للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وللمشتري رده): أي المبيع حيث علم (إن لم يفت، وإلا فالقيمة أو الثمن) أي هو بالخيار، فيلزمه الأقل منهما (وجاز) لمن أراد شراء سلعة في المزاد (سؤال البعض) من الحاضرين لسومها (ليكف عن الزيادة) فيها ليشتريها السائل، قال ابن رشد: ولو في نظير شيء يجعله لمن كف عن الزيادة، نحو: كف عن الزيادة ولك درهم، ويقضي له به حيث كف عنها (لا) سؤال (الجميع) ليكفوا عن الزيادة فلا يجوز لما فيه من الضرر على البائع. ومثل الجميع: من في حكمهم كشيخ السوق، فإن وقع خير البائع في الرد والإمضاء، فإن فات فله الأكثر من الثمن والقيمة. فإن أمضى فليس لهم مشاركته على الصواب وليس له أن يلزمهم الشركة وهو ظاهر.

(وكبيع حاضر سلعة عمودي) للنهي عن ذلك وسواء كان لها ثمن عنده أم لا. ومحل المنع إذا (لم يعرف ثمنها) بالحاضرة أو يعرفه ويتفاوت، فإن عرفه وكان لا يتفاوت كما إذا كان يعلم أن قنطار العسل في الحاضرة بدينار فباعه له الحاضر بالسعر الواقع فلا ضرر؛ لأنه والحالة هذه مجرد وكيل عنه وقيل: يمنع مطلقاً ولو عرف ثمنها، وليس بالبين، والمنع مطلقاً (ولو بإرساله) السلعة (إليه): أي إلى الحاضر ليبيعها له (وفسخ) البيع إن لم يفت وإلا مضى بالثمن (وأدب) البائع وكذا المالك.

(وجاز) للحضري (الشراء له): أي للعمودي سلعة من الحضر بالنقد لا بغيره من السلع المجلوبة من عنده لأنه من البيع له.

(وكتلقي السلع) على دون ستة أميال (أو) تلقي (صاحبها) القادم قبل وصوله البلد ليشتري منه ما سيصل على الصفة أو ما وصل قبله، فإنه منهي عنه. (كأخذها منه) أي من صاحبها المقيم (بالبلد) قبل وصولها (على الصفة، ولو طعاماً) فيمنع قبل إخراجها لسوقها.

(ولا يفسخ) إن وقع بل يدخل في ضمان المشتري بالعقد (ولأهل السوق مشاركته) فيما اشتراه للتجارة.

(وجاز لمن) منزله أو قريته (على كستة أميال الأخذ) أي الاشتراء من السلع المجلوبة لبلد (مطلقاً) للتجارة وغيرها كان لها سوق أم لا (كمن على أقل) من ستة أميال (إن لم يكن لها سوق، وإلا) بأن كان لها سوق تباع فيه (فما يحتاجه لقوته فقط) كذا ذكره بعضهم معترضاً على الشيخ.

ولما أنهى الكلام على البياعات المنهي عنها أتبعه بما يوجب الضمان

ــ

عليه بل قال ابن العربي هو مندوب وقيل وهو الذي يزيد في السلعة ليقتدي به غيره وإن لم يزد على قيمتها، وعلى هذا فالمدار في الحرمة على زيادته من غير قصد شراء سواء زاد على قيمتها أم لا قصد غرر غيره أم لا فاللام في قوله لتغر للعاقبة لا للعلة.

قوله: [وللمشتري رده]: أي وله التماسك لأن البيع صحيح.

قوله: [وإلا فالقيمة]: حاصله أن المشتري يخير في حالة قيام المبيع بين الإجازة والرد وفي حال الفوات يلزمه الأقل من الثمن والقيمة ومقتضى قولهم بيع النجش صحيح اعتبار القيمة يوم العقد لا يوم القبض.

قوله: [ويقضي له به]: أي ولو لم يشترها الجاعل واستشكل ابن غازي ذلك بأنه من أكل أموال الناس بالباطل لا سيما إذا كان ربها لم يبعها وقال العبدوسي لا إشكال لأنه عوض على ترك وقد ترك اهـ (بن) ويجري مثل ذلك فيمن أراد تزوج امرأة أو يسعى في رزقه أو وظيفة وجعل لغيره دراهم على الكف فإنها تلزمه، قوله: [فإن فات فله الأكثر] إلخ: أي على حكم الغش والخديعة في البيع.

قوله: [فليس لهم مشاركته]: أي كما اعتمده (بن) خلافاً لما مشى عليه في الأصل تبعاً ل (عب). قوله: [وهو ظاهر]: أي لأن الضرر في سؤالهم إنما كان على البائع وهو قد رضي حيث أمضى البيع وأما المشتري فقد سلموا له لما سألهم وأسقطوا له حقهم ورضي هو بالشراء وحده فلا يجبر واحداً منهم على الشركة بحال.

قوله: [للنهي عن ذلك]: أي وهو قوله - عليه الصلاة والسلام -: «دعوا الناس في غفلاتهم يرزق الله بعضهم من بعض»، وقوله - عليه الصلاة والسلام -: «لا يبع حاضر لباد». قوله: [وليس بالبين]: أي فالوجه الأول لأن علة النهي ترك المالك في غفلته وفي هذه الحالة لم يكن عنده غفلة.

قوله: [ولو بإرساله]: رد بلو على الأبهري القائل بجواز البيع في هذه الحالة لأنها أمانة اضطر إليها.

تنبيه: هل يمنع بيع الحاضر لأهل القرى الصغيرة إلحاقاً لهم بالبدو أو يجوز قولان المذهب الجواز.

قوله: [وإلا مضى بالثمن]: هذا هو المعتمد لأنه من المختلف فيه وقيل بالقيمة. قوله: [وأدب البائع] إلخ: أي إن لم يعذر بجهل وهل الأدب مطلقاً اعتاده أم لا أو إن اعتاده؟ قولان.

قوله: [بالنقد] إلخ: هذا هو المعتمد وقيل يجوز ولو بالسلع سواء حصلها بمال أو بغيره وفصل (عب) فقال: إن حصلها بمال جاز شراؤه له بها وبغير مال لا يجوز أن يشتري له بها لأنه بيع لسلعة.

قوله: [على دون ستة أميال]: وقيل إن النهي إذا كان التلقي على مسافة فرسخ أي ثلاثة أميال فلا يحرم إذا كان على أكثر منه، وقيل إذا كان على ميل فإن كان على أزيد فلا يحرم، والأول أرجحها.

قوله: [بل يدخل في ضمان المشتري بالعقد]: أي ما لم يكن فيه حق توفية وإلا فلا يدخل في ضمانه إلا بالقبض وينهى المتلقي عن تلقيه فإن عاد أدب ولا ينزع منه شيء لعدم فساد البيع.

قوله: [ولأهل السوق مشاركته]: أي إن كان لها سوق وإلا فالعبرة بأهل البلد وقيل يختص بها مطلقاً كان لها سوق أم لا شهره القاضي عياض.

قوله: [وجاز لمن منزله أو قريته]: إلخ. حاصل ما قاله الشارح في مسألة التلقي أن الشخص إما أن يكون خارجاً من البلد المجلوب إليه التجارة أو منزله خارج عنه تمر به التجارة، فمتى كان خارجاً لستة أميال أو منزله على ستة أميال جاز له الشراء مطلقاً للتجارة أو للقنية، كان لتلك السلع سوق بالبلد أم لا وإن كان على دون ستة أميال فالخارج يحرم عليه الشراء مطلقاً للتجارة أو القنية كان للسلع

<<  <  ج: ص:  >  >>