جبراً حراماً): أي ليس بحق فيصح ولا يلزم. (ورد) المبيع (عليه): أي على البائع إذا لم يمضه ولا يفوت عليه ببيع ولا هبة ولا عتق ولا إيلاد (بلا ثمن) يغرمه للمشتري، وهذا خاص بما إذا أجبر على سببه؛ كما إذا أجبره ظالم على مال فباع سلعته لإنسان ليدفع ثمنها للظالم أو أكرهه على أن يبيعها ليأخذ الظالم ثمنها منه أو من المشتري. وأما لو أكرهه على بيعها وأخذ ربها ثمنها، فإنها إذا ردت عليه دفع للمشتري ما أخذه منه. وبقي من شروط اللزوم: أن يكون العاقد مالكاً أو وكيلاً عنه وإلا فهو صحيح غير لازم.
(ومنع): أي حرم على المكلف: (بيع) رقيق (مسلم) من إضافة المصدر لمفعوله (و) رقيق (صغير) كتابياً أو مجوسياً (و) رقيق (مجوسي) كبير لجبرهما على الإسلام. (و) بيع (مصحف) أو جزئه (و) كتب (حديث لكافر) كتابي أو غيره. والبيع صحيح على المشهور وإن منع ولذا قال: (وأجبر) الكافر المشتري بلا فسخ للبيع (على إخراجه عن ملكه ببيع أو عتق ناجز) فلا يكفي المؤجل (أو هبة) لمسلم (ولو لولد صغير) وليس له اعتصاره منه؛ فإن اعتصره أجبر على إخراجه ثانياً.
(وجاز) لمشتر من الكافر (رده عليه بعيب) وجده فيه ثم يجبر على إخراجه من ملكه بما مر (كأن أسلم) الرقيق (عنده) أي عند سيده الكافر فإنه يجبر على إخراجه عن ملكه (وباعه الحاكم إن) كان سيده غائباً و (بعدت غيبة السيد)
ــ
قوله: [جبراً حراماً]: أي وأما لو أجبر على البيع جبراً حلالاً لكان البيع لازماً؛ كجبره على بيع الدار لتوسعة المسجد أو الطريق أو المقبرة، أو على بيع سلعة لوفاء دين أو لنفقة زوجة أو ولد أو والدين، أو لوفاء ما عليه من الخراج السلطاني الذي لا ظلم فيه.
قوله: [وأما لو أكرهه على بيعها] إلخ: حاصل ما في المقام أن الإكراه على سبب البيع فيه أقوال ثلاثة قيل: إنه لازم، وقيل: غير لازم وعليه إذا رد المبيع فهل بالثمن أو بلا ثمن؛ مشى المصنف على أنه بلا ثمن. وبقي قول رابع لسحنون يقول: إن المضغوط إن كان قبض الثمن رد المبيع بالثمن وإلا فلا يغرمه، وأما الإكراه على نفس البيع فهو غير لازم، ويرد المبيع إن شاء البائع بالثمن قولاً واحداً ما لم تقم بينة على ضياعه من غير تفريط.
قوله: [وبقي من الشروط اللزوم] إلخ: وبقي شرط آخر في المعقود عليه؛ وهو أنه لا يتعلق به حق للغير بدليل ما يأتي من توقف بيع العبد الجاني على مستحق الجناية. فتكون شروط اللزوم خمسة ذكر المصنف والشارح أربعة وهذا واحد.
قوله: [وبيع مصحف]: أي ولو كان بقراءة شاذة.
وقوله: [وكتب حديث]: مثلها كتب العلم وظاهره حرمة بيعها لكافر ولو كان الكافر يعظمها؛ لأن مجرد تملكه لها إهانة. ويمنع أيضاً بيع التوراة والإنجيل لهم؛ لأنها مبدلة ففيه إعانة لهم على ضلالهم. وكما يمنع بيع ما ذكر لهم يمنع الهبة والتصدق وتمضي الهبة والصدقة ويجبرون على إخراجها من ملكهم كالبيع.
تنبيه: كذلك يمنع بيع كل شيء علم أن المشتري قصد به أمراً لا يجوز؛ كبيع جارية لأهل الفساد أو مملوك، أو بيع أرض لتتخذ كنيسة أو خمارة، أو خشبة لمن يتخذها صليباً، أو عنباً لمن يعصره خمراً، أو نحاساً لمن يتخذه ناقوساً، أو آلة حرب للحربيين، وكذا كل ما فيه قوة لأهل الحرب. وأما بيع الطعام لهم فقال ابن يونس: يجوز في الهدنة وأما في غيرها فلا يجوز. وقيل بالمنع مطلقاً - كذا في (بن) نقله محشى الأصل.
قوله: [بلا فسخ]: هذا هو المشهور كما قال المازري وهو مذهب المدونة. ومقابله: أنه يفسخ إذا كان المبيع قائماً، ونسبه سحنون لأكثر أصحاب مالك. قال ابن رشد: والخلاف مقيد بما إذا علم البائع أن المشتري كافر، أما إذا ظن أنه مسلم فلا يفسخ بلا خلاف ويجبر على إخراجه من ملكه بالبيع ونحوه. قوله: [ببيع] إلخ: أي والذي يتولى البيع الإمام لا السيد الكافر؛ لأن فيه إهانة للمسلم بخلاف العتق والهبة والصدقة، فإن السيد الكافر يتولاها، وليس توليته لها كتوليته البيع في إهانة المسلم؛ فإن تولى الكافر بيعه نقضه الإمام وباعه هو كما قاله بعضهم.
قوله: [ولو لولد صغير]: رد ب "لو" قول ابن شاس: إن الهبة للولد الصغير لا تكفي في الإخراج، إنما ذكر المصنف الصغير مع أن الكبير والصغير سواء في الاعتصار منهما؛ لأن فيه فرض الخلاف وأما الهبة للكبير فإنها تكفي في الإخراج اتفاقاً، لقدرته على إفاتة الاعتصار بالتصرف بخلاف الصغير فإنه محجور عليه.
قوله: [وجاز لمشتر]: اعترض: بأن البيع هنا من السلطان وبيع السلطان بيع براءة. وأجيب: بفرض المسألة فيما إذا طرأ إسلام العبد بعد بيعه. فعلى هذا لو كان الإسلام سابقاً على البيع لم يكن للمشتري رده بالعيب خلافاً لما يوهمه الشارح. وأجيب بجواب آخر: بأن محل كون بيع السلطان بيع براءة إذا باع على المفلس، وأما في مثل هذا المحل فيرد عليه. وعلى هذا فكلام الشارح ظاهر.
قوله: [أي عند سيده الكافر]: كلامه صادق بأن يكون ذلك الكافر مشترياً من مسلم أو كان مالكاً أصلياً.
قوله: [وباعه الحاكم إن كان سيده غائباً]: مفهومه؛ أنه لو كان حاضراً لا يتولى الحاكم بيعه مع أنه تقدم أنه يتولى بيعه حتى مع