للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأنفق الراهن، (بدأ) بالثمر أو بحب الزرع (بالنفقة) التي صرفها الراهن على ذلك، فتقدم على الدين ولا تكون النفقة في ذمة الراهن.

(ولا يجبر الراهن على الإنفاق) على الشجر والزرع مطلقاً (ولو اشترط) الرهن (في) صلب (العقد) للدين فأولى إذا كان تطوعاً بعد [١]، وتؤولت على عدم الجبر إذا تطوع به. وأما إذا اشترط في العقد جبر. والمعتمد الأول، لكنه إن أنفق بدأ بها على الدين على ما تقدم.

ثم شرع يتكلم على ضمان الرهن وعدمه فقال: (وضمن) الرهن (مرتهن إن كان) الرهن (بيده وهو مما يغاب [٢] عليه): أي يمكن إخفاؤه عادة، كالحلي والثياب والسلاح والكتب، لا إن كان بيد أمين أو كان مما لا يغاب عليه كالحيوان وادعى ضياعه أو تلفه (ولم تقم على هلاكه بينة) لا إن قامت، فشروط ضمانه ثلاثة: كونه بيده، وكان مما يغاب عليه، ولم تقم على هلاكه بينة بضياعه بغير تفريط؛ فيضمنه المرتهن (ولو اشترط البراءة) من الضمان؛ ولا ينفعه شرطها (في غير) رهن (متطوع به): وهو المشترط في العقد (أو علم احتراق محله): وادعى احتراقه أو سرقة محله، وادعى أنه سرق من جملة المتاع فيضمن ولا ينفعه ذلك (إلا ببقاء بعضه) لم يحرق. (وإلا) بأن كان بيد أمين أو كان مما لا يغاب عليه أو قامت على ضياعه بينة أو كان متطوعاً به بعد العقد واشترط عدم الضمان - على ما قال اللخمي والمازري - أو علم احتراق محله وبقي البعض بلا حرق مع ظهور أثر الحرق (فلا ضمان) على المرتهن؛ لأن ضمانه ضمان تهمة وقد زالت فلا ضمان (ولو اشترط ثبوته): أي الضمان (إلا أن تكذبه البينة): الشاملة للعدل وامرأتين، كما لو ادعى موت الدابة أو العبد الرهن فقال جيرانه أو رفقته في السفر: لم نعلم بذلك، أو قال: مات أو ضاع يوم كذا، فقالت البينة: رأيناه عنده بعد ذلك اليوم (وحلف) المرتهن (مطلقاً)

ــ

قوله: [فأنفق الراهن] صوابه المرتهن تأمل.

قوله: [بدأ بالثمر]: قال (عب): معنى التبدئة بما أنفق أن ما أنفقه يكون في ثمر الزرع والثمرة وفي رقاب النخل، فإن ساوى ما ذكر النفقة أخذها المرتهن، وإن قصر ذلك عن نفقته لم يتبع الراهن بالزائد وضاع عليه وكان أسوة الغرماء بدينه، بخلاف المسألة السابقة المتعلق إنفاقه فيها بذمة الراهن. فإن فضل شيء عن نفقته بدأ بها في دينه، فإن فضل شيء كان للراهن. اهـ. أي والموضوع: أنه جعل النفقة في الرهن. والباء في "بالثمر" وفي " بحب الزرع " بمعنى: "في" والباء في النفقة للتعدية.

قوله: [التي صرفها الراهن]: صوابه المرتهن.

قوله: [ولا تكون النفقة في ذمة الراهن]: الفرق بينه وبين النفقة على الحيوان والعقار أن المرتهن دخل على الإنفاق عليها، فإذا لم يشترط كون الرهن رهناً به كان سلفاً منه للراهن بخلاف هدم البئر ونحوه فإنه غير مدخول عليه ولما كان إحياء الزرع ونحوه إنما يحصل عن إنفاق بدأ به على دين الرهن فإن أنفق بإذن للراهن أو بدون علمه فالنفقة في ذمة الراهن كذا في الأصل.

قوله: [وأما إذا اشترط في العقد جبراً]: استشكل جبره بأن الشخص لا يجبر على إصلاح شيئه. وأجيب: بأنه إنما جبر لتعلق حق المرتهن به.

قوله: [وضمن الرهن مرتهن]: أي ضمن مثله إن كان مثلياً وقيمته إن كان مقوماً إن ادعى تلفه أو ضياعه أو رده. وهل تعتبر القيمة يوم التلف أو الضياع أو يوم الارتهان؟ قولان، ووفق بعضهم بين القولين بأن الأول فيما إذا ظهر عنده يوم ادعاء التلف والثاني فيما إذا لم يظهر عنده من يوم قبضه حتى ضاع.

قوله: [لا إن كان بيد أمين]: أي وإلا كان الضمان من الراهن.

قوله: [أو كان مما لا يغاب عليه]: اعلم أن مثل الرهن في التفرقة بين ما يغاب عليه وما لا يغاب عليه: باب العواري وضمان الصناع والمبيع بخيار ونفقة المحضون إذا دفعت للحاضن والصداق إذا دفع للمرأة وحصل فسخ أو طلاق قبل الدخول وما بيد الورثة إذا طرأ دين أو وارث آخر والمشتري من غاصب ولم يعلم بغصبه والسلعة المحبوسة للثمن أو للإشهاد - كذا في حاشية الأصل.

قوله: [كالحيوان]: أي والعقار، ومن ذلك السفينة الواقفة في المرسى؛ فإذا ادعى ضياع ما لا يغاب عليه أو تلفه أو رده فإنه يصدق ولا ضمان عليه ما لم يكن قبضه ببينة مقصودة للتوثق وإلا فلا يصدق كما في (ح) نقله محشي الأصل.

قوله: [ولا ينفعه شرطها]: أي بل هو مما يقوي التهمة.

قوله: [أو علم احتراق محله] إلخ: هذا داخل في حيز المبالغة على الضمان لاحتمال كذبه خلافاً لفتوى الباجي القائل إذا علم احتراق محل الرهن المعتاد وضعه فيه وادعى المرتهن أنه كان به فلا ضمان عليه. وأما لو ثبت أنه كان به فإنه لا ضمان عليه اتفاقاً وقد اعتمد (بن) فتوى الباجي ولأفاد في الأصل ضعفها تبعاً لشيخه العدوي.

قوله: [إلا ببقاء بعضه لم يحرق]: اعلم أن الرهن إذا كان متحدا كفى الإتيان ببعض منه محرقاً وإن كان متعدداً فلا بد من الإتيان ببعض كل واحد منه محرقاً.

قوله: [بقي البعض بلا حرق]: أي أو لم يبق على فتوى الباجي.

قوله: [فلا ضمان ولو اشترط ثبوته]: كرر قوله. "فلا ضمان" لأجل المبالغة وفي هذا التركيب ركة لا تخفى.

قوله: [إلا أن تكذبه]: أي إلا أن تكذب من لا ضمان عليه من أمين ومرتهن. والمراد بالبينة: العدول، وأما تكذيب غير العدول فلا يعتبر والتكذيب إما صريحاً، كدعواه أنها ماتت يوم السبت مثلاً فقالوا رأيناها عنده بعد ذلك اليوم وإما ضمناً كقول جيرانه المصاحبين في السفر: لم نعلم بذلك. ومفهوم: " تكذبه " أنه


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (بعده).
[٢] في ط المعارف: (يعاب).

<<  <  ج: ص:  >  >>