(أجيب) الوكيل لذلك. ولا ضرر (إن كانت قيمته) الآن لو بيع (قدرها): أي قدر التسمية أو القيمة (فأقل) إذ ليس للوكيل في ذلك نفع بل فعل معروفاً مع الموكل.
(فإن كانت قيمته الآن أكثر لم يجز الصبر ولا بد من بيع الدين)؛ لأن الموكل قد فسخ ما زاد على التسمية أو القيمة فيما بقي؛ كما لو أمره أن يبيعها بعشرة نقداً أو القيمة كذلك فباعها الوكيل بخمسة عشر إلى أجل، وقيمة الدين الآن لو بيع اثنا عشر، فإذا رضي بالصبر إلى الأجل فكأنه فسخ دينارين في خمسة إلى الأجل.
وقولنا: "إذ ليس للوكيل في ذلك نفع" ظاهر فيما إذا كانت قيمة الدين قدر التسمية أو القيمة لا أقل، فإن كانت أقل فالنفع للوكيل حاصل لأنه لو كان قيمة الدين الآن لو بيع ثمانية في المثال المتقدم كان فيه سلف من الوكيل جر نفعاً له، وبيانه أن الوكيل تلزمه التسمية عشرة وهي أكثر من قيمته الآن فإذا بيع الدين بقيمته ثمانية غرم تمام التسمية فيعطي التسمية الآن ليقبضها عند الأجل، فكأنه سلف موكله اثنين، فإذا جاء الأجل أخذ عنها عشرة؛ ثمانية منها في نظير قيمة الدين الآن والاثنان في نظير الاثنين السلف وفيه نفع له إذ لو بيع الدين الآن بثمانية لغرم الوكيل اثنين تمام التسمية ولا رجوع له بها؛ ولذا منع أشهب ما إذا كانت قيمته أقل ولم يراع ذلك ابن القاسم وأجازه كما ذكرنا، لأن البيع لا يكون إلا برضاهما فلا يتحقق السلف، فالبيع لا يلزم الوكيل بل إذا سأل الصبر وغرم التسمية أجيب وأجبر له الموكل ولا يتحقق له سلف إلا إذا لزمه البيع فتدبر.
(وإن أمرته): أي أمرت الوكيل أن يبيعها أي السلعة نقداً (فأسلمها في طعام، تعين الغرم) على الوكيل حالاً: أي غرم التسمية أو القيمة إذا لم تسم له ثمناً (إن فاتت) السلعة، وإلا فلربها ردها وله الإمضاء كما تقدم (واستؤني بالطعام) المسلم فيه (لأجله) ولا يباع قبله لما فيه من بيع الطعام قبل أجله (فبيع) الطعام بعد قبضه، فإن بيع بقدر التسمية أو القيمة فواضح (و) إن بيع بأقل (غرم) الوكيل (النقص) وقد كان دفعه، فالمعنى: لا رجوع له بما غرم أو لا بالزائد عما نقص من ثمن الطعام، (والزيادة) أن يبيع بأزيد من التسمية أو القيمة (لك) أيها الموكل لا للتوكيل المتعدى إذ لا ربح لأحد في مال غيره.
(وضمن) الوكيل ولو مفوضاً (إن أقبض) ديناً على موكله أو أقبض مبيعاً وكله على بيعه لمشتريه (ولم يشهد) على الإقباض حيث أنكره القابض أو مات أو غاب بعيداً أي: لم تقم له بينة عليه وإن لم يقصدها، وسواء جرت العادة بالإشهاد أو بعدمه
ــ
أو زاد عليهما، وإنما أخذ الموكل الزيادة لأن الوكيل متعد ولا ربح له.
قوله: [أجيب الوكيل]: أي أجابه الموكل جبراً عليه.
قوله: [أو القيمة كذلك]: أي بأن أمره أن يبيعها ولم يقيد، والقيمة بين الناس عشرة.
قوله: [فكأنه فسخ دينارين في خمسة]: أي أن الموكل ترك الآن الدينارين الزائدين في قيمة الدين لو بيع الآن للوكيل فلم يغرمه تمام الاثني عشر لأجل أن يأخذ خمسة عند الأجل، وهذا عين فسخ الدين في الدين.
قوله: [فكأنه سلف موكله اثنين]: المناسب أن يقول عشرة. قال في الحاشية: حاصله أن أشهب يقول: إذا كانت القيمة أقل من التسمية وسأل غرم التسمية والصبر ليقبضها فإنه لا يجوز لأنه سلف من الوكيل، أي أن الوكيل أسلف تلك العشر للموكل ويأخذ بدلها في المستقبل من الدين، وانتفع بإسقاط الدرهمين عنه اللذين كان يغرمهما على تقدير لو بيع الدين بثمانية فكان يغرم اثنين كمال العشرة التي هي التسمية فهي زيادة جاءته من أجل السلف. وحاصل الرد أنا لا نسلم أن تلك العشرة سلف إنما هو معروف صنعه إلا أنك خبير بأن كلام أشهب هو الظاهر. اهـ ملخصاً.
قوله: [في نظير قيمة الدين الآن]: المناسب أن يقول فيما مضى.
قوله: [في نظير الاثنين السلف]: أي باقي العشرة.
قوله: [فلا يتحقق السلف]: أي السلف لأجل النفع، وأما أصل السلف فهو محقق.
قوله: [ولا يتحقق سلف]: أي يجر له نفعاً.
قوله: [فتدبر] أمر بالتدبر لدقة التعاليل.
قوله: [قبل أجله]: أي المستلزم أمراً ممنوعاً وهو بيعه قبل قبضه.
قوله: [فالمعنى لا رجوع له]: هو معنى قول غيره استمر على غرمه.
قوله: [إذ لا ربح لأحد في مال غيره]: أي وقولهم إن من عليه الغرم له الغنم مفروض في مال تعلق بذمته، فإن ما هنا لم يتعلق بذمته إلا خصوص النقص لا جميع المال.
قوله: [وضمن الوكيل] إلخ: محل الضمان إن لم يكن الدفع بحضرة الموكل فإن كان بحضرته فلا ضمان على الوكيل بعد الإشهاد، ومصيبة ما أقبض على الموكل لتفريطه بعدم الإشهاد. بخلاف الضامن يدفع الدين بحضرة المضمون حيث أنكر رب الدين القبض فإن مصيبة ما دفع على الضامن ولا رجوع له به على المضمون، والفرق بين المسألتين حيث جعل الدافع في الأولى غير مفرط، وفي الثانية مفرطاً مع أن الدفع من كل بحضرة من عليه الدين أن ما يدفعه الوكيل مال الموكل، فكان على رب المال أن يشهد بخلاف الضامن فإن ما يدفع من مال نفسه فعليه الإشهاد فهو