للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن كان قريب الغيبة بحيث يجوز النقد فيه بشرط فيكون في حكم الحاضر (وأقر المدين) بالدين الذي عليه للميت -إن كان مدين- (وحضر) عقد الصلح وكان ممن تأخذه الأحكام ولا بد من بقية شروط جواز بيع الدين.

(وإلا) الصلح (عن دراهم وعرض تركا بذهب عنده) لا من التركة كما هو الموضوع، فلو حذفه ما ضر، فيجوز. (كبيع وصرف): أي كجواز بيع وصرف، فإن كان ما يخصها من الدراهم قليلاً - أقل من صرف دينار - جاز، وإلا فلا. وكذا إن صالحت عن ذهب وعرض بورق.

(و) جاز الصلح (عن) دم (العمد) نفساً أو جرحاً (بما قل) من المال (وكثر) لأن العمد لا دية له أصالة (ولذي دين) محيط على الجاني (منعه) أي منع الجاني (منه) أي من الصلح بمال، لما فيه من إتلاف ماله الذي يستحقه رب الدين في دينه.

(وإن صالح أحد وليين) فأكثر -من قتل أباهما مثلاً– بقدر الدية أو أقل أو أكثر (فللآخر الدخول معه) فيما صالح به جبراً، فيأخذ ما ينوبه ولو صالح بقليل (وسقط القتل) عن القاتل. وله عدم الدخول معه فله نصيبه من دية عمد ولا دخول للمصالح معه، وله العفو مجاناً فلا شيء له مع المصالح. (كدعواه) - تشبيه في سقوط القتل - أي: كدعوى أحد الوليين (الصلح فأنكر) الجاني، فإنه يسقط القتل وكذا المال الذي سماه الولي إن حلف الجاني. فإن نكل حلف الولي وأخذ المال وإن صالح (وارث)

ــ

شرطاً في المعين.

قوله: [بأن كان قريب الغيبة]: أي كيومين مع الأمن في غير العقار، وأما هو فلا يضر شرط النقد فيه ما لم يبعد جداً.

قوله: [ولا بد من بقية شروط جواز بيع الدين]: حاصل الشروط أنه لا يجوز بيع الدين إلا إذا كان الثمن نقداً وكان المدين حاضراً في البلد، وإن لم يحضر مجلس البيع، خلافاً للشارح في قوله: وحضر عقد الصلح وأقر بالدين وكانت تأخذه الأحكام وبيع بغير جنسه أو بجنسه وكان مساوياً لا أنقص، وإلا كان سلفاً بزيادة ولا أزيد وإلا كان فيه حط الضمان وأزيدك، وليس عيناً بعين وليس بين المشتري والمدين عداوة، وألا يكون يمنع بيعه قبل قبضه كطعام المعاوضة؛ فالشروط ثمانية قد علمتها.

قوله: [وإلا الصلح عن دراهم وعرض] إلخ: يعني أن التركة، إذا لم يكن فيها إلا دراهم وعروض وصولحت الزوجة عما يخصها بذهب من غير التركة فذلك جائز كجواز اجتماع البيع والصرف. وكذلك الحكم إذا لم يكن في التركة دراهم بل ذهباً وعروضاً وصالحها بدراهم.

قوله: [وجاز الصلح عن دم العمد]: ظاهره جواز الصلح عليه ولو قبل ثبوت الدم وهو كذلك كما في حاشية الأصل.

قوله: [لما فيه من إتلاف ماله]: أي ولم يعامله الغرماء عليه، لأنه يفدي نفسه من القتل أو القطع قصاصاً وهم لم يعاملوه على إتلاف ما لهم لصون نفسه، وليس هذا كتزوجه وإيلاد أمته؛ لأن الغرماء عاملوه على ذلك كما عاملوه على الإنفاق على زوجته وأولاده الصغار.

فرع: لو وقع الصلح على أن يرتحل القاتل من بلد الأولياء، فقال ابن القاسم: الصلح منتقض ولصاحب الدم أن يقوم بالقصاص ولو ارتحل الجاني، وقال المغيرة: يجوز ويحكم على القاتل ألا يساكنهم أبدا كما شرطوه، وهذا هو المشهور المعمول به واستحسنه سحنون. وعليه فإن لم يرتحل القاتل أو عاد وكان الدم ثابتاً كان لهم القود في العمد والدية في الخطأ - وإن لم يكن ثبت - كان لورثة المقتول العود للخصام ولا يكون الصلح قاطعاً لخصامهم.

قوله: [فللآخر الدخول معه]: وحيث رضي بالدخول معه فلا يرجع واحد منهما على الجاني بشيء وسواء صالح عن نصيبه فقط أو عن جميع الدم.

قوله: [وسقط القتل عن القاتل]: أي بمجرد صلح الأول يسقط القصاص.

قوله: [ولا دخول للمصالح معه]: أي لو أخذ الثاني نصيبه من دية عمد فلا دخول للأول معه لرضاه بالصلح.

قوله: [وله العفو مجاناً]: أي للثاني العفو مجاناً وليس له القصاص لما علمت أنه سقط بصلح الأول قال خليل: "وسقط إن عفا رجل كالباقي". والحاصل: أن الآخر يخير أولاً في العفو وعدمه، فإن عفا فلا دخول له مع المصالح ولا شيء له أصلاً، وإن لم يعف فيخير إما أن يدخل مع المصالح فيما صالح به ولا رجوع لواحد منهما على الجاني على المعتمد، أو لا يدخل وله نصيبه من دية عمد أو يصالحه بأقل أو أكثر.

قوله: [وكذا المال الذي سماه الولي] إلخ: إنما سقط القتل والمال لأن دعواه أثبتت أمرين: إقراره على نفسه بأنه لا يقتص منه، وأنه يستحق مالاً على الجاني. فيؤخذ بما أقر به على نفسه ولم يعمل بدعواه على الجاني. وأما غيره من الأولياء إذا لم يوافقه على دعوى الصلح فلهم نصيبهم من دية عمد أو الصلح بما قل أو كثر، ولا سبيل إلى القتل بحال لأن الحدود تدرأ بالشبهات.

قوله: [وإن صالح وارث] إلخ: حاصله: أن أحد الوارثين - سواء كانا ولدين أو أخوين أو عمين أو غير ذلك - إذا ادعى بمال على شخص مخالط لمورثه في تجارة أو وديعة فأقر بذلك أو أنكر وصالحه عليه فإن للوارث الآخر أن يدخل

<<  <  ج: ص:  >  >>