وتنفرد النيابة عن الوكالة في ذي إمرة نيب غيره في إمارة أو قضاء كذا ذكره بعضهم.
(ولا يجوز أكثر من) توكيل (واحد في خصومة) لما فيه من كثرة النزاع (إلا برضا الخصم) فيجوز الأكثر كما يجوز الواحد مطلقاً إلا لعداوة بين الوكيل والخصم لما فيه من الإضرار (كأن قاعده) أي قاعد خصمه عند الحاكم (ثلاثاً): أي ثلاث مجالس ولو في يوم واحد فليس له أن يوكل أحداً يخاصم عنه خصمه؛ لأن شأن الثلاثة مجالس انعقاد المقالات بينهما وظهور الحق، فالتوكيل حينئذ يوجب تجديد المنازعة وكثرة الشر (إلا لعذر) من مرض أو سفر فله حينئذ التوكيل. ومن العذر حلفه أن لا يخاصمه لكونه ألد الخصام، لا إن حلف لغير موجب.
(بما يدل عرفاً) متعلق بقوله: "نيابة في حق" وهذا هو الركن الرابع من أركانها.
والدال عرفاً أعم من أن يكون لفظاً أو غيره ككتابة أو إشارة قال بعضهم: أو عادة كتصرف الزوج لزوجته في مالها وهي عالمة ساكتة أو تصرف لإخوته كذلك فإنه محمول على التوكيل فيمضي فعله والقول قوله حتى يثبت المنع للمصرف من رب المال ولا بد من قبول الوكيل.
(لا بمجرد وكلتك) أو: أنت وكيلي، فإنه لا يفيد، وتكون وكالة باطلة وهو قول ابن بشير وقال ابن يونس: تفيد وتعم وعلى قول ابن بشير درج الشيخ.
ولذا قال: (بل حتى يفوض) للوكيل بأن يقول الموكل: وكلتك وكالة مفوضة أو في جميع أموري أو في كل شيء ونحو ذلك.
(أو يعين) له (بنص أو قرينة) في شيء خاص كنكاح أو بيع أو شراء لخاص أو عام.
(وله): أي الوكيل (في) توكيله على (البيع: طلب الثمن) من المشتري (وقبضه) منه لأنه من توابع البيع الذي وكل عليه.
(و) له (في) توكيله على (الشراء: قبض المبيع) من بائعه وتسليمه لموكله.
(و) له (رده) أي المبيع (بعيب) ظهر فيه (إن لم يعينه موكله) فإن عينه بأن قال له: اشتر لي هذه السلعة أو سلعة فلان الفلانية، فلا رد للوكيل بعيب ظهر فيها. وهذا في غير الوكيل المفوض وإلا فله الرد ولو عين له.
(وطولب) الوكيل (بالثمن) لسلعة اشتراها لموكله (وبالثمن) الذي باعه لموكله على بيعه (إلا أن يصرح) الوكيل (بالبراءة) من ذلك، بأن يقول: ولا أتولى دفع الثمن لك، أو لا أتولى دفع المثمن فلا يطالب وإنما يطالب بالثمن أو المثمن موكله.
وشبه في مفهوم (إلا أن كبعثني): أي كقوله لبائع: بعثني (فلان لتبيعه) كذا فباعه، فلا يطالب بالثمن، (بخلاف) بعثني (لأشتري له منك) كذا فيطالب الرسول إلا أن يعترف المرسل بأنه أرسله فليتبع أيهما شاء، كما في الحطاب عن التوضيح. والفرق بين هذه والتي قبلها: أنه في هذه أسند الشراء لنفسه وفيما قبلها أسنده لغيره، ولذا لو قال: لتبيعني، كان الطلب على الرسول.
ــ
المنوفي واختاره (بن) والأجهوري.
قوله: [وتنفرد النيابة عن الوكالة] إلخ: اعلم أنه اختلف، فقيل: إن النيابة مساوية للوكالة وهو لابن رشد وعياض، فكل ما صحت فيه النيابة تصح فيه الوكالة. وقيل: النيابة أعم فليس كل ما صحت فيه النيابة تصح فيه الوكالة كالإمرة كما قال الشارح.
قوله: [فليس له أن يوكل أحداً]: أي إلا برضاه.
قوله: [لأن شأن الثلاثة مجالس انعقاد المقالات]: ظاهره جواز التوكيل في أقل منها وهو مقتضى كلام المتيطي. لكن قال في المقدمات: المرتان كالثلاث على المشهور في المذهب كذا في (بن).
قوله: [لا إن حلف لغير موجب]: أي فلا يكون عذراً يبيح له التوكيل بل يتعين أن يخاصم بنفسه ويحنث في يمينه إلا أن يرضى خصمه بتوكيله.
قوله: [أو تصرف لإخوته كذلك]: أي كما قال ابن ناجي في ربع بين أخ وأخت، وكان الأخ يتولى كراءه وقبضه سنين متطاولة وادعى أنه كان يدفع لأخته ما يخصها في الكراء، فإن القول قوله لأنه وكيل بالعادة.
قوله: [وتكون وكالة باطلة]: أي في كل ما أبهم فيه الموكل عليه بخلاف أنت وصي فإنها صحيحة وتعم كل شيء.
قوله: [وقال ابن يونس تفيد وتعم]: أو ووافقه ابن رشد في المقدمات قال: وهو قولهم في الوكالة إن قصرت طالت وإن طالت قصرت، فعلى القول الأول فرق ابن شاس بينها وبين الوصية بوجهين.
أحدهما: العادة قال: لأنها تقتضي عند إطلاق لفظ الوصية التصرف في كل الأشياء ولا تقتضيه في الوكالة ويرجع إلى اللفظ وهو محتمل.
الثاني: أن الموكل مهيأ للتصرف فلا بد أن يبقي لنفسه شيئاً فيفتقر لتقرير ما أبقى والوصي لا تصرف له بعد الموت فلا يفتقر لتقريره. اهـ. (بن).
قوله: [وله أي للوكيل] إلخ: اللام بمعنى على لقول خليل في التوضيح لو سلم الوكيل المبيع ولم يقبض الثمن ضمنه. اهـ وهذا حيث لا عرف بعدم طلبه وإلا لم يلزمه بل ليس له حينئذ قبضه، ولا يبرأ المشتري بدفع الثمن إليه. قال المتيطي نقلاً عن أبي عمران: ولو كانت العادة عند الناس في الرباع أن وكيل البيع لا يقبض الثمن فإن المشتري لا يبرأ بالدفع للوكيل الذي باع، وإنما يحمل هذا على العادة الجارية بينهم. اهـ. (بن).
قوله: [قبض المبيع]: أي عليه أيضاً قبض المبيع حيث يجب عليه دفع الثمن وهو الذي لم يصرح بالبراءة من الثمن كما يأتي.
قوله: [وله رده]: قد علمت أن اللام بمعنى على أي يجب على الوكيل أن يرد المعيب إذا كان لا يعلم بالعيب حال شرائه ولم يكن ظاهراً لغير المتأمل وإلا فلا رد له، ويكون لازماً للوكيل إن لم يقبله الموكل.
قوله: [وشبه في مفهوم إلا]: هكذا نسخة المؤلف وصواب العبارة وشبه في مفهوم إلا أن يصرح