(وأجبر) الشاري لسلعة (عليها): أي على الشركة أي مشاركة الغير معه فيما اشتراه (إن اشترى شيئاً بسوقه) المعد له ولو لم يكن الشاري من أهله واشتراه للتجارة في البلد (لا) إن اشتراه (لكسفر) به وإن لتجارة (أو قنية) أو إقراء ضيف أو عرس أو إهداء وصدق في ذلك بيمينه (وغيره) أي المشتري من باقي التجار (حاضر) بالسوق لعقد الشراء (لم يتكلم) بمزايدة (من تجارها): أي السلعة المشتراة؛ احترازاً مما لو كان غائباً حين الشراء. أو تكلم بزيادة أو ليس من تجارها بأن لم يكن تاجراً أصلاً أو كان من تجار غيرها؛ فلا جبر، وتقدم أن الشراء بسوقها شرط في الجبر (لا) إن اشتراها (ببيت) اتفاقاً (أو زقاق) على المعتمد.
ثم انتقل يتكلم على النوع الثاني من نوعي الشركة الداخل تحت التعريف المتقدم فقال:
(وجازت) الشركة (بالعمل) أي فيه أو المعين في المال الحاصل بسبب العمل كالخياطة والحياكة والتجارة، بشروط: أشار لأولها بقوله:
(إن اتحد) العمل كخياطين لا كخياط ونجار (أو تلازم) عملهما بأن كان أحدهما ينسج والثاني ينير أو يدور، أو أحدهما يصوغ والثاني يسبك له، أو أحدهما يغوص لطلب اللؤلؤ والثاني يمسك عليه ويجذف؛ فالمراد بالتلازم: توقف أحد العملين على الآخر.
وأشار لثانيها بقوله: (و) إن (أخذ كل منهما) من الربح (بقدر عمله): أي دخلا على ذلك. ولا يضر التبرع بعد العقد. وفسدت إن شرطا التفاوت ولا يضر شرط التساوي إن تقاربا في العمل كما يأتي قريباً.
ولثالثها بقوله: (و) إن (حصل) التعاون بينهما (وإن بمكانين) بحيث تجول يد كل منهما على ما بيد صاحبه، كخياطين في حانوتين يأخذ كل منهما ما بيد صاحبه.
ولرابعها بقوله: (و) إن (اشتركا في الآلة) التي بها العمل، كالفأس والقدوم والمطرقة والقبان والمنوال وغير ذلك، إما (بملك أو إجارة) لهما من غيرهما، أو كان أحدهما يملك الآلة واستأجر صاحبه منه نصفها، فإن كانت الآلة من أحدهما دون الآخر لم يجز وأما لو أخرج كل منهما آلة تساوي آلة الآخر فإن أكرى كل منهما أو اشترى نصف آلة صاحبه بنصف آلة الآخر جاز؛ لأنه صدق عليه الاشتراك فيها، وإن لم يحصل شيء من ذلك ففي الجواز والمنع قولان: الأول لسحنون. والثاني ظاهر المدونة. لكن قال عياض: إن وقع مضى. ومثل للشركة في العمل بقوله: (كطبيبين اشتركا في الدواء
ــ
قوله: [وأجبر الشاري] إلخ: هو اسم فاعل من شرى، وأما المشتري فهو اسم فاعل اشترى، لأن الفعل يقال فيه شرى واشترى، وهذا شروع في شركة الجبر التي قضى فيها عمر - رضي الله عنه -، وقال بها مالك وأصحابه، وشروطها ستة: ثلاثة في الشيء المشترى: وهو أن يشتري بسوقه، وأن يكون شراؤه للتجارة، وأن تكون التجارة به في البلد. وثلاثة في المشرك - بالفتح - وهي: أن يكون حاضراً في السوق وقت الشراء، وأن يكون من تجار تلك السلعة التي بيعت بحضرته، وألا يتكلم. وقد أفادها المؤلف متناً وشرحاً.
قوله: [شرط في الجبر]: اعلم أن محل الجبر - إذا وجدت هذه الشروط - ما لم يبين المشتري للحاضرين من التجار أنه لا يشارك أحداً منهم، ومن شاء أن يزيد فليفعل، وإلا فليس لهم جبره. فهذا الشرط يزاد على الستة ومتى وجدت شروط الجبر لهم جبره ولو طال الأمر حيث كان ما اشترى باقياً كما استظهره بعضهم، وقل: يفصل فيه كالشفعة فلا جبر بعد السنة، وأشعر قول المصنف: وأجبر عليها إلخ أن المشتري لا يجبر الحاضرين على مشاركتهم له وهو كذلك عند عدم تكلمهم، وأما إن حضر والسوم وقالوا له: أشركنا فأجابهم: بنعم أو سكت فإنهم يجبرون على مشاركته إن طلب، كما أنه يجبر على مشاركتهم إن طلبوا.
قوله: [الداخل تحت التعريف]: أي في قوله أو على عمل إلخ.
قوله: [وجازت الشركة بالعمل]: أي وتسمى شركة أبدان أيضاً، وهذا أحد أقسام الشركة التي تقدمت لنا في الدخول، لأنه تقدم شركة الأموال وتحتها أقسام أربعة: المفاوضة، والعنان، والذمم، والجبر، ويأتي خامس وهو المضاربة التي هي القراض.
قوله: [ويجذف]: هكذا بالجيم أي يقذف بالمقذاف.
قوله: [بملك أو إجارة] إلخ: اعلم أن صور الخلاف ثلاثة: الأولى: إخراج كل واحد آلة مساوية لآلة الآخر ولم يستأجر كل واحد نصف آلة صاحبه.
والثانية: إخراج أحدهما الآلة كلها من عنده وأجر نصفها لصاحبه. والثالثة: إخراج كل آلة مساوية لآلة الآخر وإيجار كل منهما نصف آلته بنصف آلة صاحبة فالمعتمد في الصورة الأولى عدم الجواز، وفي الأخيرتين الجواز، وبقي ثلاث صور صاحبه؛ متفق على جوازها: كون الآلة مملوكة لهما معاً بشراء أو إرث، أو اكترياها معاً، أو أخرج كل آلة وباع نصف آلته بنصف آلة صاحبه. فقوله: بملك أو إجارة هاتان الصورتان متفق على جوازهما.
قوله: [أو كان أحدهما يملك الآلة] إلخ: هذه الصورة من محل الخلاف والمعتمد جوازها كما اقتصر عليه الشارح.
قوله: [لم يجز]: أي اتفاقاً إن يكن من الآخر استئجار لنصفها.
قوله: [جاز]: أي في صور الكراء على الراجح وفي صورة الشراء اتفاقاً.
قوله: [اشتركا في الدواء]: أي على التفصيل السابق وفاقاً وخلافاً، ولا يقال: حيث اشتراكا في الدواء كانت شركة أموال لا أبدان، وليس الكلام فيها لأننا نقول: الدواء تابع غير مقصود والمقصود، إنما هو التعاون