للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحوه المعلوم قدره أو غير معلومه (بالأواني منه، لا بالفلوس) لعدم انتقال الفلوس عن النحاس لسهولة صنعتها بخلاف الإناء، فإن صنعته عظيمة الشأن. ومحل المنع حيث جهل عددها، علم وزن النحاس أو جهل، أو علم عددها وجهل وزن النحاس. فإن علم العدد والوزن جاز، إذ لا مزابنة حينئذ وإلى هذا أشار بقوله: (إلا أن يعلم عددها): أي الفلوس (ووزنه): أي النحاس (فيجوز كآنية) من نحاس (بفلوس عليهما [١]): أي فيجوز، وإنما قدمنا هذه المسألة لمناسبتها لبيع الحيوان باللحم لأن علته المزابنة كما تقدم.

(وجاز) بيع المجهول بمعلوم أو المجهول من جنسه (إن كثر أحدهما) كثرة بينة تنتفي فيها المكايسة (في غير ربوي): كقطن وحديد وكالفواكه مما لا يحرم فيه ربا الفضل من الطعام، لكن بشرط المناجزة فيه لا في ربوي.

(وكالغرر): أي كبيعه فإنه فاسد للنهي عنه (وهو: ذو الجهل) بثمن أو مثمن أو أجل (والحظر [٢]؛ كتعذر التسليم) كبيع آبق وسمك في مائه وبيع ما فيه خصومة.

(وكبيعها بقيمتها) التي ستظهر أو التي يقولها أهل السوق (أو بما يرضاه فلان) وكان البيع على رضاه (على اللزوم) لا على الخيار فإنه جائز لأن بيع الخيار منحل.

(وكمنابذة الثوب أو لمسه فيلزم) البيع؛ فإنه فاسد للنهي عنه إذا كان على اللزوم، كما أفاده بقوله: "فيلزم" فإن كان على الخيار جاز. وبيع المنابذة: أن يبيعه ثوباً بمثله أو بدراهم وينبذه له على أنه يلزم بالنبذ من غير تأمل فيه، فالمفاعلة فيه قد تكون على بابها. والملامسة: أن يبيعه الثوب مثلاً على اللزوم بمجرد لمسه من غير تفتيش فيه ولا تأمل.

(وكبيع) كل (ما فيه خصومة): أي في تسليمه لمشتريه، بأن يتوقف تسليمه له على منازعة كبيع مغصوب أو مسروق ونحو ذلك تحت يد غير مالكه البائع له.

(وكبيعه) سلعة عقاراً كانت أو عرضاً (بالنفقة عليه): أي على البائع لها (حياته): أي مدة حياته؛ ففاسد للغرر بعدم علم الثمن (ورجع) المشتري على البائع (بقيمة ما أنفق) المشتري عليه إن كان مقوماً، أو مثلياً جهل قدره كما إذا كان في عياله (أو بمثله إن) كان مثلياً (و) علم قدره، بأن دفع له قدراً معلوماً من طعام أو دراهم. فالصور أربع؛ يرجع بالقيمة في ثلاثة: المقوم مطلقاً والمثلي المجهول القدر، وبالمثل في واحدة. (ورد المبيع) لبائعه (إلا أن يفوت) عند المشتري (فالقيمة) يردها للبائع

ــ

قوله: [ونحوه]: أي كالحديد والقصدير والخشب والطين.

قوله: [بالأواني منه]: أي من النحاس إن كانت نحاساً، أو من القزدير إن كانت قزديراً، أو من الحديد إن كانت حديداً، أو من الخشب إن كانت خشباً، أو من الطين إن كانت طيناً، لكن لا تخرج أواني الطين عن أصلها إلا بالحرق على ما يظهر وهذا كله بخلاف أواني النقد. وأما هي فلا تخرج عن أصلها بحال.

قوله: [لا في ربوي]: أي فلا يجوز التفاضل في الجنس الواحد ولو كثر أحدهما كثرة بينة لأنه ربا على كل حال.

قوله: [أي كبيعه]: أي البيع الملابس للغرر، لا أن الغرر مبيع.

قوله: [على اللزوم]: اعلم أن المضر الدخول على لزوم البيع لهما أو لأحدهما في مسألة بيعها بقيمتها أو على رضا فلان، وأما على رضا أحد المتبايعين فالمضر إلزام غير من له الرضا. ومثل ما ذكره المصنف لو ولاه سلعة لم يعلمه بها أو بثمنها على الإلزام والسكوت كالإلزام في الجميع إلا في التولية فتصح وله الخيار

قوله: [وكمنابذة الثوب أو لمسه]: إنما كان منهياً عنه لما ورد أن «النبي - صلى الله عليه وسلم -: نهى عن الملامسة والمنابذة» فكان الرجلان في الجاهلية يساومان السلعة فإذا لمسها المشتري أو نبذها إليه البائع لزم البيع. قال مالك: والملامسة شراؤك الثوب لا تنشره ولا تعلم ما فيه أو تبتاعه ليلاً ولا تتأمله أو ثوباً مدرجاً لا ينشر من جرابه، والمنابذة: أن تبيعه ثوبك فتنبذه إليه أو ثوبه وينبذه إليك من غير تأمل منكما على الإلزام. قال أبو الحسن: قوله: "ولا تعلم ما فيه". يعني وتكتفي باللمس، وقوله: "أو تبتاعه ليلاً": أي مقمراً أو مظلماً، وقوله: "من جرابه"، بكسر الجيم وعاء من جلد. اهـ.

قوله: [فالمفاعلة فيه قد تكون على بابها]: أي وقد لا تكون؛ فالأولى: كما إذا شرط عليك نبذ المثمن واشترطت عليه نبذ الثمن. والثانية: كما إذا كان الشرط من أحدهما. وأما الملامسة فلا تكون على بابها، بل من جانب واحد وهي أن يشترط البائع على المشتري لزوم المبيع بمجرد لمسه له - هكذا قالوا.

قوله: [وكبيعه سلعة]: هو من إضافة المصدر إلى فاعله وسلعة مفعول والضمير في حياته يرجع للبائع ويصح أن يرجع للمشتري أو لأجنبي، فالمراد أنه ينفق عليه مدة مجهولة: وأما لو اشتراها بالنفقة مدة معلومة لجاز. فإن مات البائع قبل تمامها رجع ما بقي من المدة لورثته لا إن دخل على أنه إن مات يكون الباقي هبة للمشتري فلا يجوز.

قوله: [ورجع المشتري] إلخ: اختلف: هل يرجع بما كان سرفاً بالنسبة للبائع أو لا يرجع إلا بالمعتاد؟ ومحل الخلاف: إذا كان السرف قائماً فإن فات لم يرجع به ولا بعوضه. وما قيل في مسألة البيع بالنفقة عليه حياته يقال في مسألة الإجارة، كما لو أجرها منه بالنفقة عليه مدة مجهولة إلا في السرف فيرجع به ويعوضه إن فات. والفرق أن مشتري الذات يملك الغلة بملك الرقبة فلذلك لم يرجع مع الفوات بالسرف، والإجارة لا يملك فيها غلة لعدم ملكه الرقبة فيلزمه أجرة المثل.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (عُلِما)، ولعلها الصواب، كما في أقرب المسالك.
[٢] في ط المعارف: (والخطر)، ولعلها الصواب، كما في أقرب المسالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>