للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومسح صماخ الأذنين - بضم الصاد المهملة- أي ثقبيهما، ولا يبالغ فإنه يضر السمع، وأما ظاهرهما وباطنهما فمن ظاهر الجسد يجب غسله كما سيأتي.

(وفضائله: ما مر في الوضوء. وبدء بإزالة الأذى، فمذاكيره، ثم أعضاء وضوئه مرة، وتخليل أصول شعر رأسه، وتثليثه يعمه بكل غرفة، وأعلاه، وميامنه) أي أن فضائل الغسل - أي مستحباته- ما تقدم في الوضوء؛ من قوله: موضع طاهر، واستقبال وتسمية، وتقليل ماء بلا حد كالغسل. ويندب في الغسل بدء بإزالة الأذى: أي النجاسة، سواء كانت في فرجه أو في غيره. ثم يشرع في الغسل، فيبدأ - بعد غسل يديه إلى كوعيه وإزالة ما عليه من النجاسة إن كانت - بغسل مذاكيره أي الفرج والأنثيين والدبر. وعبر عنها بالمذاكير تبركاً بالحديث الوارد في صفة غسله - صلى الله عليه وسلم.

وحاصل كيفية الغسل المندوبة: أن يبدأ بغسل يديه إلى كوعيه ثلاثاً كالوضوء بنية السنية، ثم يغسل ما بجسمه من أذى، وينوي فرض الغسل أو رفع الحدث الأكبر، فيبدأ بغسل فرجه وأنثييه ورفغيه ودبره وما بين أليتيه مرة فقط، ثم يتمضمض ويستنشق ويستنثر، ثم يغسل وجهه إلى تمام الوضوء مرة مرة، ثم يخلل أصول شعر رأسه لتنسد المسام خوفاً من أذية الماء إذا صب على الرأس، ثم يغسل رأسه ثلاثاً يعم رأسه في كل مرة، ثم يغسل رقبته ثم منكبيه إلى المرفق ثم يفيض الماء على شقه الأيمن إلى الكعب ثم الأيسر كذلك. ولا يلزم تقديم

الأسافل على الأعالي؛ لأن الشق كله بمنزلة عضو واحد، خلافاً لمن قال: يغسل الشق الأيمن إلى الركبة ثم الأيسر كذلك، ثم يغسل من ركبته اليمنى إلى كعبها ثم اليسرى كذلك، قال: لئلا يلزم تقديم الأسافل على الأعالي، ولم يدر أن الشق كله بمنزلة عضو واحد، ولم تنقل هذه الصفة في اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم ثم إذا غسل الشق الأيمن أو الأيسر، يغسله بطناً وظهراً. فإن شك في محل ولم يكن مستنكحاً وجب غسله وإلا فلا.

(ويجزئ عن الوضوء وإن تبين عدم جنابته، ما لم يحصل ناقض بعده وقبل تمام الغسل) يعني أن الغسل على الصفة المتقدمة أو على غيرها، يجزئ عن الوضوء ولو لم يستحضر رفع الحدث الأصغر؛

ــ

من سنن الوضوء لا الغسل كما يفيده كلام الشيخ أحمد الزرقاني. ولكن الحق أن هذا الوضوء الذي يأتي به وضوء صورة، وفي المعنى قطعة من الغسل. وحينئذ فيصح إضافة السنن لكل منهما عند إتيانه بالوضوء، وعند عدم الإتيان به تكون مضافة للغسل. اهـ. من حاشية الأصل.

قوله: [أي ثقبيهما]: أي فالسنة هنا مغايرة للسنة في الوضوء؛ لأنها مسح ظاهرهما وباطنهما وصماخهما، والسنة هنا مسح الثقب الذي هو الصماخ.

قوله: [بإزالة الأذى] إلخ: أي ولا يكون مس فرجه لإزالة الأذى ناقضاً لغسل يديه أولاً لما تقدم من أن المعتمد غسلهما قبل إدخالهما في الإناء، فلا يعيد غسلهما بعد إزالة الأذى. خلافاً لمن يقول بإعادة الغسل.

قوله: [وإزالة ما عليه]: إشارة إلى أن إزالة الأذى متأخرة عن غسل اليدين.

قوله: [تبركاً بالحديث]: أي لكون هذه العبارة وقعت في لفظ الحديث.

قوله: [المندوبة]: أي الكاملة التي جمعت الفرائض والسنن والفضائل.

قوله: [بنية السنية]: أي للوضوء الصوري أو للغسل.

قوله: [ما بجسمه]: فرجاً أو غيره بدليل تعريفه.

قوله: [وينوي]: أي عند البدء بغسل فرجه.

قوله: [إلى تمام الوضوء مرة مرة]: تبع الشارح خليلاً موافقة لما ذكره عياض عن بعض شيوخه من أنه لا فضيلة في تكراره، واقتصر عليه في التوضيح أيضاً قال (ر): ويرد عليه ما ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري، من أنه قد ورد من طرق صحيحة أخرجها النسائي والبيهقي من رواية أبي سلمة «عن عائشة أنها وصفت غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة وفيه: ثم تمضمض ثلاثاً واستنشق ثلاثاً وغسل وجهه ثلاثاً ويديه ثلاثاً ثم أفاض الماء على رأسه ثلاثاً» اهـ. فإذا علمت ذلك فلأهل المذهب طريقتان في كيفية الغسل بينهما الشارح، ولهم في الوضوء طريقتان أيضاً: التثليث وعدمه، وتقديم الرجلين قبل غسل الرأس أو تأخيرهما بعد تمام الغسل. فاختار شارحنا تبعاً لخليل التقديم وكون الغسل مرة مرة.

قوله: [لتنسد المسام]: أي ففي التخليل فائدة طيبة؛ وهي سد المسام؛ لمنع الضرر عن الرأس، وفائدة شرعية وهي عدم الإسراف في الماء.

قوله: [ثم يغسل رأسه ثلاثاً]: أي فالتثليث في الرأس وغسل اليدين للكوعين مندوب باتفاق أهل المذهب، بخلاف باقي أعضاء الوضوء، ففيها الخلاف.

قوله: [إلى الكعب]: ما ذكره هو الذي اختاره الشيخ أحمد الزرقاني وزروق. وفي (ح): ظواهر النصوص تقتضي أن الأعلى يقدم بميامنه ومياسره على الأسفل بميامنه ومياسره، لا أن ميامن كل من الأعلى والأسفل مقدمة على مياسر كل. بل هذا صريح عبارة ابن جماعة وبه قرر ابن عاشر. وهذه هي الطريقة الثانية التي رد عليها الشارح.

قوله: [فإن شك] إلخ: هذا مكرر مع قوله سابقاً: [وإن شك غير مستنكح في محل غسله]، وإنما كرره لأجل تمام الكيفية.

قوله: [ويجزئ] إلخ: ظاهر هذه العبارة أن غسل الجنابة يجزئ عن الوضوء. والأولى الوضوء بعد الغسل؛ لأن أكثر ما يستعمل العلماء هذه العبارة - أعني الإجزاء - في الإجزاء المجرد عن الكمال، وفيه نظر. فقد قال ابن عبد السلام: لا خلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>