للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ولا) يلزم المسلم (قبوله) لو دفعه له المسلم إليه (بغير محله): أي في غير المحل الذي اشترط التسليم فيه أو محل العقد إذا لم يشترطا محلاً (ولو خف حمله) كجوهر وثوب لطيف، إلا أن يرضيا بذلك فيجوز إن حل الأجل كما تقدم.

(وجاز شراء من) بائع (دائم العمل كخباز) ولحام تشترى منه (جملة) كقنطار (مفرقة على أوقات): ككل يوم رطل حتى تفرغ الجملة المعينة بدينار مثلاً (أو) تشترى منه (كل يوم قسطاً معيناً) كرطل (بكذا) بدرهم مثلاً، فقوله: "بكذا" راجع للمسألتين، لكن رجوعه للأولى على أنه ثمن المجموع كالقنطار، وللثانية على أنه ثمن القسط المعين كالرطل في كل يوم مثلاً.

(وهو بيع): أي من باب البيع لا السلم فلا يشترط تعجيل رأس المال ولا تأجيل المثمن، لأن البائع لما نصب نفسه للعمل أشبه ما باعه الشيء المعين، فإن مات انفسخ في الصورة الثانية. ويشترط الشروع في الأخذ فيما دون نصف شهر.

(وإن لم يدم) عمله (فسلم) يشترط فيه شروطه كقنطار من خبز من كذا صفته كذا بأخذه بعد نصف شهر بكذا ويعجل فيه رأس المال على ما تقدم.

ثم شبه في السلم قوله: (كاستصناع سيف) أو ركاب من حداد (أو سرج) من سروجي أو ثوب من حياك أو باب من نجار على صفة معلومة بثمن معلوم، فيجوز وهو سلم تشترط فيه شروطه كان البائع دائم العمل أم لا.

(إن لم يعين العامل أو المعمول منه): فإن عينه فسد نحو: أنت الذي تصطنعه بنفسك أو يصنعه زيد بنفسه، أو تصنعه من هذا الحديد بعينه، أو من هذا الغزل أو من هذا الخشب بعينه، لأنه حينئذ صار معيناً لا في الذمة وشرط صحة السلم كون المسلم فيه ديناً في الذمة.

ــ

لاختلاف الجنس هنا، فبين المنع للنهي الخاص عن بيع اللحم بالحيوان، وشارحنا هنا لم يلتفت إلى هذا الجواب وسلم الإشكال ووافقه في المجموع فتأمل.

قوله: [ولا يلزم المسلم قبوله]: أي سواء حل الأجل أو لم يحل.

قوله: [فيجوز إن حل الأجل]: ولا فرق بين العرض والطعام على المعتمد كما مر. ومحل عدم لزوم القبول: إن لم يكن عيناً، وأما هي: فالقول قول من طلب القضاء منهما حيث حل الأجل ولو في غير محل القضاء، فيلزم ربه القبول إذا دفعه له من هو عليه ويلزم من هو عليه دفعه إذا طلبه ربه ولو في غير محل القضاء. وأما إن لم يحل الأجل فالحق لمن عليه العين في المكان والزمان. فإذا طلب المدين تعجيل العين قبل انقضاء الأجل أو طلب دفعها في غير محل القضاء، فإنه يجبر ربها على قبولها، كانت العين من بيع أو قرض، إلا أن يتفق حصول خوف قبل الزمان أو المكان فلا يجبر من هي له على قبولها إلا بعد الزمان أو المكان المشترط ربها قبضها فيه. فلو جبره على قبولها وتلفت منه ضاعت على الدافع، ولا فرق بين عين المبيع والقرض على المعتمد.

قوله: [من بائع دائم العمل]: أي حقيقة وهو من لا يفتر عنه غالباً أو حكماً، بأن كان من أهل حرفة ذلك الشيء المشترى منه بحيث يتيسر له تحصيله في أي وقت.

قوله: [قسطاً معيناً]: بالفتح أي قدراً.

قوله: [على أنه ثمن المجموع]: أي فالدينار في المسألة الأولى ثمن القنطار مفرقاً على شهر مثلاً والثانية على أن الدرهم ثمن للرطل الذي يأخذه كل يوم.

قوله: [وهو بيع]: صرح به مع قوله: "وجاز الشراء من بائع" إلخ، لأن الشراء يطلق على السلم ووجه كونه بيعاً لا سلماً أنهم نزلوا دوام العمل منزلة تعين المبيع كما أفاده الشارح والمسلم فيه لا يكون معيناً بل في الذمة.

قوله: [انفسخ في الصورة الثانية]: إنما فسخ فيها لكونها غير محدودة بوقت تنتهي إليه، ولذلك يجوز لأحدهما الفسخ في أي وقت، بخلاف الصورة الأولى؛ وهي ما إذا اشترى جملة يأخذها مفرقة فلا تنفسخ في حياته ولا في موته.

قوله: [ويشترط الشروع في الأخذ]: كلام مستأنف: أي إنه يشترط الشروع في أخذ الشيء المشترى في المسألتين ولا يغتفر التأخير لنصف شهر.

قوله: [يشترط فيه شروطه]: أي وحينئذ فلا يعين العامل ولا المعمول منه ويكون ديناً في الذمة.

قوله: [كاستصناع سيف]: أي كما أن استصناع السيف والسرج سلم سواء كان الصانع المعقود معه دائم العمل أم لا كأن يقول لإنسان: اصنع لي سيفاً أو سرجاً أو باباً صفته كذا بدينار، فلا بد من تعجيل رأس المال وضرب الأجل وأن لا يعين العامل ولا المعمول منه إلى آخر شروط السلم.

قوله: [فإن عينه فسد]: قال في المدونة: فإن شرط عمل رجل بعينه لم يجز وإن نقده لأنه لا يدري أيسلم ذلك الرجل أم لا فذلك غرر. اهـ. وعلى هذا درج ابن رشد. وفي المدونة في موضع آخر ما يقتضي الجواز إذا عين العامل فقط لقولهم: من استأجر من يبني له داراً على أن الجص والآجر من عند الأجير جاز، وهو قول ابن بشير. وحيث قلتم بفساده بتعيين العامل أو المعمول فمن باب أولى تعيينهما معاً، وعلة الفساد في تعيين العامل دوران الثمن بين السلفية والثمنية، وفي تعيين المعمول أن السلم لا يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>