للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونعته وقدره وجنسه بيمينه) إذا خالفه ربه (إن أشبه) في دعواه، أشبه ربه أم لا. (وإلا) يشبه (فلربه) القول (به) أي بيمينه. (فإن ظهر كذبه): أي كذب الغاصب في دعواه ما ذكر (فلربه الرجوع) عليه بما أخفاه.

(والمشتري منه): أي من الغاصب (ووارثه وموهوبه): أي الغاصب (إن علموا) بالغصب (كهو): أي كالغاصب، يجري فيهم ما جرى في الغاصب من ضمان المثلي بمثله والمقوم بقيمته، ويضمنوا الغلة والسماوي، لأنهم غصاب بعلمهم الغصب ويتبع رأيه [١] أيهما شاء. (وإلا) يعلموا (فالغلة للمشتري): لأنه صاحب شبهة لعدم العلم. والغلة لذي الشبه للحكم به لربه كما يأتي؛ ولا يرجع ربه بها على الغاصب لأنه لم يستعمل.

(ولا يضمن السماوي): أي لا يكون غريماً ثانياً للمالك بحيث يتبع أيهما شاء، بل الضمان فيه على الغاصب، أي ضمان قيمته يوم الغصب. وإن كان المشتري يضمن لبائعه الغاصب الثمن الذي اشتراه به. (بخلاف غيره): أي غير السماوي بأن جنى عليه عمداً أو خطأ فإنه يضمن اتفاقاً في العمد، وعلى أحد التأويلين في الخطأ. والثاني: أنه لا ضمان عليه فيه كالسماوي (لكن) عند عدم العلم إذا غرم في غير السماوي (يبدأ بالغاصب) عند وجوده موسراً أو تركته إن مات. (فإن تعذر) الرجوع على الغاصب (فالموهوب) له غير العالم بالغصب، يرجع عليه بمثل المثلي وقيمة المقوم وتعتبر القيمة يوم الجناية وأما الغاصب فيوم الغصب كما تقدم.

(ولا رجوع لغارم) من غاصب

ــ

الواجب على الغاصب إنما هو القيمة لا ذات المغصوب.

قوله: [ونعته]: أي فإذا غصب جارية وادعى هلاكها واختلف في صفاتها من كونها بيضاء أو سوداء فالقول قول الغاصب بيمينه إن أتى بما يشبه، وإلا فالقول لسيدها إن انفرد بالشبه، فإن تجاهلا الصفة فإن المغصوب يقدر من أدنى الجنس، ويغرم الغاصب قيمته على ذلك يوم الغصب، وإذا تجاهلا القدر أمرهما الحاكم بالصلح، فإن لم يصطلحا تركا حتى يصطلحا.

قوله: [وقدره]: أي من كيل أو وزن أو عدد، قال التتائي ربما يدخل في تخالفهما في القدر مسألتان.

الأولى: غاصب صرة ثم يلقيها في البحر مثلاً ولا يدري ما فيها؛ فالقول قول الغاصب بيمينه عند مالك، ابن ناجي وعليه الفتوى لإمكان معرفة ما فيه بعلم سابق أو بجسها، وقال مطرف وابن كنانة وأشهب: القول لربها إن ادعى ما يشبه وكان مثله يملكه؛ لأنه يدعي تحقيقاً والآخر يدعي تخميناً، وهذا ما لم يغب الغاصب عليها قبل ذلك وإلا فالقول قوله بيمينه من غير خلاف.

والمسألة الثانية: قول عبد الملك في قوم أغاروا على منزل رجل والناس ينظرون، فنهبوا ما فيه وشهدت الناس بالإغارة والنهب لا بأعيان المغصوب فلا يعطى المنتهب منه بيمينه وإن ادعى ما يشبه إلا ببينة، وقال ابن القاسم: القول قول المغار عليه مع يمينه إن أشبه وكان مثله يملك ذلك.

قوله: [فلربه القول]: الأوضح تقديم المبتدأ على الخبر. وكلامه صادق بصورتين: أن يشبه المغصوب منه، أو لا يشبه واحداً منهما.

قوله: [فلربه الرجوع عليه]: أي فإن كذب في الصفة أو القدر رجع عليه بزائد ما أخفاه والبيع صحيح وإن كذب في دعوى التلف أو الضياع نقض البيع من أصله ورجع في عين شيئه.

قوله: [إن علموا بالغصب]: قال (عب): المعتبر علم المشتري من الغاصب وعلم الناس في موهوب الغاصب كما لأبي عمران، وذكره التتائي، فيتبع وإن كان خلاف ظاهر قول المصنف؛ فإن ظاهره علم الموهوب له لا علم الناس، والفرق بين المشتري والموهوب له أن المشتري له شبهة بالمعاوضة فقوي جانبه.

قوله: [ويضمنوا الغلة]: منصوب بحذف النون عطف على "ضمان" من قوله: "من ضمان المثلي"، من باب عطف الفعل على اسم خالص فينصب الفعل بأن مضمرة جوازاً على حد قول الشاعر:

ولبس عباءة وتقر عيني ... أحب إلي من لبس الشفوف

قوله: [لذي الشبه]: هكذا نسخة المؤلف بالجمع، والمناسب الشبهة بالإفراد.

قوله: [لأنه لم يستعمل]: أي والغاصب لا يضمن الغلة إلا إذا حصلت له بتحريك أو بغير تحريك.

قوله: [ولا يضمن السماوي]: أي إذا كان مما يغاب عليه وثبت التلف ببينة أو كان مما لا يغاب عليه ولم يظهر كذبه، وأما إذا لم يثبت التلف ببينة في الأول، أو ظهر كذبه في الثاني فإنه يغرم القيمة لآخر رؤية.

قوله: [وإن كان المشتري يضمن لبائعه الغاصب الثمن]: إنما كان يضمن الثمن للبائع؛ لأن المشترى فاسداً يضمن بالقبض.

قوله: [أي غير السماوي]: ويحتمل عود الضمير على المشتري كما سيأتي.

قوله: [فإنه يضمن]: أي المشتري لغير العالم.

قوله: [وعلى أحد التأويلين في الخطأ]: إنما قيل بضمانه في الخطأ؛ لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء.

قوله: [لكن عند عدم العلم]: أي علم الموهوب له بدليل تفريعه عليه وسيأتي إيضاحه في الشرح.

وقوله: [في غير السماوي]: أي العمد والخطأ على التأويلين.

قوله: [أو تركته]: معطوف على "وجوده"، والمعنى: يبدأ بالأخذ من الغاصب إن كان حياً موسراً أو تركته إن كان ميتاً موسراً.


[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (ربه)، ولعلها الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>