(والغلة قبلها): أي قبل الشفعة أي الأخذ بها (للمشتري)؛ لأن الضمان منه والغلة بالضمان.
(وتحتم عقد كرائه): أي المشتري: أي كرائه الشقص قبل الأخذ بالشفعة فليس للشفيع فسخه (على الأرجح) من التردد. وعليه: (فالكراء له): أي للمشتري بعد الأخذ بالشفعة لا للشفيع، وهذا ظاهر فيما إذا كان وجيبة أو نقد المكري الكراء. وظاهره: ولو طالت المدة كعشرة أعوام وبه وقعت الفتوى؛ لأنها كعيب طرأ. وقيل: إن كانت المدة قليلة كالسنة والسنتين، لما في الطويلة من الضرر. ومقابل الأرجح: له فسخه مطلقاً، فإن أمضاه الشفيع فالأجرة في المستقبل له. قال بعضهم: والخلاف فيما إذا علم أن له شفيعاً وإلا فسخ له قطعاً.
(ولا يضمن) المشتري (نقصه): أي نقص الشقص إذا طرأ عليه بعد الشراء بلا سبب منه بل بسماوي، أو بسبب منه لمصلحة، كهدم لمصلحة من غير بناء، بدليل ما سيأتي. وسواء علم أن له شفيعاً أم لا، فإن هدم لا لمصلحة ضمن. فإن هدم وبنى فله قيمته على الشفيع قائماً لعدم تعديه. قال في المدونة: فإن بنى قيل للشفيع: خذه بجميع الثمن وقيمة ما عمر فيها، أشهب: وتعتبر يوم القيام وله قيمة النقص الأول منقوضاً يوم الشراء، فيقال: كم قيمة العرصة بلا بناء، وكم قيمة النقض؟ ثم يقسم الثمن على ذلك فإن وقع منه النقض - نصفه أو ثلثه - فهو الذي يحسب به للشفيع على المشتري ويحط عنه من الثمن ويغرم ما بقي مع قيمة البناء قائماً اهـ. وانظر الأجوبة عن السؤال الوارد هنا في كلام المصنف.
(وإن اختلفا): أي الشفيع والمشتري (في الثمن) الذي اشترى به الشقص فقال المشتري: بعشرة وقال الشفيع: بثمانية (فالقول للمشتري بيمين إن أشبه) أشبه الشفيع أم لا (وإلا) يشبه، بأن ادعى ما الشأن أن لا يكون ثمناً لذلك الشقص (فللشفيع) القول، أي: إن أشبه بدليل قوله: (وإن لم يشبها) معاً (حلفا): أي حلف كل على مقتضى دعواه، ورد دعوى صاحبه
ــ
أخذ نفس الشقص لنفسه فنقض ما بعده ظاهر.
قوله: [والغلة قبلها] إلخ: أي: فغلة الشقص الذي استغلها المشتري قبل الأخذ بالشفعة يفوز بها، ولو علم أن له شفيعاً كما يأتي وأنه يأخذ بالشفعة؛ لأنه مجوز لعدم أخذه فهو ذو شبهة.
قوله: [وتحتم عقد كرائه]: أي بناء على أن الأخذ بالشفعة بيع. ومن المعلوم أن من اشترى داراً مكتراة فلا ينفسخ كراؤها، والأجرة لبائعها ولا يقبضها المشتري إلا بعد مضي الكراء على ما أفاده الشارح.
قوله: [ومقابل الأرجح له فسخه] إلخ: أي بناء على أن الأخذ بالشفعة استحقاق، ومن المعلوم أن من استحق داراً فوجدها مكتراة كان له أخذها ونقض الكراء، ويرجع المكتري بأجرته على المكري، وله إمضاء الكراء، وتكون الأجرة له.
قوله: [قال بعضهم والخلاف] إلخ: قال (بن): هذا إذا علم المبتاع أن له شفيعاً، وإلا فلا يفسخ إلا في الوجيبة الطويلة، وأما فيما يتقارب كالسنة ونحوها فذلك نافذ؛ لأنه فعل ما كان له جائزاً.
قوله: [كهدم لمصلحة]: أي بأن هدم ليبني أو لأجل توسعة.
قوله: [بدليل ما سيأتي]: المناسب حذفه؛ لأن هذه العبارة لا تقال إلا إذا كان الآتي في المتن.
قوله: [لا لمصلحة]: أي بل عبثاً.
قوله: [ضمن]: أي فيحط عن الشفيع من الثمن بنسبة ما نقصته قيمة الشقص بالهدم عن قيمته سليماً سواء علم أن له شفيعاً أم لا، ولا يقال: كيف يضمنه مع أنه لم يتصرف إلا في ملكه؟ لأنه -لما أخذ الشفيع بشفعته- آل الأمر إلى أنه تصرف في غير ملكه.
قوله: [وله قيمة النقض]: أي للشفيع.
قوله: [فيقال كم قيمة العرصة بلا بناء]: فيقال خمسون مثلاً.
وقوله: [وكم قيمة النقض]: أي فيقال خمسون أيضاً.
قوله: [فهو الذي يحسب به للشفيع] إلخ: فلو كان الثمن في المثال مائة، وقيمة البناء قائماً ستون مثلاً فإنه يدفع قيمة البناء قائماً، وهو ستون وخمسون التي تنوب العرصة، ويسقط عنه ما يخص النقض من الثمن، وهو خمسون لا يطالب بها الشفيع لكون المشتري جعله في البيت مثلاً، فيصير الشفيع غارماً مائة وعشرة.
قوله: [وانظر الأجوبة عن السؤال]: إلخ: أي عن سؤال سأله بعض الأشياخ لمحمد بن المواز حيث كان يقرأ في جامع عمرو بن العاص فقال له السائل: كيف يمكن إحداث بناء في مشاع مع ثبوت الشفعة والحكم بقيمة البناء قائماً؟ لأن الشفيع إما أن يكون حاضراً ساكتاً عالماً فقد أسقط شفعته أو غائباً فالباني متعد في بنائه فليس له إلا قيمة بنائه منقوضاً، فمن الأجوبة: أن الأمر محمول على أن الشفيع كان غائباً، والعقار لشركائه فباع أحدهم حصته لشخص أجنبي وترك الحاضرون الأخذ بالشفعة وطلبوا المقاسمة مع المشتري، فقاسم وكيل الغائب الغير المفوض عنه أو القاضي بعد الاستقصاء وضرب الأجل، وذلك لا يسقط شفعة الغائب، فهدم المشتري وبنى ثم قدم الغائب فله الأخذ بالشفعة، ويدفع قيمة بناء المشتري قائماً؛ لأنه غير متعد.
ومنها: أن يترك الشفيع شفعته لإخبار من أخبره بكثرة الثمن، فلما هدم المشتري وبنى تبين الكذب في الثمن فإنه يستمر على شفعته ويدفع للمشتري قيمة البناء قائماً. والموضوع أن المخبر بكثرة الثمن غير المشتري وإلا فقيمة البناء