للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولنا: "دفع" قد يشير لذلك مع إخراج الدين ابتداء، وإن كان لا يخرج الدين صريحاً إلا بقوله: "مسلم".

ثم ذكر محترز بعض القيود المذكورة. فذكر محترز "نقد" بقوله: (لا بعرض) كعبد أو ثوب، وكذا مثلي غير نقد طعاماً كان أو غيره. فلا يجوز أن يكون رأس مال قراض، ولو ببلاد لا يوجد فيها النقد كالسودان ولا يجوز اعتبار قيمته رأس مال. فإن قال له: بعه واجعل ثمنه رأس مال فسيأتي النص عليه. وذكر محترز "مضروب" بقوله: (ولا تبر) ولا نقار فضة ولا سبيكة منهما، فلا يصح أن يكون رأس مال قراض (إلا أن يتعامل به): أي بالتبر ونحوه (فقط) ولم يوجد عندهم مسكوك يتعامل به (ببلده): أي في بلد القراض، فإنه يجوز حينئذ أن يكون رأس مال. ومفهوم: "فقط" أنه إن وجد مسكوك يتعامل به عندهم أيضاً لم يجز التبر ونحوه لوجود الأصل. (كفلوس): أي الجدد النحاس لا يجوز أن تكون قراضاً ولو تعومل بها، ولو في المحقرات؛ لأن القراض رخصة يقتصر فيها على ما ورد ويبقى ما عداه على الأصل من المنع. وذكر محترز: "مسلم" بقوله: (ولا بدين و) لا (برهن و) لا (وديعة) عند العامل أو غيره كأمين. فلا يجوز أن يكون واحد من هذه الثلاثة قراضاً، أما الدين فلأنه يتهم على أنه أخره ليزيده فيه، وأما الرهن والوديعة فقال ابن القاسم: لأني أخاف أن يكون أنفقها فصارت عليه ديناً انتهى. وكلامنا في المضروب، فيحتمل أن يكون أنفق ما عنده من رهن مسكوك أو وديعة، ثم تواطآ على التأخير بزيادة، وهذا ظاهر فيما إذا كانت تحت يد العامل، وأما لو كانت تحت يد أمين فقيل: علة المنع انتفاع رب المال الرهن أو الوديعة لتخلصهما من الأمين. ولا شك أنها علة ضعيفة فقول الشيخ: ولو بيده، صوابه قلب المبالغة - كما قال ابن غازي - بأن يقول: ولو بيد غيره، واعتراضهم على ابن غازي مما لا وجه له، فتدبر.

(و) لو وقع القراض بدين على العامل، بأن قال ربه: اجعل ما عليك من الدين قراضاً على أن الربح بيننا كذا (استمر) الدين (ديناً) على العامل يضمنه لربه ويختص العامل بالربح وعليه الخسر، ولا عبرة بما وقع منهما (إلا أن يقبض) الدين: بأن يقبضه ربه من المدين ثم يرده على أنه قراض ولو بالقرب (أو يحضر) لربه. (ويشهد عليه) بعدلين أو عدل وامرأتين: على أن هذا المال الذي أحضر هو ما علي من دين لفلان، ثم يدفعه له ربه قراضاً، فيجوز. وكذا الرهن والوديعة إذا قبضا أو أحضرا مع الإشهاد فإنه يجوز دفعهما قراضاً بالقياس الجلي على الدين، فإن لم يقبضا ولم يحضرا وقال ربهما له: اتجر بما عندك من رهن أو وديعة على أن الربح بيننا كذا قراضاً، فالربح لربهما وعليه الخسر وللعامل أجر مثله.

ــ

قوله: [قد يشير لذلك]: أي لما ذكر من عدم اشتراط التلفظ واللزوم حيث عبر بدفع.

قوله: [مع إخراج الدين]: أي بلفظ دفع.

قوله: [القيود المذكورة]: أي وهي ثمان: نقد مضروب مسلم معلوم لمن يتجر به بجزء معلوم من ربحه بصيغة.

قوله: [لا بعرض]: هذا محترز أول القيود.

قوله: [طعاماً كان أو غيره]: تعميم في المثلي غير النقد، وتقدم أن المثلي ما ضبطه كيل أو وزن أو عدد.

قوله: [ولو ببلاد لا يوجد فيها]: أي لأن القراض رخصة يقتصر فيها على ما ورد كما يأتي.

قوله: [فسيأتي النص عليه]: أي في قوله، وإن وكله على خلاص دين ... إلخ.

قوله: [ولو تعومل بها]: ظاهره ولو لم يوجد غيرها.

قوله: [يقتصر فيها على ما ورد]: في (بن) قال بعضهم: والظاهر في نحو هذا الجواز؛ لأن الدراهم والدنانير ليست مقصودة لذاتها حتى يمتنع بغيرها حيث انفرد التعامل به، بل هي مقصودة من حيث التنمية.

قوله: [على أنه أخره]: أي فيكون ربا.

قوله: [أن يكون أنفقها]: الضمير يعود على العين المرهونة أو المودعة.

قوله: [الرهن أو الوديعة]: بدل من المال.

قوله: [واعتراضهم على ابن غازي] إلخ: أي فقد اعترض شراح خليل على ابن غازي حيث اعترض على خليل في المبالغة بالوجه الذي قاله شارحنا، فوجهوا كلام خليل بأن انتفاع رب المال بتخليص العامل الرهن أو الوديعة أمر محقق، وأما احتمال اتفاق العين إن كانت تحت يد العامل فأمر متوهم فالمبالغة عليه صحيحة، وكلام ابن غازي تحامل، فوجه شارحنا كلام ابن غازي بما علمت.

قوله: [ولا عبرة بما وقع منهما]: أي لا يعتبر عقد القراض؛ لأن المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً.

قوله: [إلا أن يقبض الدين]: أي ولو بغير إشهاد.

قوله: [أن هذا المال الذي أحضر]: أي مع علم الشهود بقدره، وحينئذ يخرج بهذا الإحضار من الذمة إلى الأمانة.

قوله: [بالقياس الجلي على الدين]: أي لأن القبض أو الإحضار والإشهاد كاف في الدين مع أنه في الذمة، فكفاية ما ذكر فيما ليس في الذمة أولى، فهو قياس أحروي.

قوله: [فالربح لربهما] إلخ: إن قلت: ما الفرق بين تجارته بالدين قبل القبض والرهن والوديعة، حيث جعلتم الربح والخسر للعامل في الأول ولرب المال في الثاني؟ قلت: إن الدين لم ينتقل عن ذمة العامل ومن عليه الضمان

<<  <  ج: ص:  >  >>