للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قبل علم من انتقلت) الحضانة (له) بالدخول بالأم؛ فلا كلام له بعد تأيمها.

(وللحاضنة) أماً أو غيرها (قبض نفقته وكسوته) وما يحتاج إليه من أبيه (بالاجتهاد) من الحاكم أو غيره على الأب بالنظر لحاله؛ من يوم أو جمعة أو شهر أو أعيان أو أثمان، وليس للأب أن يقول للحاضنة ابعثيه ليأكل عندي، ثم يعود لك، لما فيه من الضرر بالطفل والإخلال بصيانته، وليس لها موافقته على ذلك.

(و) لها (السكنى): أي بالاجتهاد كما قال الشيخ؛ أي فيما يخصها ويخص الولد، فما يخص الولد ففي ماله أو على أبيه، وما يخصها فعليها، قال المتيطي فيما يلزم الأب للولد: وكذا يلزمه الكراء لمسكنه هذا هو القول المشهور المعمول به المذكور في المدونة وغيرها، سحنون: ويكون عليه من الكراء على قدر ما يجتهد، وقال يحيى بن عمر: السكنى على قدر الجماجم، وقال في التوضيح: إن السكنى على الأب وهو مذهب المدونة خلافاً لابن وهب، وعلى المشهور فقال سحنون: تكون السكنى على حسب الاجتهاد ونحوه لابن القاسم في الدمياطية، وهو قريب مما في المدونة، وقال يحيى بن عمر على قدر الجماجم اهـ. فقوله "والسكنى أي بالاجتهاد": أي فيما يخص الطفل وما يخصها. (لا أجرة) أي ليس لها أجرة (للحضانة): أي في نظيرها، وليس لها أن تنفق على نفسها من نفقة الولد لأجل حضانتها. وهذا هو قول مالك الذي رجع إليه، وأخذ به ابن القاسم بعد أن كان يقول: ينفق عليها من مال الغلام، نعم إن كانت الأم معسرة فلها النفقة على نفسها من ماله لعسرها لا للحضانة. والله أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ــ

قوله: [قبل علم من انتقلت الحضانة له]: مفهومه أنه إذا علم بزواجها وسكت عن أخذ الولد عاماً أو أقل ولم يعلم حتى تأيمت لم ينزعه منها، ولا مقال له وما تقدم في قوله إلا أن يعلم ويسكت العام، أي فليس له انتزاعه منها، فإن سكت أقل من العام كان له انتزاعه إذا لم تتأيم، فالموضوع مختلف كذا ذكره الأجهوري.

قوله: [وللحاضنة أماً أو غيرها قبض نفقته] اللام بمعنى على أي ويجب عليها قبض نفقته بدليل قول الشارح، وليس للأب ... إلخ، وليس لها ... إلخ، وإذا قلنا على الحاضنة قبض ما يحتاج إليه المحضون لو ادعت تلفه؛ فهل يقبل قولها في ذلك أم لا؟ ومذهب ابن القاسم أنها ضامنة إلا أن تقوم بينة على التلف كما مر؛ لأن الضمان هنا ضمان تهمة ينتفي بإقامة البينة، لا ضمان أصالة لأنه لو كان ضمان أصالة لضمنته، ولو قامت بينة على تلفه بلا تفريطه كالمقترض والمشتري بعد الشراء اللازم.

قوله: [أي فيما يخصها ويخص الولد]: أي بأن يوزعها الحاكم أو غيره عليهما، فيجعل نصف أجرة المسكن مثلاً في مال المحضون أو أبيه ونصفها على الحاضنة أو ثلثها في مال المحضون أو أبيه، وثلثيها على الحاضنة أو بالعكس.

قوله: [انتهى] أي كلام التوضيح وقد نقلها (بن) وبسطها بأوسع من هذا، فجميع عبارة التوضيح هذه عين ما قبلها.

قوله: [أي بالاجتهاد]: أي فقد حذفه من الثاني لدلالة الأول عليه، وفي العبارة تكرار لا يخفى.

قوله: [نعم إذا كانت الأم إلخ] استدراك على قوله وليس لها أن تنفق على نفسها إلخ، كأنه قال محل الخلاف إذا كانت النفقة لأجل الحضانة، وأما لغيرها وعسرها فلها النفقة على نفسها من مال الطفل حيث كان ولداً لها قلت النفقة عن أجرة المثل في الحضانة أو كثرت لأنها تستحق النفقة ولو لم تحضنه، وانظر إذا لم تكن الحاضنة أماً ولم يوجد له حاضن غيرها، وكانت فقيرة هل يقضى لها بالإنفاق من ماله أو مال أبيه إن لم يكن له مال لتوقف مصالحه على ذلك؟ وهو الظاهر والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأكرم وعلى آله وصحبه وسلم. وقد تم الجزء الأول من هذا التعليق اللطيف على يد العبد الضعيف في خدمة أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك رضي الله عنه، وعنى به ليلة الأربعاء لخمس بقين من المحرم سنة ١٢٢١ إحدى وعشرين ومائتين وألف من الهجرة الشريفة على صاحبها أفضل التحيات النيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>