(كبيع وشرط) أي مع شرط (يناقض المقصود) من البيع كأن يبيعها بشرط ألا يركبها أو لا يبيعها أو لا يلبسها ولا يسكنها أو لا يتخذها أم ولد.
(إلا) أن يكون الشرط (تنجيز عتق) لا كتابتها ولا عتقها لأجل، فإن باع بشرط تنجيز العتق جاز لتشوف الشارع للحرية (أو) يكون الشرط (كصدقة): مثلها الهبة والتحبيس، ثم إن باعه بشرط العتق صح (ولا يجبر) المشتري عليه (إن أبهم البائع) في شرطه ولم يقيد بإلزام وإيجاب للعتق على [١] المشتري (كالمخير في العتق ورد البيع) بأن باعه على أن المشتري مخير بين عتقه ورده لبائعه. فإن اشتراه على ذلك لم يجبر المشتري على العتق فإن لم يعتقه كان للبائع رد البيع وإمضاؤه.
(بخلاف الاشتراء على) شرط (إيجابه) أي العتق على المشتري، بأن شرط عليه البائع ذلك فاشتراه على ذلك فإنه يجبر على عتقه، فإن أبى أعتقه الحاكم عليه (كالعتق بالشراء) تشبيه في لزوم العتق لا بقيد الجبر لأن العتق حاصل بنفس الشراء ولا يحتاج إلى إنشاء بعد يعني أنه إذا قال: "إن اشتريته فهو حر أو معتوق" وسواء شرط عليه البائع ذلك أو قاله من نفسه فإنه يعتق عليه بنفس الشراء كما لو قال: "إن تزوجتها فهي طالق". (أو) بيع وشرط (يخل بالثمن) فهو عطف على "يناقض المقصود" ومعنى: "يخل بالثمن" بأن يؤدي إلى نقص أو زيادة [٢] فيه، ومثله بقوله: (كبيع بشرط سلف) وصورها أربع؛ لأن البائع إما أن يقول للمشتري: أبيعك هذا على أن تسلفني كذا، أو بشرط أن أسلفك، وإما أن يقول المشتري للبائع: أشتريه منك على أن أسلفك أو على أن تسلفني كذا، وأما جمعهما من غير شرط فالراجح الجواز. وأما تهمة بيع وسلف فممنوع كما يأتي في بيوع الآجال. فالمسائل ثلاثة: بيع بشرط السلف ولو بجريان العرف وهو ما أشار له، وبيع مع سلف بلا شرط فجائز، وتهمة بيع وسلف وهو ما يأتي منعه في بيوع الآجال.
ــ
الجزء اشتراه للعتق أم لا بدليل التقييد الآتي فمراده بالنصف الجزء من كل استوى الجزءان أو اختلفا وأما لو بيع أحدهما مع جزء الآخر لشخص فنص المدونة المنع خلافاً لأبي الحسن القائل بجوازه كما في الحاشية.
تنبيه: يجوز لمعاهد حربي نزل إلينا بأمان ومعه أمة وولدها التفرقة بينهما ويحرم علينا الاشتراء منه ولكنه صحيح وإذا اشترى مسلم الأمة، وآخر ولدها وجب عليهما جمعهما في ملك لمسلم ولا يرد الملك للكافر وصدقت المسبية مع ولدها في دعواها الأمومة فلا يفرق بينهما اتحد سابيهما أو اختلف إلا لقرينة على كذبها ولا توارث بينهما على كل حال لاحتمال كذبها ولا ميراث مع الشك، أما هي فلا ترثه قطعاً، وأما هو فكذلك إن كان لها وارث ثابت النسب يحوز جميع المال، فإن لم يكن لها وارث على الوجه المذكور ورثها.
قوله: [وكبيع وشرط]: اعلم أن الشرط الذي يحصل عند البيع إما أن ينافي المقصود أو يخل بالثمن أو يقتضيه العقد أو لا يقتضيه ولا ينافيه فالمضر الأولان دون الأخيرين فالذي يناقض المقصود مثله بقوله كأن لا يركبها أو لا يبيعها إلخ، والذي يخل بالثمن بقوله: كبيع بشرط سلف والذي يقتضيه العقد كشرط تسليم المبيع ولم يمثل له هنا وإن كانت أحكامه معلومة مما مضى ومما يأتي في خيار النقيصة والاستحقاق. والذي لا يقتضيه ولا ينافيه أفاده بقوله: كشرط رهن وحميل فهذا الأخير إن اشترط عمل به وإلا فلا، والشرط الذي قبله لازم له على كل حال، وهذا التفصيل لمالك وذهب أبو حنيفة إلى تحريم البيع مع الشرط مطلقاً لما ورد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع وشرط»، وذهب بعضهم إلى الجواز مطلقاً عملاً بما في الصحيح «أن جابراً باع ناقة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - واشترط حلابها وظهرها للمدينة»، وذهب بعضهم إلى بطلان الشرط مع صحة البيع مطلقاً لحديث عائشة - رضي الله عنها - «أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أشتري بريرة وأعتقها وإن اشترط أهلها الولاء فإن الولاء لمن أعتق» فجاز البيع وبطل الشرط فأحاط مالك بتلك الأحاديث واستعملها في مواضعها وتأولها على حسب اجتهاده.
قوله: [ثم إن باعه بشرط العتق]: أي وما ألحق به من صدقة أو هبة أو تحبيس. قوله: [ولا يجبر المشتري عليه إن أبهم]: حاصله أن شرط تنجيز العتق له وجوه أربعة البيع فيها صحيح وإنما يفترق الحكم في صفة وقوع العتق من افتقاره لصيغة وعدم افتقاره لها وفي الجبر على العتق وعدمه وفي شرط النقد وعدمه فوجهان لا يجبر فيهما المشتري على العتق ولا يجوز فيهما اشتراط النقد، بل شرط النقد يفسده لتردده بين السلفية والثمنية: الأول إن أبهم البائع في شرطه العتق بأن قال أبيعك بشرط أن تعتقه ولم يقيد ذلك بإيجاب ولا خيار. والثاني التخيير بأن قال أبيعك على أنك مخير بين عتقه ورد البيع، ووجهان يخير فيهما ولا يضر شرط النقد الأول منهما: أن يبيعه على شرط أن يعتقه لزوماً لا تخلف له عنه فرضي المشتري بذلك فإنه يجبر على العتق بإنشاء صيغة فإن أبى أعتقه عنه الحاكم، والثاني: أن يشتريه على أنه حر بنفس الشراء ولا يحتاج هذا إلى إنشاء عتق ولا حكم من حاكم ويكون حراً بنفس الشراء وشرط النقد صحيح فيه أيضاً.
قوله: [بأن يؤدي إلى نقص]: أي إن كان المتسلف البائع، وقوله
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (وعلى).
[٢] في ط المعارف: (زياد).