أي مصلحة، ولا يجوز عند مالك وابن القاسم أن يطلق الولي عليهما بلا عوض، ونقل ابن عرفة عن اللخمي أنه يجوز لمصلحة إذ قد يكون في بقاء العصمة فساد لأمر ظهر أو حدث (لا أب سفيه) فلا يخالع عنه بغير إذنه، (و) لا (سيد) عبد (بالغ) لأن الطلاق بيد الزوج المكلف ولو سفيهاً أو عبداً، لا بيد الأب والسيد فأولى غيرهما من الأولياء كالوصي والحاكم.

(ونفذ خلع المريض) مرضاً مخوفاً وهو ما الشأن فيه أن يكون سبباً في الموت، لا نحو رمد أو خفيف صداع، وأشار بقوله: "ونفذ" إلى أنه لا يجوز ابتداء لما فيه من إخراج وارث (وترثه) زوجته المخالعة في مرضه إن مات منه، ولو خرجت من العدة وتزوجت بغيره (دونها) أي فلا يرثها هو إن ماتت في مرضه قبله، ولو كانت مريضة حال الخلع أيضاً لأنه هو الذي أسقط ما كان يستحقه، (ككل مطلقة بمرض موت) أي مخوف فإنها ترثه إن مات من ذلك المرض دون أن يرثها، ولو كانت مريضة أيضاً، (ولو أحنثته [١] فيه): أي في المرض تعمداً منها كما لو قال لها: إن دخلت دار فلان فأنت طالق، فدخلتها قاصدة حنثه فترثه دونها.

ــ

قوله: [وقيل الخلاف في كل من الصورتين]: هذا هو المعتمد لما علمت من العبارة الأولى.

قوله: [وبالجملة اتفق مالك وابن القاسم]: وذلك لأن عدم الارتجاع الذي قيل [٢] المال لأجله ملزوم للطلاق البائن، فالطلاق الذي أنشأه الآن بقبول المال غير الطلاق الذي حصل منه أولاً، إذ الحاصل أولاً رجعي وهذا الذي أنشأه بقبول المال بائن، وعن ابن وهب أنها تبين بالأولى فتنقلب الأولى بائناً، وقال أشهب لا يلزمه بقبول المال شيء وله الرجعة ويرد لها مالها، وكلا القولين ضعيف والمعتمد قول مالك وابن القاسم. إن قلت هو ظاهر إن وقع القبول باللفظ، بأن قال قبلت هذا المال على عدم الرجعة، وأما القبول بغير اللفظ بأن أخذ المال وسكت فهو مشكل إذ كيف يقع الطلاق بغير اللفظ، وقد يجاب بأن ما يقوم مقام اللفظ في الدلالة على القبول كالسكوت منزل منزلة اللفظ، وسيأتي أنها تكفي المعطاة إن قصد بها ذلك.

قوله: [إذا كان جداً]: أي لو كان جاهلاً بالحكم ولا يعذر بجهله، ومثل بيعه لها وتزويجه ما لو باعها إنسان أو زوجها بحضرة الزوج وهو ساكت، فإنها تبين أيضاً، وأما إن أنكر فلا تبين كذا في الحاشية.

قوله: [ضعيف]: أي لقول بعض المحققين إذا كان هازلاً فلا شيء عليه اتفاقاً، والخلاف فيما إذا باعها أو زوجها غير هازل وحيث قلتم ببينونتها في البيع والتزويج فينكل فاعل ذلك نكالاً شديداً، ولا يمكن من تزوجها ولا من تزوج غيرها حتى تعرف توبته مخافة أن يعود ثانياً.

قوله: [وموجبه] إلخ: أي طلاق الخلع وليس الضمير راجعاً للعوض، لأن الزوج لا يوجب العوض وإنما الذي يوجبه ملتزمه زوجة أو غيرها.

قوله: [ولو كان الزوج سفيهاً]: رد بـ "لو"ٍ على ما حكاه ابن الحاجب وابن شاس من عدم صحة طلاق الخلع من السفيه.

قوله: [إذا كان الخلع منه]: الضمير عائد على الولي فهو قيد فيه.

قوله: [ونقل ابن عرفة] إلخ: هذا هو المعول عليه.

قوله: [بالغ]: حذفه من الأول لدلالة الثاني عليه بدليل تعليل الشارح.

قوله: [وترثه زوجته]: أي على المشهور ومقابله ما روي عن مالك من عدم إرثها لانتفاء التهمة لكونها طالبة للفراق.

قوله: [أي فلا يرثها هو]: أي ولو ماتت يوم الخلع لأن الطلاق بائن.

قوله: [دون أن يرثها]: أي في الطلاق البائن أو الرجعي إذا انقضت عدتها منه.

قوله: [ولو أحنثته فيه]: أي فلا يرثها في الطلاق البائن أو الرجعي إن ماتت بعد انقضاء


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] كذا في طبعة الحلبي وط المعارف، وفي (أقرب المسالك): (اختَلَتْه).
[٢] كذا في ط الحلبية، ولعل الصواب: (قبل).

<<  <  ج: ص:  >  >>