للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم بين بعض محترزات بعض الشروط بقوله:

(فلا يصح) السلم (فيما لا يمكن وصفه: كتراب معدن) لما علمت أنه يشترط بيان وصفه التي تختلف بها الأغراض فما لا يمكن وصفه مجهولة حقيقته (ولا) يصح سلم في (جزاف) لما علمت أنه يشترط أن يكون في الذمة وشرط صحة بيع الجزاف رؤيته وبرؤيته كان معيناً.

(و) لا يصح سلم في (أرض ودار) وحانوت وخان وحمام؛ لأنها ببيان محلها ووصفها صارت معينة لا في الذمة.

(و) لا يصح في (نادر الوجود): لعدم وجوده في الغالب عند الأجل فيلزم عليه بيع ما ليس عندك [١] وما لا قدرة لك على تسليمه.

(وإن انقطع ما) أي مسلم فيه (له إبان): أي وقت معين يظهر فيه كبعض الأثمار (خير المشتري في الفسخ) وأخذ رأس ماله.

(و) في (البقاء) لقابل، حتى يظهر المسلم فيه في وقته (إن لم يأت القابل) وظهر المسلم فيه، فإن أتى (فلا فسخ) وتعين أخذ المسلم فيه. ومحل التخيير: إذا لم يكن التأخير حتى انقطع بسبب المشتري، وإلا وجب الإبقاء لقابل لأنه قد ظلم البائع حيث فرط في أخذ حقه، فتخييره زيادة ظلم له، ذكره ابن عبد السلام.

(وإن قبض) المشتري (البعض) من المسلم فيه وانقطع (وجب) عليه (التأخير) لقابل ولا تخيير له (إلا أن يرضيا): أي المشتري والبائع (بالمحاسبة) فإن كان المشتري قبض النصف مثلاً رد البائع له نصف رأس السلم فيجوز، سواء كان رأس المال مقوماً أو مثلياً كما صرح به الشيخ فعلم أن محل تخيير المشتري مقيد بقيود ثلاثة: أن لا يصبر حتى يأتي العام القابل، وأن لا يقبض البعض، وأن لا يكون التأخير حتى انقطع بسببه.

(وجاز قبل) حلول (الأجل قبوله): أي المسلم فيه (بصفته) التي وقع العقد (فقط): لا أزيد ولا أنقص لما فيه من: حط الضمان وأزيدك، أو: ضع وتعجل (كقبل المحل) الذي شرط القبض فيه، أو مكان العقد إذا لم يشترط مكان غيره فيجوز قبوله في غير ذلك المكان (إن حل) الأجل، لا إن لم يحل، عرضاً أو طعاماً، هذا مذهب ابن القاسم وقال سحنون: يجوز مطلقاً حل أم لا فيهما، فتفصيل الشيخ لم يوافق واحداً منهما

ــ

الأجل، بل الشرط وجوده أي القدرة على تحصيله عند حلول الأجل، ولو انقطع في أثناء الأجل، بل ولو انقطع في الأجل بتمامه ما عدا وقت القبض، خلافاً لأبي حنيفة المشترط وجوده في جميع الأجل.

قوله: [ثم بين بعض محترزات بعض الشروط]: هكذا نسخة المؤلف بذكر "بعض" أولاً وثانياً، ومعناها: أنه لم يستوف محترزات البعض الذي تعرض له من تلك الشروط.

قوله: [كتراب معدن]: هذا وما بعده أمثلة لما يصح فيه المسلم وإن صح فيه أصل البيع لاختصاص السلم بزيادة تلك الشروط فلا يلزم من عدم صحة السلم فيه عدم البيع من أصله.

قوله: [بيان وصفه]: المناسب صفته لأجل ما بعده.

قوله: [أي مسلم فيه له إبان]: أي من السلم الحقيقي بأن كان غير محصور في قرية أو في قرية مأمونة. وأما إن انقطع ثمر الحائط المعين الذي أسلم في كيل معلوم منه أو ثمر القرية غير المأمونة الذي أسلم في كيل معلوم منها، فإنه يرجع المسلم بحصة ما بقي له من السلم عاجلاً اتفاقاً، ولا يجوز التأخير لأنه فسخ دين في دين، وله أخذ بدله ولو طعاماً. وهل يرجع على حسب القيمة؟ فينظر لقيمة كل مما قبض ومما لم يقبض في وقته ويفض الثمن على ذلك، فإذا أسلم مائة دينار في مائة وسق من ثمر الحائط المعين ثم قبض من ذلك خمسين وسقاً وانقطع، فإذا كان قيمة المأخوذ مائة وقيمة الباقي خمسين فنسبة الباقي للمأخوذ الثلث فيرجع بثلث الثمن - قل أو كثر - وعليه الأكثر؟ أو يرجع على حسب المكيلية؟ فيرجع بنسبة ما بقي منها من غير تقويم فيرجع بنصف الثمن في المثال؟ تأويلان.

تنبيه: حيث تقرر أن المسلم فيه لا بد أن يكون ديناً في الذمة، وثمر الحائط المعين ليس في الذمة، فلا يتعلق به العقد على وجه السلم الحقيقي. والعقد المتعلق به، إنما هو بيع حقيقة فيجري على حكمه، غير أنه تارة يقع العقد على تسميته سلماً وتارة يقع عليه مجرداً عن التسمية المذكورة، ولكل منهما شروط يتفقان في معظمها. وهذه إحدى المواضع التي فرقوا فيها بين الألفاظ، فيشترط في شراء ثمر الحائط - إن سمي سلماً - إزهاؤه وسعة الحائط وكيفية قبضه متوالياً أو متفرقاً، وكون عقد السلم مع المالك له وشروع المسلم في الأخذ ويغتفر تأخير الشروع لنصف شهر وأخذه بسراً أو رطباً لا تمراً فلا يجوز. وإن سمي بيعاً: اشترط فيه تلك الشروط ما عدا كيفية قبضه - هذا ملخص ما في الأصل.

قوله: [سواء كان رأس المال مقوماً أو مثلياً]: أي خلافاً لسحنون فإنه يمنع المحاسبة في المقوم لعدم الأمن من الخطأ في التقويم.

قوله: [وجاز قبل حلول الأجل] إلخ: هذا شروع في حكم اقتضاء السلم حقه ممن هو عليه فهذا الأمر جائز بلا جبر حيث قضاه قبل الأجل أو المحل لأن الأجل في المسلم حق لكل منهما ما لم يكن المسلم فيه نقداً، وإلا أجبر المسلم على قبوله قبل الأجل إن طلبه المسلم إليه لأن الأجل حق لمن عليه الدين وأما في القرض فيجبر المقرض على قبوله قبل أجله كان القرض عيناً أو غيره.

قوله: [لما فيه من: حط الضمان وأزيدك]: راجع لقوله "لا أزيد"

وقوله: [أو ضع وتعجل]: راجع


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (عنده).

<<  <  ج: ص:  >  >>