للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولك أن تقول ملغزاً: ما وضوء لا ينقضه بول ولا غائط؟ فإذا لم يجد الجنب ماء عند إرادة النوم فلا يندب له التيمم.

(وتمنع موانع الأصغر وقراءة إلا اليسير لتعوذ أو رقيا أو استدلال، ودخول مسجد ولو مجتازاً): أي أن الجنابة من جماع أو حيض أو نفاس تمنع موانع الحدث الأصغر، من صلاة وطواف ومس مصحف أو جزئه على ما تقدم. وتمنع أيضاً قراءة القرآن، إلا الحائض والنفساء كما يأتي في الحيض. ويستثنى من منع القراءة اليسير لأجل تعوذ عند نوم أو خوف من إنس أو جن، فيجوز.

والمراد باليسير: ما الشأن أن يتعوذ به كآية الكرسي والإخلاص، أو لأجل رقيا للنفس أو للغير من ألم أو عين، أو لأجل استدلال على حكم نحو: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة: ٢٧٥]. وتمنع أيضاً دخول المسجد سواء كان جامعاً أم لا، ولو كان الداخل مجتازاً أي ماراً فيه من باب لباب آخر فيحرم عليه.

(ولمن فرضه التيمم دخوله به): أي يجوز للجنب الذي فرضه التيمم -لمرض أو لسفر وعدم الماء- أن يدخله بالتيمم للصلاة ويبيت فيه إن اضطر لذلك. وكذا صحيح حاضر اضطر للدخول فيه ولم يجد خارجه ماء.

ولما فرغ من الكلام على الطهارة المائية وما يتعلق بها انتقل يتكلم على الترابية وهي التيمم وما يتعلق به من الأحكام فقال: -

فصل [١]:

(إنما يتيمم لفقد ماء كاف بسفر أو حضر، أو قدرة على استعماله) اعلم أن التيمم لا يجوز ولا يصح إلا لأحد أشخاص سبعة:

الأول: فاقد الماء الكافي للوضوء أو للغسل بأن لم يجد ماء أصلاً أو وجد ماء لا يكفيه.

الثاني: فاقد القدرة على استعماله، أي من لا قدرة له عليه، وهو شامل للمكره والمربوط بقرب الماء والخائف على نفسه من سبع أو لص، فيتيمم كل منهما في الحضر والسفر، ولو سفر معصية، خلافاً لما مشى عليه الشيخ من - تقييده بالمباح

ــ

كل وضوء شرعي.

قوله: [ملغزاً]: أنشد الخرشي في كبيره نقلاً عن التتائي:

وإن سألت وضوءاً ليس يبطله ... إلا الجماع وضوء النوم للجنب

تنبيه: يندب للجنب أيضاً غسل فرجه إذا أراد العود للجماع، كانت التي جامعها أو غيرها لما فيه من إزالة النجاسة، وتقوية العضو. وقيل إن كانت الموطوءة أخرى وجب الغسل؛ لئلا يؤذيها بنجاسة غيرها، ويندب للأنثى الغسل كما ذكره ابن فجلة، ورده (عب) بأنه يرخي محلها، قال شيخنا في حاشية مجموعه: ولعل الأظهر كلام ابن فجلة خصوصاً بفور الجماع وتنشفه.

قوله: [وقراءة]: أي ويزاد في المنع القراءة ولو بغير مصحف ولو لمعلم ومتعلم.

قوله: [كآية الكرسي] إلخ: بل ظاهر كلامهم أن له قراءة: {قل أوحي}، وفي (ح) عن الذخيرة لا يتعوذ بنحو: {كذبت قوم لوط} [الشعراء: ١٦٠] وتبعه الأجهوري وغيره، ونوقش، بأن القرآن كله حصن وشفاء وليس من القراءة مرور القلب بل حركة اللسان.

قوله: [ولو كان الداخل مجتازاً]: رداً على الشافعية القائلين بجواز الدخول للمجتاز.

قوله: [ولم يجد خارجه ماء]: أي وكان الماء داخله أو الدراهم التي يحصله بها داخله. ولو احتلم فيه هل يتيمم لخروجه منه أو لا؟ وهو الأقوى كما في (ح) لما فيه من طول المكث، والإسراع بالخروج أولى، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يتيمم لما دخله ناسياً وخرج اغتسل وعاد للصلاة ورأسه يقطر، وقد يقال من خصوصياته صلى الله عليه وسلم إباحة مكثه في المسجد جنباً إلا أن يلتفت للتشريع. وبالجملة: الأحسن التيمم وهو مار حيث لم يعقه. اهـ. من شيخنا في مجموعه.

تنبيه: يمنع دخول الكافر المسجد أيضاً وإن أذن له مسلم إلا لضرورة عمل، ومنها قلة أجرته عن المسلم وإتقانه على الظاهر.

قوله: [الطهارة المائية]: أي صغرى وكبرى.

قوله: [وما يتعلق بها]: أي من الأحكام التي تقدمت من أول باب الطهارة إلى هنا.

قوله: [الترابية]: أي على الطهارة الترابية وأخرها لنيابتها عن الصغرى والكبرى.

قوله: [وما يتعلق به من الأحكام]: أي التي احتوى عليها هذا الفصل.

فصل في التيمم

قوله: [إنما يتيمم] إلخ: التيمم لغة القصد، وشرعاً: طهارة ترابية تشتمل على مسح الوجه واليدين بنية. والمراد بالتراب: جنس الأرض، فيشمل جميع أجزائها إلا ما استثني، كما سيأتي تفصيله، وهو من خصائص هذه الأمة اتفاقاً، بل إجماعاً. وهل هو عزيمة أو رخصة؟ أو لعدم الماء عزيمة وللمرض ونحوه رخصة؟ خلاف.

قوله: [لفقد ماء]: شروع منه في أسباب التيمم، وتسمى موجباته، وعدها الشارح هنا سبعة. وإن كان يأتي يقول: بل إذا تحققت تجد الأقسام ترجع إلى قسمين: الأول فاقد الماء حقيقة أو حكماً، الثاني فاقد القدرة كذلك.

قوله: [فاقد الماء]: أي المباح، وأما وجود غير المباح فهو كالعدم. والمراد غير كاف لأعضاء الوضوء القرآنية بالنسبة للوضوء ولجميع بدنه بالنسبة لغسل الجنابة ولو كفى وضوءه.

قوله: [أي من لا قدرة] إلخ: تفسير مراد لقوله [أو قدرة على استعماله] والمعنى انتفت قدرته مع وجود الماء الكافي فتغاير مع ما قبله.

قوله: [ولو سفر معصية]: أي هذا إذا كان سفر طاعة كالحج والغزو، أو مباحاً كالتجر، بل ولو سفر معصية، وإذا كان المسافر يجوز له التيمم تعلم أنه لا يلزمه


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (في التيمم).

<<  <  ج: ص:  >  >>